تابعت الكثير من مهرجانات الاعتزال لنجوم سعوديين، ولكنني لم أر مهرجاناً له أهداف إنسانية، كما كان مهرجان اللاعب الدولي المعتزل مبكراً نواف التمياط. بطبيعة الحال، فإن مهرجانات الاعتزال لا تقام عادة إلاّ وفاءً للاعب المعتزل، وإلاّ فإن إقامتها غير إلزامية، والأندية غير مجبرة على تنظيمها، لاسيما في زمن الاحتراف الحالي، ويمكن القول ان الاحتراف جعل معظم اللاعبين اليوم أغنى من بعض أندية الوسط والمؤخرة في دوري زين للمحترفين، وأغنى من كل أندية الدرجة الأولى. أعود إلى مهرجان اللاعب الخلوق والنجم الموهوب نواف التمياط، فقد كانت فكرته إنسانية خالصة، ولمست وغيري كيف"طبع"نواف مهرجانه بشخصيته الهادئة، ونزعة الخير التي عرف بها. فما بين شعار لمرضى الكلى، وشعار جمعية الأطفال المعوقين الذين تواجدوا في ملعب المهرجان، أحسست أن"ولد التمياط"لا يبحث عن شيء لنفسه، بقدر ما كان هدفه إسعاد الآخرين في الجمعيات الخيرية، وكان له ما أراد. نجح مهرجان التمياط نجاحاً كبيراً، لأن فكرته قامت على عمل الخير، ولم تقم على هدف دنيوي، وهذا ما نتمناه في ملاعبنا، وما نرجوه من نجوم الكرة الذين زادت الشهرة بعضهم غفلة وكبراً وغطرسة. كم نحن بحاجة إلى أكثر من نواف التمياط في ملاعبنا، نواف اللاعب الملتزم، صاحب الخلق الرفيع، والنجم الذي غادر الملاعب والكل يجمع على حبه، بل ويرى أنه استعجل في ترك الملاعب. انظروا كم من لاعب لفظتهم الملاعب، وهم ما زالوا يتمسكون بالبقاء، وهؤلاء سيأتي يوم وتلفظهم الكرة كما يلفظ الفم العلك بعد مضغه، وليتهم فكروا كما فكر لاعب صغير اسمه نواف التمياط. إن نواف التمياط ليس لاعب كرة فحسب، ولكنه في نظري"مواطن صالح"، استطاع أن يسخر نجوميته وحب الناس له لفعل سيذكره التاريخ ويسجله بأحرف من نور، وسيلقاه عند الله. فهل يدرك لاعبو كرة القدم ونجومها ومشاهيرها أن باستطاعتهم أن يقوموا بدور مشابه لما قام به التمياط، وأن عليهم أن يكونوا قدوة حسنة لهذا الجيل الذي تعلق بهم، خلقاً وسلوكاً، وعوناً للجمعيات الخيرية؟ بالتأكيد هذا ما نأمله ونتطلع إليه من نجوم الكرة، فلا فائدة من نجومية وشهرة لا تدل صاحبها على فعل الخير، ولو القليل منه، وهنا تكون القدوة الحقة التي غرسها نواف في استاد الملك فهد الدولي يوم ال16 من محرم سنة 1431ه. [email protected]