في مباريات كأس العالم وأمم أوروبا والبطولات الأخرى الكبرى مثل دوري أبطال أوروبا، ليس هناك ما يدعو للقلق من متابعة مباريات ممتعة، بدءاً من النقل التلفزيوني الذي تستخدم فيه أحدث تقنيات الإخراج، وانتهاءً بمعلق المباراة. أما في عالمنا العربي وتحديداً بطولاتنا العربية دوريات محلية، وبطولات مجمعة، فالحال مع إخراج المباريات تبقى قضية لا تنتهي، حتى إنك قد لا تشاهد في مباراة من90 دقيقة، غير 50 دقيقة فقط، وبقية الدقائق ال 40 ذهبت إلى المنصة من أجل الحبايب والأصدقاء. ما أسوأ أن تتحول مباراة ينتظرها الجمهور إلى"لعبة"في يد مخرج ومصور، وبدلاً من أن يشاهد المشاهد مباراة في كرة القدم، إذا بالمخرج العظيم ينقل كاميراته إلى مدرجات المنصة وما حولها. مثل هذه الطريقة الاستفزازية، لن تكون مقبولة إلّا إذا انتقلت الكاميرا لتصيد لنا نجماً غائباً أو زائراً أو حدثاً يرى المخرج أهميته، ويعتقد أنه جزء من المهنية والحرفية الإخراجية، كما يحدث في المباريات الخارجية. عند ذلك فقط سأصفق، ويصفق معي كل المشاهدين لمخرج المباراة الذي تمكن من تقديم إخراجي مثالي ونموذجي يستحق الإعجاب والإشادة، وهذا لا يحدث في ملاعبنا المحلية إلّا قليلاً، وإن بدأت الأمور تأخذ طريقها إلى التحسن نوعاً ما. وبما أن التعليق الرياضي هو"بهارات"مباريات كرة القدم وكل الرياضات، فإنك لو سألت مشاهداً يتابع المباريات المحلية عبر الشاشة الفضية، عن القناة التي يتابعها، لعرفت أنه انحاز إلى معلق يقدم له المعلومة، ويرتاح إلى تعليقه. وللأسف، فإن كثيراً من المعلقين المحليين يفتقدون الصوت الجميل، الذي هو أول صفات المعلق الناجح، ثم تأتي الثقافة الرياضية، من معلومات وأرقام وإحصاءات ومتابعات وسرعة بديهة وقدرة على التوقع. ثم لا بد أن يتصف المعلق الرياضي بشيء من الذكاء، وحسن التصرف في الأوقات الصعبة، وأن يكون حريصاً على ألّا يتسلل الملل إلى قلب المشاهد، وإلّا فإن الخيارات موجودة، والمعلق الذكي هو الذي تكون لديه القدرة على استمالة المشاهد إليه. كنت أتابع في بطولة القارات الأخيرة مباراة بين المنتخب الأميركي وأحد المنتخبات الأخرى، وبعد تسجيل الأميركان هدفاً، صاح المعلق الجهبذ بأعلى صوته"افرحي يا واشنتن افرحي يا أميركا"! فهل يتصور هذا المعلق الذي كانت بدايته جيدة، أن الذي يستمع إليه، هم الشعب الأميركي، ألا يعلم صاحبنا أن المتابعين له هم شعوب عربية !!! وهنا تأتي أهمية الثقافة العامة وسعة الاطلاع على كل الأحداث وانعكاساتها. ولذلك سعت الكثير من القنوات الرياضية إلى استقطاب معلقين لديهم"كاريزما"عند المشاهدين، ويمتازون بأصوات جميلة، ليس فيها نشاز، مصحوبة بثقافة رياضية عالية، ومعلومات خاصة، حتى إن خروجهم عن المباراة يكون في أوقات مناسبة.پ ولأنني لم أعد من محبي الذهاب إلى الملعب لحضور المباريات لأسباب كثيرة، فأنا من عشاق المعلق القطري الكبير يوسف سيف والمعلق الإماراتي الجميل علي الكعبي ومعلقي قناة أبوظبي الرياضية عامر عبدالله وفارس عوض، ومعلق قنوات ال art عيسى الحربين. [email protected]