يبدو أن حظ الأهلي العاثر وسوء الطالع الذي لازمه في التعاقد مع بعض المحترفين الأجانب في الأعوام الأخيرة سينتقل هذه المرة إلى المدربين والمديرين الفنيين ولكن بطريقة عكسية، إذ يجلب مسيرو النادي أفضل وأبرز وأشهر المدربين الأجانب في العالم بملايين الدولارات، وعندما يبدأ الفريق الكروي في الاستقرار الفني وتتحسن نتائجه وتتطور قدرات لاعبيه، يفاجأ أنصار وعشاق ومحبو القلعة برحيل هؤلاء المدربين إلى وجهات تدريبية مختلفة لأسباب غامضة وأعذار غير مقنعة، ويدخل النادي في دوامة كبيرة وأزمة حقيقية تحتاج لأسابيع عدة وربما لأشهر حتى يخرج منها بالتعاقد مع مدرب بديل كفؤ ناجح يعوض رحيل من سبقه من المدربين البارزين. وعانى الأهلي من هذه المشكلة الغريبة والقضية العجيبة منذ العام الماضي تحديداً، وشرب من نفس الكأس في هذا العام على رغم وجود هامات وقامات رياضية كبيرة لها مكانتها وثقلها في الوطن الرياضي العربي، يتقدمها قلب الأهلي النابض الأمير العاشق خالد بن عبدالله الذي يدفع سنوياً من جيبه الخاص الملايين، ويقف مع النادي في كل صغيرة وكبيرة، ويتعامل بشكل راقٍ مع الأجهزة الفنية التي يستقدمها النادي، ووجود الرئيس الحماسي الغيور على ناديه الأمير فهد بن خالد الذي بذل من الجهد الشيء الكثير، ولكن الطيبة الزائدة والثقة العالية لم تجدِ نفعاً مع هذه العينة من المدربين، لتتكالب الظروف القاسية على قلعة الكؤوس، ويرحل المدربون تباعاً بشكل غريب، ما رسم أكثر من علامة استفهام لدى جماهير الراقي الكبيرة خصوصاً والشارع الرياضي السعودي عموماً. وذاق الأهلي الأمرين في نهاية الموسم الرياضي الماضي بعد تأكد رحيل المدرب البرازيلي فارياس إلى نادي الوصل الإماراتي، وهو الذي جلبه النادي بعد جهد شاق وسلسلة من المفاوضات الشائكة عقب قيادته لنادي بوهانغ ستيلرز الكوري إلى تحقيق لقب دور أبطال آسيا في النسخة قبل الأخيرة، وكم فرح الأهلاويون بالتعاقد مع هذا المدرب، وزاد الفرح بعد توصيته بجلب الثنائي البرازيلي المحترف فيكتور سيموس وماسينهو اللذين برزا بشكل لافت مع القلعة في العام الماضي، ولكن المفاجأة غير السارة عندما أعلن نادي الوصل الإماراتي تعاقده مع فارياس الذي كان قد رسم مع إدارة الأهلي برنامجه الإعدادي في فترة الصيف، ليدخل النادي في أزمة كبيرة وفراغ فني لم يكن على الحسبان، ولتدارك الموقف وضيق عامل الوقت تم التعاقد مع المدرب النروجي سوليد الذي قاد الفريق إلى سلسلة من النتائج الضعيفة والهزيلة، وتخبط بالفريق كيفما شاء، لتتم إقالته ويدفع النادي ثمن رحيل فارياس في نهاية الموسم الكروي. وتحرك رجال القلعة في كل الاتجاهات، وبذلوا جهداً خرافياً لجلب مدرب عالمي يُنسي الجماهير الأهلاوية أيام سوليد الحزينة، وتم التعاقد مع المدرب الصربي ميلوفان رايفيتش الذي حقق نجاحات قياسية مع منتخب غانا في مونديال كأس العالم الأخير في جنوب أفريقيا، وحضر المدرب الجديد وتحسنت النتائج وعادت الثقة لأنصار القلعة، وأصبح الفريق يحقق الانتصارات بشكل متواصل في دوري زين السعودي، وكاد الأهلي يتجاوز موقعة الهلال في الدور ربع النهائي من بطولة كأس ولي العهد، ولكن الحظ لم يبتسم للاعبي الفريق في آخر ثلاث ركلات ترجيحية، ليخرج الفريق من المسابقة، وتأتي الضربة القاضية عندما أعلن المدرب ميلوفان استقالته من تدريب الفريق لظروف عائلية عبر خطاب وجهه لإدارة النادي، مبدياً استعداده لدفع الشرط الجزائي المقدر ب500 ألف يورو، ولكن المدرب فاجأ الجميع برحيله إلى دولة قطر لتدريب المنتخب القطري في الفترة المقبلة بعدما تعرض للإغراء من القطريين، لتنسف بذلك لهفة المال استقرار القلعة، وتتسبب في رحيل المدربين المميزين الذين لم يحترموا تاريخهم التدريبي ولم يكترثوا بمشاعر مسيري النادي وجماهيره الكبيرة في كل مكان.