في مقدمة كتابه"مشاعر مدفونة في صحراء نجد"يقول الدكتور أحمد الطويل:"المجتمع النجدي، كما هو كل مجتمع، له أسبابه في ضعف المشاعر وخبو العواطف، ولأنني أحد أبنائه، ونالني من الحرمان ما نال أقراني. فأحببت أن أشارك في مناقشة هذه الظاهرة التي تفقد المجتمع جمال التواصل". صدر الكتاب عن دار وهج الحياة للنشر والتوزيع، وجاء في 146 صفحة من القطع الوسط ، ضم بين دفتيه فيضاً من مشاعر العشق والحب والعواطف، مرافقة للكم الهائل من حالات الكبت والحرمان في نجد أو في صحراء نجد، تلك المساحة القاسية والجافة والتي ازدادت قسوة في وجود أحكام العادات والتقاليد الطاغية، بشكل لا تدع مجالاً للقلب أن يحلق عالياً بل ويجعله كظل يرتطم بالموروث وتنعدم المشاعر. تناول المؤلف في كتابه هذا تأثير ثقافة العار في ثقافة التعبير الطبيعي عن العواطف في قلب الرجل، في حين أن الدين رأى الأمر محموداً ليس بعيداً عن أصوله، إلا أن الثقافة السائدة في الموروث النجدي طغت على كل شيء. وإذ يرى الدكتور الطويل أننا كبشر في حاجة ماسة إلى الحب وتبادل العواطف في ما بين الرجل والأنثى مهما كانت التجليات، ويرى أن ساكن الصحراء عادة ليس قاسياً ولا يفتقر إلى المشاعر والأحاسيس، بل يرى أن التعبير والبوح علامتان من علامات الضعف وأحد مصادر النقص في شخصيته. يثير الدكتور أحمد الطويل مسائل عالقة للنقاش في محاولة لنجاة ساكن صحراء نجد من الغرق في كبته، وما هذا الكتاب إلا حديث عن كينونة الإنسان وعاطفته، وأسباب موت المشاعر وجفافها حتى تتحول إلى ما يشبه الرمال. ما هذا الكتاب سوى لوحات في العاطفة الإنسانية يتلمس القارئ منها ما يعيد لروحه طبيعتها ورقة الإحساس لقلبه، هو ارتقاء للحب والخير والجمال مجتمعة. يحاول الدكتور الطويل أن يبين الأخطاء ويعالجها ولا يود أن ننصاع لما كتبه لنا الغير من اختبارات قاسية لمشاعرنا، وأن لا ندع مجالاً للظواهر السلبية كي تفكك ذواتنا ومجتمعنا النجدي الصحراوي، والتي بدورها ستؤدي إلى إضعاف الانتماء بين الأفراد. هذا الكتاب، الذي يمكن وصفه بالرائع رسالة نقية كُتبت بصدق، لتخلق عند القارئ أملاً وهدوءاً في التعامل مع الذات للارتقاء بها، وليكون بعدها الشخص راقياً وفاعلاً في مجتمعه، من دون عقد أو حواجز تكسّر مشاعره أمام عينيه من دون أن يستطيع تحريك ساكناً.