كما هو منصوص عليه قانوناً، أن الأصل في تنفيذ الالتزام المدني هو التنفيذ العيني، أي يلتزم المدين بتنفيذ عين ما التزم به. لكن قد يتعذر التنفيذ العيني، وفي هذه الحال لا يكون أمام الدائن إلا استيفاء حقه بما يوازي التنفيذ العيني، فيدفع المدين للدائن، تعويضاً يساوي الضرر الذي أصابه جراء عدم التنفيذ العيني. وسواء اكان التنفيذ عينياً، أو في مقابل تعويض، فإنه يجب على الدائن مطالبة المدين رسمياً بتنفيذ الالتزام، حتى يثبت تقصيره في الوفاء، وتسمى هذه المطالبة بالإعذار. إذاً الإعذار هو وضع المدين موضع المقصر في تنفيذ التزامه، بإثبات تأخره في الوفاء به. ذلك لان مجرد حلول أجل الالتزام من دون الوفاء به لا يفيد تقصير المدين لاحتمال أن يكون الدائن راضياً بهذا التأخير أو متسامحاً معه. إذاً لا يكون المدين مقصراً في عدم الوفاء إلا إذا تمت مطالبته بتنفيذ الالتزام بعد حلول أجله فلم يستجب أو استجاب، ولكن بعد تأخر سبّب ضرراً للدائن. هنا ومن أجل ذلك على الدائن متى أراد من المدين أن ينفذ التزامه عند حلول الأجل، أن يشعر مدينه بذلك. ويكون الإعذار عن طريق الإنذار، أو ما يقوم مقامه، والإنذار هو ورقة رسمية من أوراق المحضرين، توصل إلى المدين بناءً على طلب الدائن، ينبه فيها عليه بالوفاء، لذلك يقال:"قد أعذر من أنذر". وقد توجد حالات لا ضرورة فيها للإعذار، فيعتبر مجرد حلول أجل الدين، اشعاراً كافياً للمدين بوجوب تنفيذ التزامه، وأولى هذه الحالات أن يتفق كل من الدائن والمدين طرفي العقد على عدم الإعذار بحلول أجل الدين، وثاني حالة إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مفيد بفعل المدين نفسه، فإن الإعذار يصبح لا فائدة منه، وهنا يكون المدين مسؤولاً عن تعويض الضرر الذي أصاب دائنه، وكمثال على ذلك: التزام المستأجر بتسليم العين المؤجرة في ميعاد محدد، فتهلك هذه العين بخطأ منه قبل أن يسلمها للمؤجر مالك العين المؤجرة، هنا يكون تنفيذ الالتزام مستحيلاً. أما في حال عدم جدوى أو فائدة تنفيذ الالتزام بفعل المدين، فيكون التنفيذ العيني للالتزام مطلوباً في وقت محدد، فيفوت هذا الوقت المحدد من دون تنفيذ المدين التزامه، كأن يلتزم مقاول ببناء مكان لإقامة معرض لأحد التجار، فينتهي المعرض قبل أن يقيم المقاول البناء. وكذلك يكون الإعذار لا ضرورة له إذا صرح المدين كتابة بأنه لا يريد أن ينفذ التزامه تجاه دائنه. ويترتب على الإعذار أثران مهمان، الأول هو استحقاق الدائن للتعويض عن الضرر، الذي لحقه جراء تأخر مدينه بتنفيذ الالتزام بعد إعذاره، والثاني هو انتقال تبعة الهلاك إلى عاتق المدين، ولو كانت على الدائن قبل الإعذار كالحالة في عقد الوديعة، فإذا هلك الشيء المودع بقوة قاهرة، فإن الذي يتحمل تبعة الهلاك هو المودع الدائن بالتسليم، لكن اذا كان المودع أعذر المودع لديه المدين بالتسليم برد الشيء قبل وقوع الهلاك، فيترتب على الإعذار انتقال تبعة الهلاك من المودع إلى المودع لديه، فيرد إليه مثله أو قيمته، على رغم أن الهلاك تم بقوة قاهرة، لأن المودع إليه لم يرد الوديعة بمجرد الإعذار. قانونية سعودية