كان العرب في الجاهلية يُجمّلون ويُلطفون فعل الزنى، فسموه بأسماء عدة مثل: نكاح الرهط، وهو وطء الجماعة للمرأة، أي أن يجتمع رجال عدة، فيجامعون امرأة واحدة، ثم تحمل، وإذا أنجبت تختار بنفسها رجلا منهم ليكون أبا لهذا المولود. ونكاح الاستبضاع، وصورته أن يأخذ الرجل زوجته ويبحث عن رجل معين فيه صفات عالية كأن يكون زعيماً، أو شجاعاً، أو كريماً، فيجعله يجامعها، لكي تحمل منه، فتنجب ولداً يحمل صفات عالية كصفات الرجل الذي جامعها. ونكاح الخدن، وهو النكاح السري، وكانوا يقولون: ما استتر فلا بأس، وما ظهر فهو لوم. وقد قال الله فيه:"وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ". ونكاح البدل، وهو أن يقول الرجل للرجل: اترك لي زوجتك، أي تنازل عنها، وأتنازل لك عن امرأتي مدة محددة. وعلى رغم مرور أكثر من 14 قرناً على نعمة الإسلام، أصبحنا نرى بين الفينة والأخرى من يستعمل التورية في الزنى الحرام، فيدعوه"نكاحاً حلالاً". فهناك، على سبيل المثال من يزنون لسويعات في الفنادق، كما يحدث في الغرب، باسم زواج المتعة. وقالوا: إن زواج المتعة أحلّ في سورة النساء، والتحريم الوارد في سورة المؤمنون لا يعتدّ به"لأن السورة المكية لا تنسخ السورة المدنية. واستشهدوا ببعض الأحاديث الشريفة، منها حديث ابن عباس في تفسيره للآية"فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ"، قوله: كنا نقرأها إلى أجل مسمى. وقالوا: إنه كان حلالاً في عهد أبي بكر الصديق، رضي الله عنه. وفي الوقت نفسه نرى الكثير من علمائنا يجيزون أنواعاً من الأنكحة هي أشد حرمة من زواج المتعة"متعللين بقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"إن الصحيح أن هذا ليس بنكاح متعة ولا يحرم"لأن قاصد النكاح راغب فيه، لكنه لا يود الدوام مع زوجته. فهذا ليس بشرط". وقد أطلقوا على هذه الأنكحة أسماء عدة، منها: المسيار: وهو نكاح ليس فيه إشهار أو إعلان، تتنازل الزوجة فيه عن كل شيء، وحتى النفقة، ولا يلزم الزوج أداءها إن طلبت الزوجة ذلك. ومن الملاحظ أن زيجات المسيار أصبح لها مواقع على الإنترنت"بل وإعلانات في الصحف. فقد نشرت إحدى الصحف في المملكة تحت عنوان"أحوال الناس"إعلاناً لسيدة تطلب الزواج المسيار. وفي اليوم الثاني صرح المسؤول عن صفحة الزواج أن عدد الطلبات التي وصلت إليه خلال 18 ساعة فقط عن طريق الإيميل والفاكس تجاوزت 5000 طلب. والمسفار: وهو نكاح يتم بين المرأة المبتعثة إلى الخارج لاستكمال دراستها، وبين رجل، بقصد أن يكون محرماً عليها لتتمكن من السفر، وبعد الانتهاء من مدة الدراسة، على الغالب، يتم الطلاق. والمطيار: وهو نكاح بين الطيارين وبين المضيفات، بسبب تكرار الرحلات الطويلة، خشية من الخلوة المحرمة. وتكون المضيفة زوجة لمدة انتظار الطائرة على الأرض خارج المملكة. والمصياف، أوالمصياع، أو المسياح: وهو نكاح يتم بين أهل السياحة والوناسة، وبين بعض محترفات البغاء في بعض الدول العربية والإسلامية. يتم الاتفاق فيه على الطلاق قبل عودة الرجل إلى دياره. وهذا النوع من الأنكحة أخذ شهرة واسعة في هذا الأوان، ويديره سماسرة ومكاتب محاماة. والمسياق: وهو نكاح يتم بين المعلمات اللاتي يدرّسن في أماكن بعيدة، وبين سائقيهن ليكونوا محرمين لهن في السفر. والمهراب: وهو نوع من الأنكحة يتم بين بعض الرجال الذين تورطوا مع فتيات دون رضا من الأهل"مما يضطر الفتيات للهروب، وعمل عقود نكاح دون موافقة الولي، زاعمين أنه مذهب أبي حنيفة. والمقراض: وهو زواج صوري على الورق، بقصد الزواج من فتاة لديها إمكانية الاستفادة من قرض البنك العقاري. والمجناس: وهو عقد صوري يتم بين رجل عربي مغترب في إحدى دول الغرب، وبين فتاة تحمل جنسية البلد الذي يقيم فيه، بقصد الحصول على الجنسية"يطلقها بعد حصوله على الجنسية. وأضيف إلى مثل هذا النوع في الوقت الحاضر، في الكويت، ما يسمى زواج الكفالة، حيث يعقد رجل وافد على امرأة كويتية مقابل أن تكفله. وزواج الهبة: وهو منتشر في مصر، حيث تهب الفتاة نفسها لزميلها بالعمل أو بالدراسة، بدون عقد ولا عاقد، ولا ولي، ولا شهود"واستندوا في فحشائهم هذه إلى حادثة المرأة التي وهبت نفسها إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم. وزواج فريند: وهو ما أفتى به الشيخ عبد المجيد الزنداني، الذي دلل على أن ما يدعو إليه صيغة شرعية للزواج. وأكد أنه بنى الفكرة على أسس شرعية لمن لا يقدر على الصوم. وقال: إن عدم توافر السكن لا يبطل عقد النكاح. والشيخ جمال قطب الرئيس السابق للجنة الفتوى في الأزهر قال: إنه يجوز للرجل المسلم الزواج من الخادمات حتى ولو بالمئات، لأنهن يعتبرن ملك يمين. إن الزواج ليس عقداً فحسب له أركانه وشروطه?، كما يقول به بعض المتجرئين على الفتيا.? إذ نص القرآن الكريم على أن القصد من الزواج، ليسكن كل من الزوجين إلى الآخر،? امتثالاً لقوله تعالى:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لكم من أنفسكم أزواجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَاوَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً". في الصحاح عن أبي هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:"ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ". أي أن الزواج لا يجوز التلاعب فيه على مقاصد الله تعالى منه.? فالزواج له معنى شرعي لا يُكتفى فيه بإضفاء الشرعية على العلاقات الجنسية?. فمثل تلك العقود من الأنكحة لا تحقق السكن، والمودة، والرحمة، ولا تحقق إلا إعطاء شرعية للاتصال الجنسي بين الشاب والفتاة?، ولا تحقق سوى الالتفاف على الشريعة الإسلامية لقضاء الحاجة المؤقتة، أو الرغبة الجنسية?. بل هي أقرب إلى الزنى الحرام بكل ما تعنيه الكلمة. وإن سهولة ما يدعونه"عقد نكاح"يساعد على تنقل الرجل من امرأة إلى أخرى، وانتقال المرأة من رجل إلى آخر، فتصبح العملية الجنسية مثل مسافدة الحيوانات. * باحث في الشؤون الإسلامية.