أكّد المحامي حمد جمعان المالكي أنه يقصد بمصطلح تسبيب الأحكام قيام القاضي بتوضيح الأسباب التي بني عليها حكمه، وذلك في منطوق صك الحكم. وأضاف:"أن المادة 164 من نظام المرافعات الشرعية أوجبت تسبيب الحكم، ويشكّل الإخلال بذلك خطأً جوهرياً في الموضوع، يصم الصك بعيب القصور في التسبيب". ولفت إلى أن هذا العيب يعد من أهم مطاعن الحكم،"والحكمة من وجوب التسبيب تكمن في ظهور الدلالة الكافية على قيام القاضي بالاطلاع على وقائع الدعوى وجميع ما يقدم فيها من مستندات، واستخلاص الوقائع الصحيحة من الوقائع الكاذبة، وإعطائها التكييف الشرعي والنظامي المناسب لها، وإنزال الحكم الشرعي الموافق لها". وأشار إلى أن التسبيب يمكّن المحكمة التي تنظر في الطعن من الرقابة على الحكم، كما ويعطي لأطراف الخصومة فرصة مناقشة الأسباب التي بني عليها الحكم، والرد عليها أو نفيها أمام المحكمة الأعلى درجة من خلال اللائحة الاستئنافية التي تُقدّم للطعن في الحكم، إضافة إلى أنها تعطي للدارسين والباحثين في علم القضاء الفرصة المناسبة لمعرفة كيفية استنباط الأحكام وبنائها. وحول خلو بعض الأحكام القضائية من التسبيب، قال المحامي المالكي إن ذلك يعود إلى صياغة الأحكام القضائية في السابق، والتي صيغت بطريقه تخلو من إيضاح الأسباب إلا فيما ندر، مشيراً إلى أنه لا يعرف أسباباً منطقية لذلك، إلا أنه يعتقد أن ذلك يعود إلى منهجية صياغة الأحكام القضائية في السعودية بالمحاكم التي تتبع لوزارة العدل، والذي ولَّدَ ما يمكن أن نسميه ب"العرف القضائي في صياغة الأحكام"، على خلاف صياغة الأحكام القضائية في المحاكم التي تتبع ل"ديوان المظالم"، إذ كان الاهتمام بالصياغة والتسبيب منهجاً واضحاً في أغلب أحكام الدوائر بديوان المظالم، خصوصاً في الدوائر الإدارية، إذ يستمتع القارئ للحكم بجمال الصياغة وروعة التسبيب وقوّته، والتأصيل الشرعي والفقهي والقانوني، واستناد الحكم إلى نصوص شرعية أو نظامية تعزز من قوة الحكم، وأحياناً تضعف من حجج الطاعن في الحكم. أما المحامي عبيد العيافي فاعتبر تسبيب الأحكام القضائية من أهم عناصر تماسك الأحكام وعدالتها، مشيراً إلى أنه لا يمكن تصور حكمٍ قضائي من دون تسبيبٍ منطقي وقانوني لعلاقة الوقائع التي تنظرها بالقواعد، والنصوص النظامية التي تطبقها على تلك الوقائع. وأوضح أن للتسبيب فوائد عدة، إذ إنه يشكل للقاضي في محكمة الدرجة الأولى دافعاً قوياً للاجتهاد في البحث عن الحكم الصواب، وفحص البينات والدفوع، لأنه يعلم مسبقا ًرقابة محكمة عليا أخرى على حكمه، إضافةً إلى أنه سيحث القضاة على تسبيب الأحكام، والمنصوص عليه في المادة 164 من نظام المرافعات الشرعية، ولائحته التنفيذية، ما يعني قيام القاضي بتوضيح الأسباب التي بُني عليها حكمه، وذلك في منطوق صك الحكم، لافتاً إلى أنه يخلق ثقةً كبيرةً ورضاً في نفوس المتقاضين بأحكام القضاة، ويتيح للخصوم تدارك ما وقعوا فيه من أخطاءٍ وضعفٍ أثناء مرافعتهم.