طلبت كتلة «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي في مجلس النواب المغربي من رئيس الحكومة عباس الفاسي المثول أمام البرلمان لعرض موقف حكومته إزاء ما اعتبرته «ارتباكاً غير مسبوق» في تحديد أجندة ما بعد إقرار الدستور الجديد والإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقررة في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ونأى «العدالة والتنمية» في بيانه أمس، بنفسه عن معاودة درس مشاريع قوانين ذات صلة بالقوائم الانتخابية لأنه بات «غير معني بذلك» في ضوء التجاوزات التي طاولت إقرار بعض مشاريع القوانين التي صوّت ضدها بعد رفض تعديلات اقترحها أمام اللجان المختصة. وسجلت الكتلة النيابية للحزب مزيداً من نقاط التناقض في مواقف الحكومة، كونها أقرت مرسوماً بعقد اجتماع طارئ للبرلمان لدرس القوانين الانتخابية ضمن جدول أعمال محدد، ثم أردفت إليه في وقت لاحق مشروع الموازنة المالية للعام المقبل، وعادت للتراجع عنها بعد سحب المشروع في يوم طرحه أمام البرلمان. بيد أن مصادر حكومية علقت على ذلك بأن المشروع لم يطرح رسمياً على البرلمان، وأن سحبه يتعلق بإجراءات لاسترداد وثائقه، فيما نفى رئيس الحكومة عباس الفاسي أن يكون اتهم أحد وزرائه بالتورط في سحب المشروع. غير أن الوقائع تؤكد أن لجنة وزارية ما زالت بصدد معاودة النظر في منهجية إقرار مشروع موازنة انتقالية، طالما أنه لا يمكن استمرار الأداء الحكومي من دون موازنة يحدد القانون آخر موعد لإقرارها بنهاية العام الحالي. وفي حين كانت الحكومة تعول على التصديق على القوانين الانتخابية في مراحلها كافة عبر صيغة وفاقية، كما جرت العادة في استحقاقات سابقة، من دون التمييز بين مواقف الغالبية والمعارضة، يسود اعتقاد بأن امتناع الحزب الإسلامي عن مناقشة جانب من هذه القوانين أربك المشهد السياسي. ويضاف إلى ذلك أن الغالبية الحكومية بدورها باتت عرضة لمزيد من التصدع وتباين المواقف. من جهة أخرى، صدقت اللجنة الرابعة في الأممالمتحدة على توصية تدعو إلى استمرار مسلسل المفاوضات لإنهاء نزاع الصحراء الغربية. وتحض الأطراف المعنية على التعاون في ما بينها والأممالمتحدة لإحراز التقدم الذي يسمح بتكريس الحل السياسي للنزاع، في إشارة إلى قرارات مجلس الأمن التي تبنت هذا التوجه بديلاً عن خيارات سابقة. ولاحظ مراقبون أن جولات المفاوضات المباشرة وغير الرسمية التي يشارك فيها كل من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة «بوليساريو» من مواقع مختلفة، لم تفلح في إذابة جليد الخلافات القائمة، على رغم طرح المغرب خطة منح الحكم الذاتي للمحافظات الصحراوية في العام 2006. وفي وقت يتمسك المغرب بخيار الحكم الذاتي أرضية للمفاوضات والحل النهائي، تصر «بوليساريو» على العودة إلى خيار الاستفتاء ضمن خيارات يكون الحكم الذاتي واحداً من بين رهاناتها الموزعة بين الاستقلال أو الانضمام الكامل إلى المغرب. وستعقد جولة جديدة غير رسمية في البرتغال في وقت لاحق لدرس اقتراحات جديدة لإشراك فاعلين جدد. وتبحث في أفضل السبل الممكنة لمساهمة دول الجوار. في غضون ذلك، انشق عن جبهة «بوليساريو» تيار جديد أطلق على نفسه اسم «المعارضة الصحراوية» قال إنه يعتزم تنظيم مؤتمر تحضيري في مخيمات تيندوف قبل نهاية العام الحالي. ويدعو التيار إلى الانفتاح على مكونات المجتمع الصحراوي، لكنه لم يحدد هويته بعد، وإن كان الراجح أن قرار مجلس الأمن الداعي إلى الانفتاح على صحراويين جدد قد يكون من بين حوافز انبثاق التيار.