دقت الزيادة الأخيرة في أسعار الحديد نواقيس الخطر مهددة بحدوث انعكاسات سلبية تلقي بظلالها على عجلة التنمية في العاصمة المقدسة، بعد أن باتت موجة الارتفاعات المتكررة في أسعار مواد البناء تشكل هاجساً يؤرق الأوساط الاقتصادية والعقارية وفئة المقاولين، بل أن جل المشاريع والعقارات التي لا تزال في طور التشييد أصبحت مهددة بالشلل. ووفقاً لعضو اللجنة الوطنية العقارية رئيس اللجنة العقارية في غرفة التجارة والصناعة بمكةالمكرمة الشريف منصور أبو رياش فإن السوق السعودية كانت تترقب انخفاض أسعار الحديد وعودته إلى سعره الطبيعي، أسوة بالدول المجاورة، إلا أن مصانع الحديد الوطنية حملت لواء المبادرة في رفع أسعار الحديد بدلاً من خفضها، رغبة من القائمين عليها في إيهام المستهلك أن السوق لن تشهد موجة تصاعد في أسعار الحديد وأن الحديث عن أية انخفاضات مستقبلية يعد ضرباً من المستحيل"، مشيراً إلى أن موجة التذبذبات التي طاولت أسعار الحديد ستؤثر سلباً في المستهلكين عموماً وذوي الدخل المتوسط والمحدود خصوصاً. وأكد أبورياش، أن زعْم الشركات الوطنية أن موجات الغلاء العالمية آتت بظلالها على الأسعار المحلية، بات شماعة ركيكة وعبارة مستهلكة لا يمكن تصديقها، بدليل أن دولة مثل تركيا تصل الضرائب التي تحصلها على أرباح القطاع الصناعي إلى 30 في المئة، وتعاني موجة ارتفاعات في الأسعار الخدمية مثل: الكهرباء والمياه والإيجارات، لا يزيد سعر منتج مصانعها من الحديد عن 1500 ريال، بينما يقارب سعر منتج مصانعنا الوطنية من الحديد 2500 ريال، على رغم أن مصانعنا تحظى بتسهيلات حكومية لا تجدها نظيراتها في مختلف دول العالم، خصوصاً وهي تحظى بقروض ميسرة من الدولة معفاة من الضرائب لمدة 20 عاماً، وتقدم لها الكهرباء بسعر زهيد لا يزيد عن سبع هللات، وكذا حال الديزل الذي لا يتجاوز سعره خمس هللات، فضلاً عن أن المصانع السعودية معفاة من الضرائب والرسوم، ويتساءل بحيرة"بعد كل هذا كيف نصدق المصانع السعودية؟". وأكد رئيس اللجنة العقارية في غرفة التجارة والصناعة في مكةالمكرمة أن الزيادة التي طاولت مواد البناء لم تقتصر على الحديد فحسب، فالأسمنت"مثلاً"يعاني أيضاً من موجة ارتفاع على رغم أن المخازن تعج بأكثر من 12 مليون كيس منه، لا تزيد كلفته عن خمسة ريالات بينما نجده يباع بما يزيد على 15 ريالاً، وأضاف:"شركات الحديد والأسمنت الوطنية تسعى إلى تجفيف السوق بغية رفع الأسعار والمحافظة على السعر الذي يرغبون فيه والذي يكفل لهم الظفر بأكبر قدر من الأرباح على حساب الوطن والمواطن". وطالب عضو اللجنة الوطنية العقارية بكسر احتكار مصانع الحديد والأسمنت للسوق السعودية وضرورة فتح الأسواق العالمية أمام المستهلك البسيط الذي رضخ لرغبات شركات الحديد والأسمنت التي قفزت بسعر الأسمنت إلى 20 ريالاً وبالحديد إلى 6 آلاف ريال خلال فترة ماضية، مشدداً على أن من حق المواطن منحه الحرية الكاملة لاستيراد مدخلات المنشآت ومواد البناء من جميع أنحاء العالم، مشيراً إلى أن ورود كميات كبيرة من الحديد من الخارج خلال الفترة القليلة المقبلة سيؤثر في المصانع الوطنية"التي تسعى إلى التأثير في المستهلك وإجباره على الرضوخ لأسعارها المتذبذبة والتي ترتفع في كل فترة ارتفاعاً غير طبيعي أو مبرر". إلى ذلك أكد رئيس لجنة المقاولين في غرفة التجارة والصناعة بمكةالمكرمة عبدالله صعيدي أن كل زيادة تطاول أسعار مواد البناء ستنعكس آثارها سلباً على الحركة التنموية في المملكة، مشدداً على أن عدم ثبات الأسعار يسبب العديد من الإشكاليات والأزمات ويعرقل المسيرة التنموية ويكبد المستثمرين والمستهلكين والمقاولين خسائر جمة لا مسوغ منطقي لها، مشيراً إلى أن المكاسب التي يجنيها صناع مواد البناء تنعكس سلباً على المستهلك والمقاول والمستثمر إضافة إلى المواطن البسيط الذي سيتضرر مستقبلاً بسبب الزيادة المتوقعة في قيمة الإيجارات بسبب ارتفاع كلفة الإنشاءات. وشدد على أن تواصل موجة الارتفاع التي طاولت أسعار مواد البناء ستنعكس سلباً على التنمية في العاصمة المقدسة، كون جل المشاريع التطويرية التي يجري تنفيذها حالياً باتت مهددة بالشلل، مشيراً إلى أنه من الجور أن يتكبد المقاولون المنفذون لها وزر هذه الزيادة ويتكبدون خسائر جمة تضاف إلى مجهودهم وعملهم المضني، فضلاً عن أن جلهم قد يهدد بالسجن أو المسائلة القانونية أو بيع ممتلكاته لتأمين قيمة مواد البناء في حال واصلت أسعارها التحليق إلى آفاق فلكية ليست منطقية. واستبعد اعتبار الزيادة الحالية"كارثة"بحق المقاولين الذين اتخذ جلهم إجراءات احترازية خلال توقيع عقودهم الأخيرة، إذ راعوا احتمالية زيادة الأسعار بنسبة 10 في المئة، لكن استمرار موجات الارتفاع سيعيد"أم الكوارث"، نظراً لكونه سيتسبب في حدوث أزمة كبرى لا تقوى السوق السعودية على تحملها بعد أن تبددت جل سيولتها المادية خلال"النكبات"الاقتصادية الماضية. وأبدى صعيدي تذمره من هشاشة العقود المبرمة بين المقاولين والجهات الحكومية في مشاريع التنمية التي تتم عبر مناقصات حكومية، كونها لا تحمل بنوداً تكفل حق المقاول في حال طرأت أي زيادة في أسعار مواد البناء. وأكد أن العقود الحالية تجبر المقاول على تحمل أعباء أي زيادة تطرأ في أسعار مواد البناء وعلى رغم أن جل المقاولين قاموا بإجراءات احترازية لحفظ حقوقهم في العقود"الأهلية"إلا أن العقود الحكومية لا تقبل هذه التجزئة وعلى رغم صدور الأمر السامي الكريم بصرف تعويضات للمقاولين جراء موجات الارتفاع الماضية التي طاولت مواد البناء إلا أن تلك التعويضات لم تصرف حتى الآن. وكشف رئيس لجنة المقاولين بغرفة التجارة والصناعة بمكةالمكرمة عن تبني اللجنة تنظيم ندوة في العاشر من شهر شباط فبراير الجاري للمطالبة بتفعيل المرسوم الملكي الكريم القاضي بحفظ حقوق جميع الأطراف في عقود التشييد والبناء والمطالبة بتطبيق عقد دولي متعارف عليه عالمياً يتضمن العديد من البنود التي تحفظ حقوق جميع الأطراف.