تعتبرالمبادرة إلى وضع نظم عقارية ناجحة تخدم المجتمع في شكل حضاري، خطوة رائعة ومنتظرة من السلطة التشريعية في الدولة. ويعد ما سيصدر - بمشيئة الله تعالى - من تنظيم جديد في قضية إلزام المستأجرين المماطلين بدفع الإيجار تغيراً كبيراً لحماية أصحاب العقارات في شكل قانوني من ضياع حقوقهم. فالكم الهائل من المشكلات التي تعاني منها المحاكم في هذا الصدد، حفّز المهتمين للمسارعة في وضع قواعد قانونية صارمة لحل المشكلات الناتجة من عقد الإيجار بوسائل تتماشى أكثر مع الواقع الذي نعيشه. ويجدر بأطراف عقد الإيجار أن تكون لديهم الدراية الكاملة بما في القواعد العامة من حقوق والتزامات لكليهما، وذلك توفيراً للراحة والطمأنينة في التعاملات القانونية الخاصة بهما. إن عقد الإيجار نوع من أنواع العقود المدنية، له أركانه وشروطه الخاصة التي تكفل قيامه بدوره في شكل صحيح. ولا بد من توافر أركان العقد المتضمنة "الرضا والمحل والسبب" لقيامه متكاملاً من دون عيوب. وبعد التأكد من جميع أركان العقد وشروطه، يجدر التنويه إلى بعض النقاط الأساسية في القواعد العامة لعقد الإيجار. إن أي تنظيم جديد إنما هو تنظيم إجرائي يسعى إلى تثبيت الحقوق والواجبات التي في ذمة كلا الطرفين. فما نلاحظه في عقد الإيجار، بحسب القواعد العامة، أنه يلزم المستأجر بالتزامات للمؤجر، ويضمن له حقوقاً يتمتع بها. والعكس صحيح أيضاً، فالمؤجر له حقوق يتمتع بها وواجبات ينبغي الوفاء بها. وكل هذه الحقوق والواجبات ذكرت في القواعد العامة لعقد الإيجار، وتوثّق في العقد المكتوب بين الطرفين. فتلك القواعد التي ذُكرت في التنظيم الجديد من إلزام المستأجر بدفع الإيجار إنما جاءت تأكيداً لحق مقرر للمؤجر، على أن تنفذ بطريقة أكثر سرعة وفاعلية لتضمن الالتزام والتقيد بها. فما ذكر في القواعد العامة من أن المستأجر يلتزم بدفع الإيجار في المدة المعينة في العقد وإلا كان للمؤجر بعد إعذار المستأجر المطالبة بالتنفيذ العيني أو بفسخ العقد، بل والتعويض عن الأضرار من عدم الالتزام، إنما هي قواعد أساسية يلتزم بها طرفا عقد الإيجار، وما جاء من تنظيم جديد إنما هو تنظيم إجرائي مؤكد، وليس إنشاء لحق جديد، فهو مجرد تنظيم يهدف إلى حسن التنفيذ فقط لتلك القواعد العامة المقررة سلفاً. إن المماطلة أو عدم دفع الايجار من جانب المستأجر لم تأت من سوء التنظيم لعقد الإيجار، بل من سوء التنفيذ لتلك الأنظمة والقواعد. وبناءً على ذلك، فان التنظيم الإجرائي الجديد لعقد الإيجار، والتنفيذ الجبري من الإمارة والشرطة، والتعاون في ما بينهما، من غير الدخول في المعمعة المطولة للسلك القضائي، سيسفر عن سرعة في التنفيذ وإجبار المستأجر على الالتزام بالدفع والتعويض عن الأضرار في حال عدم الالتزام بعقد الإيجار. وكما يقال في الأمثال "من أمن العقوبة أساء الأدب"، فحينما يعلم المستأجر أن هناك قوانين وإجراءات ستطبق بحقه في حال الإخلال بالعقد، سيصبح لديه الدافع القوي للالتزام وعدم المماطلة في دفع الحقوق إلى أصحابها. بل إن ذلك واجب ديني قبل أن يكون التزاماً قانونياً تترتب عليه العقوبة والجزاء. ومن المشكلات التي يقع فيها كثير من المؤجرين، إهمال المستأجر في استعمال العين المؤجرة أو تعمد تخريبها، ما يكلف المؤجَّر تكاليف باهظة لترميمها وإصلاحها. فمن بين التزامات المستأجر أن يقوم بالمحافظة على العين المؤجرة أثناء فترة الإيجار، وأن يبذل عناية الرجل العادي في الاستعمال من أجل المحافظة على العين المؤجرة. فالالتزام المطلوب هنا هو الالتزام ببذل عناية في المحافظة على العين المؤجرة وليس بتحقيق نتيجة. وإذا كان على المستأجر أن يتخذ بعض الاحتياطات لسلامة العين المؤجرة، فما بالك بمن يقوم بإتلاف العين المؤجرة عمداً؟ إن للمؤجّر في هذه الحال أن يطالب بتعويض عمّا لحق بعقاره من ضرر. ومن المفترض أن تشمل تلك القواعد الجديدة إجبار المستأجر على الالتزام بالتعويض في حال التعدي على العين المؤجَّرة قاصداً إيذاء المؤجّر، أو في حال عدم بذل العناية الكافية لحمايتها. * عضو هيئة التدريب - معهد الإدارة العامة