طالبت دراسة متخصصة في التأمين بتفعيل الرقابة على سوق التأمين السعودية، سواء داخل شركات التأمين نفسها، أم من خلال الجهة الرقابية المتمثلة بمؤسسة النقد العربي، مشيرة إلى أن التنظيمات الخاصة بالتأمين في المملكة ليست فعالة بالشكل المطلوب. وأكدت الدراسة التي أعدها خبير التأمين عضو مجلس الشورى الدكتور فهد العنزي بعنوان"معوقات صناعة التأمين التعاوني في المملكة"، أهمية إيجاد جهة قضائية فعالة للنظر في نزاعات التأمين الصحي على إطلاقها، منتقدة شركات التأمين بسبب"عدم تقيّدها بالضوابط الشرعية للتأمين التعاوني، وعدم اهتمامها بالمعايير العلمية والفنية الضرورية لممارسة نشاط التأمين بشكل مهني". وأوصى العنزي في دراسته بتفعيل الرقابة على سوق التأمين التعاوني في السعودية، مؤكداً أهمية تقوية الرقابة النظامية، من خلال الرقابة الداخلية للشركة نفسها أو عن طريق مؤسسة النقد، إضافة إلى الرقابة الشرعية، وهي الرقابة التي تقوم بها الهيئات الشرعية لأعمال الشركات ونشاطاتها التأمينية، سواء أكانت هذه الهيئة مشكّلة داخل الشركة أم كانت هيئة مستقلة بذاتها. وأوضح أنه على رغم فاعلية التنظيمات التي صدرت بشأن التأمين في المملكة، إلا أنها ليست كافية بالشكل الذي يأمله العاملون في قطاع التأمين والمهتمون به، سواء في جوانبه الشرعية أم الفنية، فنظام الضمان الصحي التعاوني ولائحته التنفيذية بحاجة لإعادة صياغة ليتواكبا مع المتغيرات والمستجدات الحاصلة في سوق التأمين الصحي التعاوني، كما أنه لم يتبنَّ إيجاد جهة قضائية فعالة للنظر في نزاعات التأمين الصحي على إطلاقها، إذ إن اللجنة التي نصّ عليها النظام هي لجنة قاصرة على النظر في مخالفات النظام، مع بعض الصلاحيات البسيطة المتعلقة ببعض النزاعات المالية بين شركات التأمين وحاملي وثائق التأمين الصحي. وبالنسبة إلى الجانب القضائي، شددت الدراسة على ضرورة البحث في أسباب تدني مستوى أداء اللجان القضائية الخاصة بالتأمين ومعالجتها، لافتة إلى إنشاء ثلاث لجان قضائية مختصة بقضاء التأمين في كل من الرياضوجدة والخبر، واعتبرتها خطوة مميزة بحد ذاتها. وانتقدت الدراسة عدم وضوح الآليات التي تمارسها مؤسسة النقد للرقابة على سوق التأمين، وقالت إن ذلك أدى إلى حدوث مشكلات في السوق. وعلى رغم أن العنزي أوضح في دراسته أن المؤسسة قامت بدور مهم في تنظيم سوق التأمين، إلا أنه رأى أن المؤسسة"لم تقرأ بشكل مقبول ظروف وخصوصية وحاجات السوق السعودية من شركات التأمين الجديدة أو القائمة، سواء من حيث الكم أم الحجم أم النوع أم الجدول الزمني للنهوض بسوق التأمين، وفق خطة مدروسة تستوعب كل خريطة التأمين بكامل مفرداتها". كما انتقدت الدراسة أسلوب عمل شركات التأمين في المملكة، وقالت إنه إضافة إلى"عدم تقيّدها بالضوابط الشرعية للتأمين التعاوني، فهي كذلك لا تعير اهتماماً للمعايير العلمية والفنية الضرورية لممارسة نشاط التأمين بشكل مهني صحيح". وبالنسبة إلى العنصر البشري، قالت الدراسة إن سوق التأمين تفتقد الكوادر البشرية المؤهلة للعمل في القطاع التأمين، واصفة وضع العنصر البشري في القطاع بأنه"مزرٍ جداً"، مؤكدة أن شركات التأمين تعاني من نقص حاد وكبير في الكادر البشري اللازم وجوده لشركات التأمين التعاوني. وأشارت إلى أن من أهم العوامل التي أدت إلى وجود مثل هذا النقص انعدام المخرجات التعليمية لتخصصات التأمين في الجامعات والمعاهد السعودية، وعزوف كثير من الشباب عن دراسة التأمين لأسباب دينية واجتماعية، وتعثّر خطط سعودة القطاع بسبب عدم واقعية أو وضوح البرامج التي اعتمدتها الجهات المعنية بتنظيم السوق. وبيّنت الدراسة أن صور التحايل بالنسبة إلى شركات التأمين تظهر جلية من خلال صياغة بعض الاستثناءات في وثيقة التأمين، ما يفرغها من وظيفتها التعويضية، أو رفض دفع التعويض للعميل بعد حصول الخطر، بناء على حجج واهية أو طلبات تعجيزية تطلبها الشركة من العميل. وقال العنزي إن ظاهرة التحايل خفت حدتها في سوق التأمين الصحي في السعودية، مع صدور نظامي الضمان الصحي التعاوني، ومراقبة شركات التأمين التعاوني، خصوصاً بعد إنشاء مجلس الضمان الصحي التعاوني، الذي يسعى جاهداً لضبط سوق التأمين الصحي، كما أن إسناد مراقبة شركات التأمين التعاوني لمؤسسة النقد العربي السعودي أدى إلى انخفاض كبير في التحايل، لكنه ما زال موجوداً.