{ رداً على ما تناولته صحيفة"الحياة"في عددها"17891"، بتاريخ"29 آذار مارس 2012"، في ما يتعلق بقضية راعي الغنم الذي أُحتجز 18 عاماً، وإحالة كفيله المدعي عليه إلى المحكمة. إذا صح القول بما جاء في حيثيات الواقعة، فقد تكون مدخلاً للتمعن والتفكير في معالجة وضع العمالة الوافدة، إنني أتخيل ذلك العامل وقد أخذ طريقه سائحاً على وجهه ناشداً العدالة، أتخيله وأتذكر قول بشار: "إذا أنكرتني بلدة أو أنكرتها خرجت مع البازي عليّ سوادُ" الإنسان إذا تعرض إلى غَلبة الآخرين عليه، وهو على حق وصعب عليه أن يجد من يناصره ويأخذ بحقه، فقد يشعر بالقهر، والرسول"صلى الله عليه وسلم"استعاذ من قهر الرجال... وجاء عنه"اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، الآن وبعد 1400 عام تنبه المشرعون والقائمون على وضع ميثاق حقوق الإنسان إلى ما عجزوا عن بلورته في قوانينهم الوضعية، التي لم تحدد الضمانات اللازمة لحمايتها من الانتهاك من أفراد ومجتمعات، فقد تأكدوا أن الإسلام راعى حقوق الإنسان، ووجدوا في كلام النبي محمد أبلغ تشريع حقوقي، فقد نظروا في محتواه فوجدوا بعد غايته يبقى حتمية تطبيقه في المجتمعات المعاصرة حتى تتحقق العدالة وحقوق الإنسان. الدنيا اختبار وساحة صراع بين الخير والشر، لا تغتر إلا السفهاء، ولا تشُغل إلا الأوغاد، ولا تغري إلا المارقين... وخيرها يكمن في نصرتها للحق، ونصرة القائمين عليه... أما إذا تغلبت المطامع الدنيوية وأصبحت مدخلاً إلى قهر آخرين، وفكّر المتأثرون بمطامعها في تعطيل ميزان العدل في الأرض، فإن ذلك لا يدوم، إذ إن عدالة السماء لم تغفل، وأن الله يمهل ولا يهمل، كما جاء عن رب العالمين في الحديث القدسي"أنا خصم من أستأجر أجيراً ولم يعطه أجره"، كما نهى رسول الله عن الظلم بقوله"اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". لقد سخر الله عباده بعضهم لبعض، سخر الفقير للغني، وسخر الغني للفقير، وسخر العامل لصاحب العمل، وسخر صاحب العمل لذلك العامل، ذلك يقدم جهده وطاقته، وذاك يقدم ماله، وبينهما قاسم مشترك يحدد بُعد المعنى ومغزى العلاقة الإنسانية بينهما، من خلال اعتراف واحتفاظ كل للآخر بدوره قبولاً وتعايشاً من دون انتهاك وتقصير للحقوق... إن العامل الذي ينال حقه كاملاً وهو راضٍ عنه سوف يحس بسعادة وطمأنينة، ويتفانى في أدائه، ومن ثم يعمل على تطوير نفسه، ويصبح بعد ذلك رأسمال لصاحب العمل وللمجتمع... وعلى العكس إذا لم ينل حقه، ويشعر بالضيم والقهر، فسوف يحس بالتعب والإحباط، ويتولد عنده اكتئاب، سيترتب على ذلك مردود سلبي على نفسيته وأدائه، ويصبح ناقماً على كل شيء، على نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه، وقد لا يسلم ذلك المجتمع من تبعية مخزونه القهري. جميل أن يكون بين صحافتنا ووسائل إعلامنا مثل"الحياة"، التي تسعى جاهدة إلى ترجمة مفهوم"الإعلام رأي عام ومرآة عاكسة"، فهي تقوم في نقل معاناة وهموم الإنسان، ومشكلات المجتمع بكثير من الموضوعية... إنها رسالة ليست سهلة، وفيها ما فيها من متاعب لا يتحملها ويقوم بأدائها إلا المخلصون الغيورون على مجتمعهم وأمتهم. الاسترشاد بالدين الحنيف، والرجوع إلى الحق، مدخلان للمعالجات الصحيحة ولبناء مجتمع، الجميع فيه يُولونه الولاء والانتماء وبذل المزيد من العطاء. أبكر حمادي - كندا - فكتوريا [email protected]