فيما قرعت حادثة حريق مجمع مدارس براعم الوطن في مدينة جدة جرس الإنذار لدى المدارس الحكومية والأهلية، والتي عكفت بعدها على إعادة النظر في خطط إجراءات إخلائها تحسباً لحدوث كارثة مشابهة بإجراء الكثير من التجارب الافتراضية للتأكد من مدى فعاليتها، إلا أن التعامل الخاص بهذه الخطط يبقى أكثر صعوبة في مدارس التربية الخاصة والمعاهد الفكرية، نظير المعاناة في إيصال المعلومة بشكل سريع ودقيق لمنسوبي تلك المؤسسات، لا سيما مع تعدد الإعاقات واختلاف طرق وأساليب التواصل مع المعوقين، وبالتالي تكون إجراءات خطط الإخلاء أكثر اختلافاً من غيرها في المدارس العادية. ويعد معهد التربية الفكرية للبنين في جدة أكثر الجهات حاجة للتنوع في أساليب شرح خطط الإخلاء لمرتاديه، وفقاً لمديره صالح الغامدي الذي أوضح أن المعهد يملك خططاً فعالة عند حدوث أي كارثة لا سمح الله، وقال:"لدينا خطة مقسمة على الزملاء في المعهد بحيث يعرف كل فرد واجبه حين وقوع أي كارثة، وأن جميع من يعمل في المعهد متدرب على خطط الإخلاء، إذ قمنا بتدريبهم على هذه الناحية بما في ذلك العمالة"، لافتاً إلى وجود مخرج طوارئ في كل فصل دراسي سهل الفتح للطالب المعوق، وأن الأمر في المعهد مطمئن جداً. من جانبه، أكد مسؤول الأمن والسلامة عيسى الصيني أن خطط المعهد الفكري للتعامل مع كوارث الحرائق واضحة لجميع الطلاب بمختلف إعاقاتهم، وتابع:"ظللنا نقوم بإيضاح خطط الإخلاء للطلاب في شكل واضح ومفهوم يتناسب مع قدراتهم العقلية والفكرية"، مشيراً إلى أنه توجد خمس نقاط للتجمع في المعهد. وعن الإجراءات المتخذة في جانب الأمن والسلامة وأصعب الفئات تعاملاً، قال:"أي طالب في معهد التربية الفكرية لا يتجول بمفرده بل لديه من يرافقه دائماً، كما أن نقاط تجوله محدودة جداً، أما الفئات صعب التعامل معها فهم معاقو التوحد الذين يمثلون أصعب الفئات تعلماً وتعاملاً، ما أجبرنا على تطبيق برنامج"بكس لتعليم التوحديين"، إذ من خلاله توضح مبادئ الأمن والسلامة من طريق تصوير البطاقات التي من خلالها نتواصل مع طلاب هذه الفئة ونشرح لهم كيف تكون خطة الإخلاء في حال الكوارث". وكأمر احترازي، أشار الصيني إلى أن المعهد يطلع في شكل يومي على أخبار الطقس لمعرفة حال الأجواء، مطالباً بتطبيق شهادة الأيزو على المعاهد، وذلك للحفاظ على استمرار عملية التطوير في كل الجوانب التي تقدمها. والحال لا تختلف كثيراً في معهد الأمل لطلاب الإعاقة السمعية في جدة، إذ شدد مسؤول الأمن والسلامة فيه عبدالله الغامدي اهتمام معهده بخطط الإخلاء وتنظيمها بالشكل المطلوب، وأردف:"يعتمد طلابنا على النظر لذلك تجد لديهم قوة ملاحظة فائقة، لذا فإننا نستخدم إضافة إلى جرس الإنذار مرتفع الصوت الضوء الأحمر الصادر منه لكي يراه الطلاب وينتبهوا للخطر بشكل سريع". وأوضح أن المعهد استعان بشركة لتقديم دورات للمعلمين في إنهاء خطر الحرائق وكيفية التعامل معها، وكذلك التدرب على استخدام الطفايات، مضيفاً"نجري في كل عام أربع تجارب لخطط الإخلاء"، مشيراً إلى أن المعلمين في المعهد حاصلون على دورات من وزارة الصحة، واستطرد:"بالتعاون مع وزارة الصحة والهلال الأحمر السعودي تم تدريب معلمي المعهد على دورات في الإسعافات الأولية وكذلك إنعاش القلب الرئوي، ويتم تحديث معلوماتهم الطبية باستمرار"، مفيداً أنه يوجد في المبنى الدراسي الواحد تسعة خراطيم للمياه و14 طفاية حريق كما يوجد في كل فصل دراسي وفي جميع الممرات جهاز كاشف للدخان. وبالنسبة لبرنامج النور المطبق في المدارس، فلديه الوسائل والطرق الخاصة التي تتناسب مع المكفوفين، ووفقاً لمدير المدرسة السادسة النموذجية أحمد الغامدي أن المكفوفين لهم مخرج خاص بهم وكذلك تم توزيع مسؤولية الفصول على معلميهم، فكل معلم مسؤول عن فصلين لا يزيد الواحد منهما على أربعة طلاب، وقال:"بما يخص الطلاب فقد تم تدريبهم وتوضيح خطة الإخلاء لهم عبر لغة"برايل"وذلك لمعرفة الاتجاهات ومن ثم يتم تطبيق عملية الإخلاء بعد استيعابهم لها عملياً"، مؤكداً أن هناك علامة على أرضية المدرسة عبارة عن خط رصاصي ترشد الطلاب المكفوفين إلى الفصول وإلى مخارج الطوارئ يستطيع أن يتحسسه الطالب من خلال سيره عليه فهو يرشده إلى مقصده من دون أي مساعدة من أحد، كما يتم في الوقت نفسه تدريب الطالب الكفيف في شكل دوري على خطة الأخلاء لكي يتعود ولا يصاب بالربكة عند حدوث الكارثة لا سمح الله. من جهته، أكد معلم التربية البدنية ومدرب في الاتجاهات وفن الحركة صالح الغامدي أن الطالب يلقى تدريباً لكي يستطيع تحديد الاتجاهات والتجول في الشارع وكذلك الأسواق من دون أي مساعدة، إذ يعتمد هذا البرنامج على تعليم الطالب لتشكيل خريطة ذهنية في عقله يرسم فيها كل المواقع التي يريد الذهاب إليها وكذلك كيفية التوصل إليها. من جهته وصف عضو جمعية حقوق الإنسان رئيس الجمعية السعودية لرعاية الطفولة الواقع الذي يعيشه طفل ذوي الاحتياجات الخاصة ب"المرير"، ويحتاج إلى إعمال للجهد المدني والرسمي وكذلك إيجاد شراكات مع الجهات المدنية والخيرية والرسمية كافة. وقال ل"الحياة":"هناك انتهاكات كثيرة يعيشها واقع حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما من الناحية التعليمية التي ضمنتها كل الأعراف والاتفاقات الدولية لهذه الفئة"، لافتاً إلى فقدان مدارسنا للوسائل التي تذلل للمعوق الصعوبات كالسلالم الكهربائية والمواقف الخاصة وغيرها، وما يختص ببرامج مدارس الدمج". وأضاف:"ما زالت مدارس الدمج بين مؤيد ومعارض، فالبعض يشكك في جدوى هذه البرامج وآخرون يؤكدون فعاليتها ولكن أنا أرى أنها خطوة إيجابية عندما توفر الوسائل وكذلك المنشآت والبرامج الجيدة ما يترك انعكاسات إيجابية على نفسية المعوق، وكذلك على الناحية الاجتماعية بالنسبة له، فضلاً عن أنها تدفع بتقبل الطالب العادي لهذه الفئة". ويؤكد الشريف أن الحقوق التعليمية التي يحصل عليها ذوو الاحتياجات الخاصة في المملكة ما زالت حقوقاً غائبة عن التطبيق وغير مفعلة على أرض الواقع، وأوعز السبب إلى"افتقاد الموارد الكافية من الناحية المادية وكذلك البشرية لسد حاجة المتطلبات على أرض الواقع، وكذلك تغير التصورات الذهنية لدى العاملين في القطاع التعليمي". وعن تعامل الأسرة ومدى سعيها لتعليم أبنائها المعوقين، أفاد بقوله:"للأسف نرى الكثير من الشواهد المخزية من رغبة الكثير من الأسر في عدم إظهار أبنائها للمجتمع وذلك بالمغادرة بهم إلى دول خارجية كالأردن وغيرها وذلك لأمرين أحدهما للعلاج والآخر خشية الحديث الاجتماعي عن هذا الابن وعن أسرته". في المقابل، كشف مصدر أمني عدم إتقان أي فرد من أفراد الدفاع المدني في محافظة جدة للغة الإشارة أو قدرته على التواصل مع الأفراد المتخلفين عقلياً. وقال المصدر ل"الحياة":"لا يوجد أحد من عناصر الدفاع المدني يستطيع التخاطب بلغة الإشارة أو باستطاعته التواصل مع المصابين بالتوحد أو الأمراض الفكرية الأخرى". وعن الكيفية التي من طريقها يتمكنون من التواصل مع هذه الفئة، أوضح"يكون دور الدفاع المدني في الإخلاء دائماً بالتدخل بالقوة البدنية والجسدية، فالتواصل مع المراد إنقاذهم أو التحدث إليهم لا يشكل أهمية كبرى، لذلك لا يكون لنا حاجة لمعرفة التحدث بلغة الإشارة أو التخاطب مع الكفيف وما شابه ذلك". واستدرك:"يعمل الدفاع المدني على تدريب المعلمين المسؤولين عن الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، وهؤلاء الذين يتم التواصل معهم، وإعطائهم محاضرات تثقيفية ليقوموا بدورهم بنقل المعلومات وتعليمها للطلاب بحكم اختصاصهم في هذا المجال".