سرت، طرابلس، بروكسيل - أ ف ب، أ ب - سيطر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الذي أطاح نظام معمر القذافي أمس الثلثاء، على مقر قيادة الشرطة في وسط مدينة سرت مسقط رأس الزعيم المخلوع، مضيّقين بذلك الخناق على من تبقى من المقاتلين الموالين له والمحاصرين في بقعة صغيرة. وأقر ناطق باسم حلف شمال الأطلسي في بروكسيل أمس، أن المقاومة الشرسة التي تبديها القوات الموالية للقذافي «مفاجئة» لأن هؤلاء الجنود ليس أمامهم أي أمل بتغيير الوضع في ساحة المعركة. وبدت تصريحات الناطق الكولونيل رولاند لافوي هادفة إلى الضغط على مقاتلي القذافي لإلقاء سلاحهم. وأوضح لافوي أن في أماكن معينة، مثل سرت، مازال جنود القذافي يقاتلون، على رغم أنه لم يعد في الإمكان وصول الإمدادات لهم بعدما سيطر جنود الحكم الليبي الجديد على أجزاء رئيسية في المدينة. وأضاف: «من هذا المنطق، ليس هناك معنى لرؤية ما تقوم به القوات القليلة المتبقية» التي ترفض الاستسلام. وتابع: «هذا بالطبع يمكن وصفه بأنه أمر مفاجئ من وجهتي النظر العسكرية والسياسية». وأشار الناطق إلى أن قوات المجلس الوطني الانتقالي تتقدم الآن نحو مدينة بني وليد جنوب شرقي طرابلس، حيث مازال مؤيدو القذافي يتحصون فيها. لكنه قال: «ليس لدينا أي دليل على وجود مهم لمؤيدي القذافي أو نشاط لهم في بقية أنحاء البلاد». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مراسلها في سرت، أن العشرات من مقاتلي النظام الجديد أطلقوا أبواق سياراتهم كما اطلقوا العيارات النارية في الهواء احتفالاً باستيلائهم على مركز قيادة الشرطة في المدينة والذي كان مهجوراً لحظة دخولهم اياه. ويقع هذا المجمع وسط عدد من المباني الرسمية وهو يشرف على المدينة وعلى ساحتها الرئيسية التي لا تزال في قبضة قوات القذافي. وترتدي السيطرة على هذا المركز الأمني دلالات رمزية، وهي تعقب استيلاء المهاجمين خلال الأيام القليلة الماضية على مبان ومراكز أخرى في سرت، المدينة الساحلية الواقعة على بعد 360 كلم شرق طرابلس. ورداً على سؤال ل «فرانس برس» حول متى يتوقع سيطرة قوات المجلس الانتقالي على سائر أنحاء المدينة، أجاب مسؤول الجبهة الشرقية قائد كتيبة «ليبيا الحرة» ناصر المغاصبي: «نحن تقريباً فعلنا ذلك، لم يبق تقريباً أي شيء» في أيدي قوات القذافي. واجتاح المهاجمون مقر الشرطة ومزقوا صور الزعيم المخلوع التي كانت تعلو مكاتبه. وتواصلت المعارك بعيد الظهر جنوب غربي الساحة الرئيسية لسرت حيث يتمركز في الأبنية المشرفة عليها قناصة موالون للقذافي ما يتيح لهم السيطرة عليها. وبعيداً إلى الغرب، أطلق مقاتلون من المجلس الانتقالي جاؤوا من مصراتة بضعة قذائف من المدافع والدبابات لكن من دون ان يبدأوا الهجوم في الحال. أما في الجبهة الرئيسية الأخرى في بني وليد (170 كلم جنوب شرقي طرابلس) حيث يسعى مقاتلو المجلس الانتقالي للسيطرة على هذا المعقل الآخر المهم لقوات القذافي، فر عشرات المدنيين من المدينة مع اقتراب موعد تجدد المعارك بين الطرفين، بحسب ما أفادت مراسلة وكالة فرانس برس. وبحسب مقاتلين من المجلس الوطني الانتقالي يتولون تفتيش السيارات الخارجة من بني وليد والتحقق من هويات ركابها، فإن حوالى ثلاثين سيارة مدنية خرجت من المدينة منذ صباح الثلثاء. وقال رب أسرة يقود سيارة ميتسوبيتشي بيضاء تقل أربع نساء من أفراد اسرته بينما كان يفر بهن إلى خارج المدينة: «ستقع معارك جديدة. ليس هناك من طبيب ولا ماء ولا كهرباء في المدينة». وأشار إلى أن «أكثر من عشرين الف مدني» مازالوا يقطنون في بني وليد، حيث يعتقد المجلس الانتقالي أن سيف الاسلام نجل الزعيم القذافي، وربما القذافي نفسه، موجود فيها. وأضاف انه يفر بأسرته إلى بلدة مجاورة تقع على بعد حوالى 50 كلم غرب بني وليد أقيم فيها مخيم للاجئين، مشيراً إلى «وجود مرتزقة وعناصر ميليشيات في شوارع بني وليد». وكانت قوات النظام الجديد علّقت الإثنين المعارك في بني وليد غداة عمليات توغل في المطار قتل خلالها 17 مقاتلاً من قوات المجلس الوطني الانتقالي، كما افاد قيادي في هذه القوات. وأكد خالد محمد بوراس الناطق باسم «كتيبة جادو»، أنه بسبب سوء التنسيق بين مختلف الكتائب، انسحبت القوات مساء الأحد من المواقع التي احتلتها خلال النهار، وابرزها المطار. وفي لندن (رويترز)، قال وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس الإثنين، إن خبراء عسكريين بريطانيين ساعدوا في إبطال مفعول عدد من الصواريخ أرض جو في ليبيا كان يحتفظ بها النظام السابق. وأضاف فوكس، الذي زار طرابلس قبل أيام، أن العسكريين البريطانيين حددوا أيضاً عدداً من الأماكن في ليبيا التي يرجح أن يكون فيها عدد من هذه الصواريخ. وهناك مخاوف من وصول الصواريخ إلى تنظيم «القاعدة» واحتمال استخدامها لاسقاط طائرات مدنية. وقال الوزير في البرلمان: «هذه إحدى القضايا التي ناقشتها في مطلع الأسبوع. هذا أمر عاجل، وقد أوفدنا فريقاً صغيراً من المتخصصين في الجيش البريطاني للعمل إلى جانب الليبيين والولايات المتحدة للحيلولة دون انتشار الصواريخ أرض-جو».