في خطوة التفافية على قرار المحكمة الإسرائيلية العليا تفكيك نحو 120 مبنىً استيطانياً أقيمت على أراضٍ فلسطينية بملكية خاصة في الضفة الغربيةالمحتلة، وتحت ضغط أقطاب المستوطنين، تفتق ذهن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو عن فكرة «إضفاء الشرعية» على هذه المباني على رغم قرار سابق للجنة وزارية برئاسته، سلمته للمحكمة مطلع العام الحالي، يقضي بهدمها. وكانت اللجنة قررت في شباط (فبراير) الماضي تفكيك المباني المذكورة تجاوباً مع قرار المحكمة، وذلك في مقابل إضفاء الشرعية على نحو 700 مبنىً آخر منتشرة في عشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية التي أقيمت في السنوات العشرين الأخيرة، بداعي أنها أقيمت على «أراضي دولة». لكن قادة المستوطنين تحركوا في الأيام الأخيرة لمنع هدم المنازل ما حمل نتانياهو على إصدار أمر لوزير القضاء يعقوب نئمان، أول من أمس، بترؤس طاقم خاص من الحقوقيين «لبحث سبل إضفاء الشرعية على مبان في المستوطنات أقيمت على أراض خاصة». ويميز القاموس الإسرائيلي بين الأراضي الخاصة، أي تلك التي سلمت من مصادرة الاحتلال لها، و»أراضي دولة» أي تلك التي التهمتها أنياب الاحتلال حتى عام 1979 تحت حجج أمنية، لكنه استغلها لإقامة نحو 200 مستوطنة يرتع فيها نحو نصف مليون مستوطن. كما يميز القانون بين «المستوطنات الشرعية»، أي تلك التي أقامتها حكومات الاحتلال منذ سبعينات القرن الماضي، وبين «المستوطنات أو البؤر غير القانونية»، أي تلك التي أقامها المستوطنون من دون الحصول على تراخيص بناء رسمية، لكنها حظيت لاحقاً بدعم حكومي كبير. وكانت المدعية سابقاً في النيابة العامة المحامية طاليا ساسون قدمت في العام 2004 تقريراً تفصيلياً لرئيس الحكومة في حينه أرئيل شارون ب»البؤر غير القانونية»، بناء لطلبه، جاء فيه أن أكثر من 100 بؤرة تنتشر في أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلتين ينبغي تفكيكها طبقاً ل»خارطة الطريق» الدولية، لكن شارون وضع التقرير على الرف فيما عملت وزارة الدفاع خلال السنوات التالية على «شرعنة» أكثر من 70 بؤرة، وبقي نحو 670 مبنى قائماً في عشرات البؤر تحت تعريف «غير قانونية»، وهي المباني التي أقرت اللجنة الحكومية الخاصة مطلع العام الحالي إضفاء الشرعية عليها. وأفادت تقارير صحافية أن تشكيل الطاقم الجديد جاء تجاوباً مع الضغوط الكبيرة التي مارسها سدنة المستوطنين على نتانياهو ووزرائه للتحايل على قرار المحكمة القاضي بتفكيك المباني «غير القانونية»، وبعد رد النيابة بأن الهدم سيتم في غضون الأشهر الستة المقبلة. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن 38 وزيراً ونائباً في الكنيست من مختلف أحزاب اليمين، بما فيها حزب «ليكود» الحاكم، توجهوا قبل يومين برسالة إلى نتانياهو طالبوه فيها «بتغيير القواعد التي وضعت في شأن هدم كل منزل أقيم على أرض فلسطينية خاصة». وهدّد الوزير دانيئل هيرشكوفيتش من حزب «البيت اليهودي» المتطرف بمغادرة الائتلاف الحكومي في حال تم هدم المباني المذكورة. وفعلت الرسالة مفعولها على نتانياهو فأمر طاقم الحقوقيين بالبحث عن «حلول» تحول دون هدم أي منزل. من جهتهم، يقترح المستوطنون البناء على أراضي «الغائبين»، على غرار الاستيطان الذي تم في مناطق العام 1948، أو الطعن في الملكية الخاصة للأرض، أو تعويض صاحب الأرض بداعي ان الهدم ليس الحل الوحيد.