وصف الدكتور خالد الفرم معظم الصّحف الإلكترونيّة العربية ب "النسخ الصماء" للصحف الورقية، وأنها تتسم "بالجمود وبطء التحديث، والاقتصار على النصّوص فقط" مع غياب تام للمواد السمعبصرية، وكذلك الخدمات التفاعليّة التي تميز الإعلام الفوري. وقال: "نسخ المواقع الإلكترونية العربية التابعة لصحف ورقية لا تستثمر الخصائص الفنية للصحافة الإلكترونية بشكل كبير، ولا تزال في المراحل الأولى للصحافة الالكترونية، التي تكتفي بإعادة نشر معظم أو جزء من محتوى الصّحيفة الورقيّة إلكترونياً"، مشيراً إلى تحديات تواجهها المؤسّسات الصحافية في تبني مفهوم الصحافة الالكترونية، تحتاج فيها لإجراء "تحولات تنظيمية وثقافية" في آليات الممارسة الصّحافية والأعراف التقليدية السائدة و"إجراء تغييرات هيكليّة في نظام العمل داخلها"، معدداً مراحل الصحافة الإلكترونية المتقدمة اذ يتم استثمار بعض تقنيّات الصحف الإلكترونيّة كأن يقوم الصّحافيون بإعادة إنتاج بعض النصّوص وفق خصائص النّشر الإلكترونيّ في الشبكة العنكبوتيّة في المرحلة الثانية ويتم إنتاج محتوى خاص بالصحافة الإلكترونية، واستثمار الخصائص الفنية للصحافة الإلكترونية بشكل كبير في المرحلة الثالثة. وأوضح الفرم، في كتاب صدر حديثاً عن دار المفردات في الرياض تحت عنوان "الإعلام الجديد والصحافة الالكترونية العربية والأميركية"، انّ إطلاق لفظ الصّحافة الإلكترونيّة على صحافة الإنترنت "غير دقيق من حيث الشّكل والوصف العام"، مشيراً إلى الارتباك والاضطراب في مفهوم الصحافة الالكترونية، والتداخل بينه وبين مفهوم صحافة الإنترنت، وقال: "صحافة الإنترنت لا تعني بالضرورة اكتساب المعلومات عبر وسائط إلكترونية، بل يمكن القيام بعملية إنتاج المواد الصّحافية عبر أساليب تقليدية مثل الحوار وكتابة التّقارير والأعمدة الصّحافية ثم بثّها عبر الشبكة، لذا فهي تجمع أساليب عمل الصّحافة المطبوعة والإلكترونية معاً". وأشار إلى أن سيطرة التقنيين وليس الإعلاميين على إدارة محتوى الصحف الالكترونية، وتكليف المؤسسات التقنية وليس الإعلامية بمهام إنشاء الصحف الالكترونية حدّا من فاعلية الصحف الالكترونية، وبنائها وتسييرها على أسس ومعايير الصحف الالكترونية الحديثة. ومن دراسة مقارنة شملت صحفاً إلكترونية عدة منها: نيويورك تايمز وواشنطن بوست، وصحفاً عربية، كشف الفرم تفوق الصحف الأميركية على العربية، متناولاً معايير تقويم الصحف الالكترونية، مثل "درجة تحديث المعلومات" و"مدى التشعّب في خيارات المحتوى" و"مدى الاستجابة للمستخدم" و"درجة سهولة إضافة المعلومات" و"مدى تسهيل الاتصال الشخصي" و"درجة فوريّة المعلومات". ويعد الكتاب، الذي جاء في 180 صفحة، أول مرجع عربي تطبيقي عن الصحافة الالكترونية ويؤسس ويؤصل مفاهيم الصحافة الالكترونية وتطبيقاتها. ويعرض المؤلف لأنواع الصحافة والصحف الإلكترونية، لناحية أسلوب إنتاج المحتوى أو لجهة الإصدار ومن جهة فنية تقنية أيضاً. وقسّم الصحف إلى صّحف إلكترونيّة تعيد إنتاج محتوى الإصدار التقلّيدي، وصّحف إلكترونيّة تنتج محتوى مخصّصاً للنشر الفوري مدعمة النصّوص بوصلات وإمكانات تفاعلية وأخرى تتسم بكون المحتوى ينتج خصيصاً للنشر الفوري، معتمدّا على خصائص وسيلة الاتصال الجديدة وإمكاناتها. كما قسّم الصحافة الالكترونية، إلى صحافة أفراد نمت خارج المؤسّسات الإعلاميّة، وصحافة مؤسّسات إعلاميّة تتميّز بوجود أطر وهياكل قانونية وأنظمة تحريرية وفنية. واستعرض خصائص الكتابة والتحرير في الصحف الإلكترونية وأشار فيها إلى العنصر الرئيس في التحرير الالكتروني الذي يعتمد على الاختصار والدقّة والسّرعة والتفكير باستخدام الوصلات Think Links وتحويل القصص الخبرية المطولة إلى مادة سمعبصرية والحفاظ على درجة التباين اللوني لتسهيل سرعة القراءة التي تقدر بأقلّ من سرعة القراءة التقلّيدية ب 25 في المئة.