حبس الكثير من أهالي الرياض خصوصاً في شرقها وشمالها أنفاسهم أمس، تخوفاً من تكرار سيناريو الأمطار التي هطلت أول من أمس، وحوّلت بعض الشوارع إلى بحيرات سبحت فيها سيارات ومحتجزون. لكن الغيوم اختارت غرب الرياض، وألقت غالبية حمولتها عليه خلال ساعة ونصف الساعة فشلت الحركة المرورية في أحياء السويدي والبديعة والعريجاء وصولاً إلى نمار، فيما وزّعت أمطاراً متوسطة على بقية الأحياء. وتشكلت بحيرات على طريق السويدي العام وشارع حمزة بن عبدالمطلب، بسبب سوء تصريف المياه، كما تساقطت أشجار ولوحات دعائية، لكنها لم تتسبب في إصابات. ولم يستجب البعض لتحذيرات الدفاع المدني، فتجمهروا على الجسر المعلق والجسر الممتد على طريق حمزة بن عبدالمطلب لرؤية شلالات المياه في واديي نمار ولبن. وأوضح الناطق الإعلامي باسم مديرية الدفاع المدني في منطقة الرياض النقيب عبدالله القفاري ل"الحياة"، أن غرفة عمليات الدفاع المدني في الرياض تلقت حتى مساء أول من أمس نحو 3600 اتصال خلال فترة هطول الأمطار، وتمكن الدفاع المدني من إنقاذ ما يزيد على 155 شخصاً. وأضاف أن الأمطار التي هطلت على منطقة الرياض تسببت في وفاة شخصين وفقدان ثالث، لا تزال فرق الإنقاذ والغواصون يواصلون البحث عنه، مشيراً إلى أن شخصاً آخر أصيب أثناء مشاهدة هطول الأمطار من فوق أحد الجسور. وحذر القفاري من الاقتراب من تجمعات المياه، مطالباً أصحاب السيارات إلى القيادة بتأن، خصوصاً في ظل التوقعات التي قدمتها مصلحة الأرصاد اليوم أمس باستمرار هطول الأمطار على العاصمة. من جهته، أكد مدير العمليات في مرور منطقة الرياض الرائد إبراهيم أبو شرارة ل"الحياة"، أن غرفة العمليات في مرور الرياض تلقت 5385 مكالمة طلب مساعدة واستفسار وإبلاغ عن حوادث خلال 7 ساعات فقط من هطول الأمطار الغزيرة التي ضربت منطقة الرياض أول من أمس، منها 709 بلاغات تلقتها الفرق الميدانية عن تجمعات المياه وأعطال إشارات، و375 بلاغاً عن حوادث تصادم وتلفيات في معظم شوارع الرياض. وذكر أنه خلال 3 ساعات بعد هطول الأمطار، جرى فتح جميع الشوارع والمنافذ التي أغلقت بسبب الأمطار باستثناء 3 مواقع، وهي نفق أكاديمية الأمير نايف ونفق العليا ونفق الإمام، وجرى فتحها صباح اليوم أمس. ولفت إلى أن"عمليات المرور"تلقت كذلك اتصالاً عن حادثة مركبة أوقعت مصاباً، وجرى استدعاء إسعاف"الهلال الأحمر"وعلاجه في الموقع، كما انقلبت مركبة على طريق جدة السريع، مشيراً إلى أن وجود الفضوليين في أماكن تجمع مياه الأمطار في الشوارع وعلى الكباري جعل المشكلة مشكلتين"الفضوليون أعاقوا حركة السير، على رغم التنبيهات والتحذيرات بعدم خروج من لا يجد ضرورة ملحة من منزله في مثل تلك الظروف، وبعضهم كان يتصرف وكأنه خرج في نزهة غير آبهين بمواقع الخطر التي تحيط بهم". وأضاف أن ثلاثة أرباع الإشارات الضوئية أصيبت بخلل أثناء هطول الأمطار، وعملت الفرق المتخصصة بعد هدوء الأمطار وحتى الفجر على إصلاح نسبة كبيرة منها، وما تبقى منها أنجز صباح أمس. وتطرق أبو شرارة إلى أن أكثر من 210 دوريات لمرور الرياض توزعت في أماكن عدة، لتسهيل الحركة المرورية، وتقديم يد العون لمن يحتاجها، بوجود جهات رسمية عدة أسهمت أيضاً في تقديم المساعدة. وأكد أن التوقعات الجوية تشير إلى استمرار هطول الأمطار، مشدداً على أن إدارة مرور الرياض مستعدة لأي طارئ. وأثنى أبو شرارة على مواطنين ومقيمين وقفوا في مواقع مهمة لتسهيل الحركة المرورية. وقامت مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة الجوهرة بنت فهد ووكلاء ووكيلات والإدارات المعنية بجولة تفقدية أمس على المباني الأكاديمية. وحثت مديرة الجامعة المسؤولين بالإسراع في ترميم ما أفسدته الأمطار والسيول التي حدثت أول من أمس، وصيانة الأجهزة التي تضررت. "الأرصاد"تتوقّع استمرار المطر توقّع مدير الإعلام في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني، أن يستمر اليوم وجود الحزام السحابي الممتد من جنوب غربي وغرب المملكة حتى شرقها ووسطها، لافتاً إلى أن الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار رعدية على أجزاء من تلك المناطق تشمل الرياض والأجزاء الجنوبية من شرق المملكة ومرتفعات الباحة وعسير وجازان ونجران. وأشار إلى أن حال الطقس هذه الأيام غير مستقرة في معظمها على مناطق عدة في السعودية، وهي تسمى الفترة الانتقالية بين فصلي الربيع والخريف، والتي تمر فيها أجواء المملكة بعدم استقرار ووجود منخفضات تصحبها رياح نشطة تثير الأتربة على المناطق الشمالية والوسطى والشرقية. وأكد القحطاني أن كمية الأمطار التي هطلت على المنطقة الوسطى ستؤثر بشكل جيد في تماسك التربة، ما يمنع إثارة كميات كبيرة من الغبار، مشيراً إلى أن كمية الأتربة المحمولة الشهر الماضي كانت كبيرة جداً، بسبب عدم وجود مسطحات خضراء كافية لحفظ التربة. ولفت إلى أن درجات الحرارة اليوم ستصل في مكةالمكرمة الى 39 درجة للعظمى و25 للصغرى، بينما ستكون في الرياض 33 درجة مئوية للعظمى و 18 للصغرى، وكذلك الحال في المنطقة الشرقية أيضاً، فيما ستشهد درجة الحرارة انخفاضاً في المناطق الشمالية، إذ تصل العظمى في حائل إلى 30 درجة والصغرى تنخفض إلى 15 درجة، وكذلك الحال في معظم المناطق الشمالية التي تسجل تدنياً في درجات الحرارة مثل منطقتي طريف والقريات اللتين تسجلان 28 درجة للعظمى، وتنخفض إلى 10 درجات للصغرى. تضرر 3342 قبراً أكد المدير العام لصحة البيئة في أمانة الرياض المهندس سليمان البطحي أن فرق"الأمانة"تعمل على إصلاح 3342 قبراً تضررت جراء الأمطار التي هطلت على الرياض خلال اليومين الماضيين، مشيراً إلى أن هذا الإحصائية أولية كون الفرق تباشر أعمالها بشكل متواصل لإعادة تسنيم هذه القبور. وأضاف ل"الحياة"أمس أن 3000 قبر من هذه القبور في مقبرة النسيم و300 في مقبرة العود، و40 في مقبرة جنوبالرياض، وقبرين في مقبرة أم الحمام، لافتاً إلى أن فرقاً تابعة للأمانة تجول على مقابر الرياض بشكل مستمر. وكانت"أمانة الرياض"أطلقت أخيراً مشروع مراقبة المقابر على مدار الساعة ب"كاميرات"ذات تقنية عالية بكلفة 3 ملايين ريال لأسباب تنظيمية وأمنية كما وفرت خزانات مياه متنقلة في المقابر لتسهيل مهام دفن الموتى وتوحيد أسوار المقابر.