ليس من موقف يبرز تلك القيمة العالية للإنسان وموقعه الخاص في قلوب الآخرين أبلغ من حال المرض، وهذا بالضبط ما لاحظته حينما ترامى إلى أسماع الناس دخول ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، المستشفى في مدينة نيويورك لإجراء جراحة تكللت ولله الحمد والمنَّة بالنجاح، ومطمئنة للغاية، بحسب ما ذكره البيان الصادر من الديوان الملكي، وكذلك التصريح الذي أدلى به وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي طمأن به الشعب السعودي على نجاح العملية. لقد شكّلت اللهفة في السؤال عن صحة ولي العهد القاسم المشترك لحوارات محبيه ونقاشاتهم في المجالس والمنتديات الأدبية والملتقيات الاجتماعية، وهي الأسئلة العفوية التي عكست تلك المكانة الرفيعة التي يتبوأها"سلطان القلوب"، وهي التسمية التي تعبَّر بصدق شديد عن حزمة المضامين الخيَّرة التي ترتسم أمام الجميع عندما يسمعون اسم الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ومواقفه الإنسانية الكثيرة... كثير من هؤلاء لم يلتقوا بسلطان"الإنسان"الرمز الكبير، وإنما فاضت قلوبهم مودة ومحبة له بما سمعوا عن مآثره ومواقفه وأياديه البيضاء التي غطت مساحات واسعة من أرجاء المعمورة. إن الاقتراب من الأمير سلطان بن عبدالعزيز يتيح للمرء اكتشاف المزيد من الأبعاد الإبداعية لهذه الشخصية الاستثنائية، إذ تحوَّل معنى البذل لديه إلى مفاهيم مدروسة ترتكز على أحدث الدراسات في مجالات الاقتصاد وفنون الإدارة والثقافة التنظيمية، وليس أدل على ذلك من مقولته المشهورة التي تستند على"مساعدة الناس كي يساعدوا أنفسهم"، وهي فكرة جديرة بالتقدير والإعجاب، الأمر الذي أسهم في إطلاق المزيد من مبادرات الدعم في مواقع متنوعة، تراوحت من مراكز الدراسات وكراسي البحث العلمي في مختلف الجامعات الإقليمية والدولية، إلى مستوى إنشاء المدن الطبية المتخصصة التي تضطلع بأفضل المنتجات العلمية في ميدان التخصصات الطبية الرفيعة والتجهيزات العصرية العلاجية. وهكذا لم يعد الأمير سلطان بن عبدالعزيز مجرد يد تبذل لسد حاجة وقتية، بل هو في حقيقة الأمر - كما سماه الأمير سلمان بن عبدالعزيز -"مؤسسة خيرية متكاملة"، وهي جزء من ثقافة المسؤولية الاجتماعية، التي يقوم بأدوارها الكثيرة ويعزز من مواقعها وأفكارها ومنطلقاتها... والواقع أنه لا تطلع علينا شمس يوم جديد إلا ويكون للأمير سلطان بصمة خير عليه، وتلك حقيقة لا يختلف عليها اثنان، لأن مسارات عطائه تنخرط دوماً في سياق الوصول لذوي الحاجة بلا تردد، ومن يطالع صحفنا وقنوات إعلامنا سيتعرف على حقيقة أنه كرس وجوده وحضوره لخدمة الناس والإسراع في تلبية طلباتهم أينما كانوا وكيفما يستطيع. إن من وقف على حجم التوجس والترقب الذي انتاب الأسرة السعودية بكاملها، حينما ترامى إلى أسماعها نبأ خضوع ولي العهد سلطان بن عبدالعزيز لإجراء جراحة، سيدرك تماماً حجم المودة والمحبة التي يكُنُّها الجميع بمختلف فئات المجتمع له، وهو إحساس تلقائي نابع من مشاعر استثنائية تغلف روابطنا الانسانية جميعاً داخل هذا الوطن الحبيب، الأمر الذي يلاحظه دوماً الكثير من الاخوة المقيمين، مركزين في أحاديثهم معنا عن قوة الوشائج وعُمق الروابط التي تعزز تواصلنا وتماسكنا الاجتماعي والإنساني في هذا الوطن بين القيادة وأفراد الشعب، هي في الحقيقة محصلة تاريخ ناصع من المواقف والمبادرات والأفكار العظيمة، رسخها الآباء والاجداد وحافظوا عليها، ودعوا الأبناء إلى دعمها وضرورة التمسك بها لأنها تعبير خاص عن شخصيتنا ووجودنا. إن الشارع السعودي وهو يتابع أخبار إجراء"سلطان الإنسانية"لهذه الجراحة التي مثَّلت انزعاجاً وقلقاً واضحين لديه، إنما كان يحاول الاطمئنان على صحته الذي جسد مفاخر الوطن وتراثه وأخلاقه وإنسانيته التي عمت الأرجاء شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. فعلاً لم استغرب الفرحة والبهجة الكبيرة التي عمت أرجاء الوطن بنجاح الجراحة التي أُجريت له واطمئناننا على صحته حفظه الله وهو إحساس بحب"سلطان الخير"الذي وحد جميع مواطنينا وغمر وجدانهم، لأنهم عرفوا سلطان بن عبدالعزيز بعُمق حضوره بينهم، مواصلاً ومتفقداً ومترفقاً بأحوالهم، ومحفزاً لأفكارهم الملهمة، وداعماً لتوجهاتهم، ومخففاً لمنغصاتهم الحياتية. فليهنأ الوطن بكل ذرة رمل بنجاح الجراحة وبإطلالته المحببة دائماً إلى نفوس محبيه وأبناء شعبه الوفي، وها هم ينتظرون عودة سلطان الخير والعطاء ومنبع الخير لإكمال مشهد لوحتهم البهيجة... اللهم تقبل دعاءنا لسلطان بن عبدالعزيز بالشفاء العاجل، ومُنّ عليه بالعافية، ويعود إلى وطنه وأهله سليماً معافى... اللهم آمين. عبدالله بن صالح آل سالم - الرياض