شدّد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري على تمسك بلاده بمبادرتها منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً موسعاً «مرجعية لا بديل منها»، عشية الجولة الثالثة من المفاوضات غير الرسمية التي تبدأ مطلع الأسبوع المقبل في ضواحي نيويورك بين الرباط وجبهة «بوليساريو». واعتبر المفاوضات «فرصة جديدة لتكريس روح الوفاق والواقعية». واعتبر الفهري لدى مخاطبته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب المغربي أمس، أن مبادرة الحكم الذاتي «ذات دلالات ديموقراطية تتطابق والشرعة الدولية، بعيداً من الطرح الأحادي لتقرير المصير». وأكد رفضه «منطق العودة إلى نقطة الصفر»، في إشارة إلى خلاصات المفاوضات السابقة، خصوصاً توصية الوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم التي اعتبرت استقلال الصحراء «خياراً غير واقعي». وشدّد على «رفض القطع مع منطق الاستمرارية في جهود الأممالمتحدة»، مؤكداً «ضرورة الانطلاق من تلك الخلاصات والبحث في أفضل السبل الممكنة لإقرار حل سياسي نهائي وعادل لقضية الصحراء». واتهم الجزائر بمواصلة دعمها ل «بوليساريو» التي وصفها بأنها «خصم للمغرب يعمل من أجل تحريف المفاوضات عن مسارها الطبيعي». وأعرب عن أسفه لاستمرار الموقف الجزائري «الذي يصر على التمسك بالسلبية وتجاهل قرارات مجلس الأمن، خصوصاً تلك التي حضّت دول الجوار على التعاون مع الأممالمتحدة وبين بعضها البعض» لإنهاء النزاع. وعرض تطورات ملف الصحراء، مشيراً إلى أنه «منذ العام 2000 علقت أكثر من 30 دولة اعترافها بما يسمى الجمهورية الصحراوية، موزعة بين آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية، ما جعل أعداد الدول التي اعترفت بذلك الكيان في تناقص». وأشارت مصادر إلى أن هذه التطورات قد تدفع الرباط إلى معاودة الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي، في حال قبوله تعليق عضوية «الجمهورية الصحراوية». وأوضحت أن ما يعزز هذا الاعتقاد أن القمة العربية - الأفريقية التي استضافتها ليبيا أخيراً، التأمت في غياب ممثل عن «الجمهورية الصحراوية»، كما حدث في القمة الأفريقية - الأوروبية التي عقدت قبل بضع سنوات. بيد أن الظروف التي تُعقد فيها الجولة الثالثة من المفاوضات بين المغرب و «بوليساريو» لا تبدو مشجعة بالقدر الكافي لإحراز تقدم كبير. وقالت مصادر في الأممالمتحدة إن الموفد الدولي كريستوفر روس يرغب في معاودة إجراءات بناء الثقة عبر سماح الطرفين بتبادل الزيارات، والانطلاق منها نحو التحضير للجولة الخامسة من مفاوضات مانهاست المعلقة. وكانت قيادة «بوليساريو» رفضت زيارة وفد من الصحراويين من الداخلة الخاضعة للسيطرة المغربية لمخيمات تيندوف التي تستضيفها الجزائر، فيما كانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي ترعى عملياً تبادل الزيارات تطمح إلى زيادة أعداد المستفيدين منها. إلى ذلك، دعت منظمات حقوقية إلى كشف مصير المنشق الصحراوي مصطفى سلمى الذي اعتقلته «بوليساريو» لدى عودته الى تيندوف قبل أكثر من شهر. واعتبرت رئيسة «المنظمة المغربية لحقوق الإنسان» أمينة بوعياش أن «الجزائر تتحمل مسؤولياتها في حماية الأشخاص المقيمين على أراضيها»، وطالبت السلطات الجزائرية بالتدخل لكشف مصير القائد السابق لشرطة «بوليساريو». وأشارت «منظمة العمل» المساندة لولد سلمى إلى أن والده الشيخ اسماعيل مولاي سلمى يقوم بجولة في عواصم أوروبية لتعريف الرأي العام بقضية ابنه. وأشارت إلى أنه طالب الحكومة الإسبانية، بالتدخل «للضغط على بوليساريو والجزائر لإطلاق سراح ابني». ووجّه رئيس «المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الإنسان» أحمد مرزني رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تتضمن إفادات عما تعرض له ولد سلمى، موضحاً أن «هناك قرائن تدل على أن ما تعرض له يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان».