تباينت تحليلات معلقي الشؤون الحزبية في إسرائيل في قراءة تهديدات زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بحل الائتلاف الحكومي في حال أقدمت الحكومة على تفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربيةالمحتلة بما فيها تلك التي حددت المحكمة العليا مهلة لتفكيكها. وبينما رأى البعض أن هذه التهديدات ليست سوى عرض عضلات من ليبرمان يريد منه اجتذاب مزيد من أنصار اليمين المتطرف لحزبه تمهيداً للانتخابات العامة المقررة بعد عامين، رأى آخرون أن ليبرمان ربما أخذ يشتم رائحة انتخابات مبكرة فأطلق تهديداته في إطار منافسته رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو على زعامة معسكر اليمين. وكان ليبرمان أعلن مساء أول من أمس أنه يشترط بقاء حزبه في الائتلاف الحكومي، وهو ثاني أكبر حزب فيه، بإبقاء «البؤر الاستيطانية العشوائية»، أي تلك التي أقيمت من دون تصريح رسمي من الحكومة، على حالها، خصوصاً بؤرتي «مغرون» و «غفعات أساف»، متحدياً بذلك قرار المحكمة العليا تفكيك الأولى حتى صيف العام المقبل. كما اشترط ليبرمان، في كلمته أمام أعضاء الكتلة البرلمانية لحزبه، البقاء في الحكومة بعدم تراجع الأخيرة عن قرارها عدم نقل العائدات الضريبية الشهرية المستحقة للسلطة الفلسطينية (نحو مئة ألف دولار شهرياً) التي جمدتها إسرائيل منذ نحو شهر «عقاباً» للسلطة على اعتراف منظمة «الأونروا» بفلسطين عضواً كاملاً. وأضاف ليبرمان أنه أطلع رئيس الحكومة على موقفه الرافض تفكيك مستوطنة «مغرون» بداعي أنها ليست بؤرة استيطانية غير قانونية «بل هي مستوطنة وضع وزير الدفاع السابق موشيه أرينز وقائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية حجر الأساس لها قبل عقدين من الزمن، فكيف يمكن أن نعتبرها بؤرة غير قانونية». وتابع أن 30 في المئة من سكان المستوطنة هم أفراد في المؤسسة الأمنية لا يجوز تشريدهم. وزاد أن «مغرون» وغفعات أساف» هما مستوطنتان قانونيتان تلقتا الدعم من حكومات سابقة، «وليس معقولاً أن تصوت أحزاب اليمين في الائتلاف الحكومي الحالي على تفكيكهما»، مهدداً بأن هدم أي منهما سيكون سبباً كافياً لحل الائتلاف الحكومي. وسخر ليبرمان من التقرير الذي وضعته المدعية السابقة طاليا ساسون حول البؤر الاستيطانية غير القانونية بطلب من رئيس الحكومة في حينه أريئل شارون عام 2004 وأفاد أن عددها يفوق المئة ويجب تفكيكها. وقال إن ساسون أعدت تقريراً سياسياً يتماشى ومواقفها اليسارية. وأضاف انه يجب إخفاء هذا التقرير «لأن الائتلاف الحكومي الحالي ليس مضطراً للعمل بحسب نزوات ساسون». كما اعتبر ليبرمان تحويل عائدات الضرائب الشهرية التي تجبيها إسرائيل بالنيابة عن السلطة الفلسطينية وملزمة بحسب اتفاقات أوسلو تحويلها للأخيرة، «خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه». وكانت هيئة الوزراء الثمانية أقرت أول من أمس تجميد هذه الأموال. وقال ليبرمان إنه على ضوء الاتصالات بين حركتي «فتح» و «حماس» لتشكيل حكومة وحدة وطنية «بديلة لحكومة سلام فياض المعتدل فإن هذه الأموال قد تصل ليد حماس الإرهابية التي ستستخدمها لبناء شقق سكنية للمخربين الذين أطلق سراحهم أخيراً». واستهجنت أوساط في الائتلاف الحكومي تهديدات ليبرمان وتوقيتها، علماً بأنه أعرب قبل أسبوعين عن ثقته بأن الحكومة الحالية ستصمد حتى موعد الانتخابات المقبلة، «ولا يوجد ما يدعو إلى فرط عقد الائتلاف الحالي»، مضيفاً أن حزبه يشكل الحلقة الأقوى فيه. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن وزراء من حزب «ليكود» الحاكم قولهم إن دوافع تهديدات ليبرمان مردها سعيه لتتويجه زعيماً لمعسكر اليمين. ونقلت الصحيفة عن أحد القريبين من نتانياهو أن الأخير لا يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد متسائلاً: منذ متى مثل هذا الاهتمام بالمستوطنات من جانب ليبرمان، وهو الذي يعلم أن المحكمة استجابت لطلب الحكومة إمهالها نصف عام لإيجاد حل ملائم لمستوطنة «مغرون» التي اعتبرتها المحكمة غير شرعية ينبغي تفكيكها.