الحديث عن حارس مرمى شالكه ومنتخب ألمانيا لكرة القدم مانويل نوير لا يتأثر مطلقاً بالأداء الذي ظهر عليه شالكه في دوري أبطال أوروبا، خصوصاً أنه قلب التوقعات وأسقط حامل اللقب إنتر ميلان في الدور ربع النهائي، قبل أن يبلغ"مربع الذهب"ويواجه مانشستر يونايتد. وهذا"التألق"يختلف طبعاً عما يقدمه الفريق في الدوري الألماني ال"بوندسليغه"المركز العاشر، وكان وصيف بطل الموسم الماضي. فالحارس الفذ يبدو نسيج ذاته مهما كان مستوى أداء"التشكيلة الزرقاء"، وهذا ما ظهر تحديداً في ذهاب نصف النهائي الأوروبي أمام مانشستر يونايتد، إذ بدا نوير 25 سنة فريقاً بحد ذاته، أنقذ مرماه ما أمكن من صواعق يونايتد، إذ صدّ أكثر من 80 في المئة من التسديدات المباشرة وإلتقط الكرات العالية كلها، ما حدا بالتالي بمدرب مانشستر السير أليكس فيرغوسون إلى القول:" قد يكون الأداء الأفضل لأي حارس واجهه فريقي خلال 25 عاماً، لقد أذهلني خصوصاً أنه حرمنا من التقدم مبكراً". وأوضح فيرغوسون، الذي يتولّى مقدرات"الشياطين الحمر"منذ عام 1986،"كان خارقاً فعلاً"، وتمنى في قرارة نفسه لو يستطيع ضمه إلى تشكيلته للحلول بدلاً من حارسه المخضرم الهولندي أدوين فان در سار المعتزل في نهاية الموسم، لكن"أعتقد أننا نعلم أنه ذاهب إلى بايرن ميونيخ". وكان نوير فتح الباب أمام إمكان إنتقاله إلى النادي البافاري عندما أعلن شالكه رسمياً أن حارسه لن يجدد عقده الممتد حتى حزيران يونيو عام 2012. وأكد شالكه في بيان رسمي أن نوير"أبلغ المسؤولين في النادي خلال إجتماع شخصي معهم أخيراً بعدم رغبته تمديد عقده". وأضاف البيان نقلاً عن نوير قوله:"إتخذت هذا القرار من دون أي تأثير خارجي". وأبدى بايرن إستعداده لدفع 20 مليون يورو للحصول على خدمات نوير في نهاية الموسم الحالي. وأكد المدير الرياضي كريستيان نيرلينغر السعي"لحسم الموضوع في أسرع وقت". وفي محاولة لإقناعه بالبقاء في صفوف النادي، عرض شالكه على حارسه الدولي 21 مليون يورو على مدى 3 سنوات. وقال الرئيس التنفيذي للنادي كليمنس تونيز:"يعتبر مانويل نوير وجه شالكه، وسنقوم بكل ما في وسعنا للاحتفاظ به". ويتقاضى نوير حالياً مليوني يورو سنوياً، لكن شالكه عرض عليه رفع أجره إلى 7 ملايين يورو. وهو صرّح لمجلة"كيكر"أن اللعب في غير بطولة ألمانيا ليس بالضرورة واجباً إلزامياً للاعب محترف. وقال:"أستطيع التوجه إلى الخارج مرتين في السنة خلال عطلتي الشتاء والصيف". وتساءل:"لكن هل اللعب في الخارج هو واجب على لاعب محترف؟. البعض موافق على هذا الرأي، لكن بالنسبة الي لا أجد ضرورة في ذلك". وأكد نوير من جهة أخرى رغبته في إحراز لقب الدوري الألماني يوماً ما، وقال:"أريد مهما كلّف الأمر الفوز ببطولة الدوري مرة واحدة خلال مسيرتي، فأنا أدافع عن ألوان المنتخب وألعب هنا، فلذلك أريد أن أفوز باللقب الوطني الأهم". ويذكر أن مساعي بايرن ميونيخ لضمّ نوير تلقى معارضة من أنصار للفريق، علماً أنه جدد قبل أيام عقد حارسه المخضرم هانز يورغ بات 36 سنة. وأعرب أنصار بايرن عن رفضهم لنوير خلال المباراة أمام بوروسيا مونشنغلادباخ 1- صفر في الدوري. فقد رفع المشجعون الذين تواجدوا في المدرج الجنوبي لملعب"أليانز أرينا"يافطات تعترض على خطة التعاقد مع نوير، وتهاجم رئيس مجلس المراقبة في النادي أولي هونيس، وقصدوه بإحدى اليافطات شخصياً، إذ كتبوا عليها:"نوير بالنسبة لنا كدوم بالنسبة لك"، في إشارة إلى المدرب كريستوف دوم الذي يعتبر"العدو"اللدود لهونيس. ويرى هذا القسم من الجمهور أنه من المستحيل التعاقد مع نوير، ومن غير المقبول أن يرتدي الأخير قميص بايرن ميونيخ حتى وإن كان أفضل حارس في ألمانيا، ذلك لأنه دافع عن ألوان شالكه الذي يُعتبر غريماً للنادي البافاري. ولا يزال جمهور بايرن يتذكّر المباراة التي جمعت فريقه بشالكه في نيسان أبريل 2009 عندما إحتفل نوير بطريقة هستيرية بالهدف الذي سجله فريقه في مرمى النادي البافاري 1- صفر على ملعب"أليانز أرينا". جبل الجليد ينهي نوير التدريب أو المباريات ويقصد المقهى ليجالس أصدقاؤه. لا تفارق الابتسامة ثغره وهو يجيب على أسئلة المعجبين. وبتهذيب فائق يتحاشى الحديث عن أدائه باعتبار أن"كرة القدم لعبة جماعية، نربح كلنا أو نخسر كلنا كفريق". تميّز نوير في المونديال الأخير، وأثار تقدير الناخب يواكيم لوف بفضل أعصابه الفولاذية، إذ يترك أمام متابعه إنطباعاً أن ما يدور حوله لا يؤثر به ولا يشتت تركيزه. ولد نوير في مدينة غيلسنكيرشن، معقل شالكه، وإنتسب إلى ناديها في الرابعة من عمره. وكان معجباً بيانس ليمان حارس"المانشافت"1988 - 1998. وإلى أن أصبح محترفاً لم يغب عن نشاطات نادي المعجبين في النادي، وكان ضمن الفريق الذي تولّى إلتقاط الكرات في نهائي دوري أبطال أوروبا الذي احتضنه ستاد غيلسنكيرشن يوم 26 أيار 2004، وشهد فوز أف سي بورتو بقيادة جوزيه مورينيو على موناكو 3 - صفر. كما دأب نوير على الجلوس وزملائه في المدرجات يشجعون فريق شالكه الأول ويؤازرونه، إلى أن لعب القدر لعبته. ففي تشرين الثاني نوفمبر 2009، إنتحر الحارس الدولي روبرت أنكه. ثم أصيب الحارس الثاني رينيه أدلر حارس ليفركوزن في أيار 2010 ولم يعد قادراً على الدفاع عن ألوان ألمانيا في مونديال جنوب أفريقيا. فأضحى نوير"الخيار الثالث"الذي أضحى أول. لكن الصدفة الايجابية والفرصة الذهبية لا تنفيان مطلقاً إجتهاد حارس يعتني بالتفاصيل إلى أبعد حد خلال الحصص التدريبية.