أكد البروفيسور في جامعة هارفرد المختص في تنافسية الدول والأقاليم مايكل بورتر ان اقتصاد السعودية يسير في الاتجاه الصحيح وهو اقتصاد"متين"، على رغم أنه تباطأ قليلاً إلا أن هناك ازدهاراً اقتصادياً في البلاد. وقال:"النفط وحده لا يكفي حتى في وقت ارتفاع الأسعار، ويجب خلق اقتصاد سعودي عالمي، واستخدام جميع الموارد الطبيعية". وشدد بورتر في كلمته أمس أمام منتدى التنافسية الدولي الثالث، على أن السعودية"أقل نسبة من مواطنيها يعملون في الاقتصاد، ويجب زيادة الانتاجية من أجل تمكين المواطنين من العمل، ونسبة البطالة لاتزال مرتفعة لو نظرنا إلى السنوات الماضية، ونحن نعرف أن جيلاً شاباً جديداً ينتظر فرص العمل". ودعا إلى تسريع وتيرة الاستثمارات السعودية، التي قال إنها تنمو بشكل بطيء"يجب تسريعها ويجب اعطاء الثقة والأمان للمستثمرين من أجل زيادة الانتاجية". وأردف بورتر:"السعودية لا تحتاج إلى أموال، بل تحتاج إلى تدريب اداري وتقنية يجلبها الاستثمار الأجنبي لكي تحقق التنافسية، ولاحظنا أن النمو في الصادرات يزيد في غير النفط، ويجب أن ننوع صادرات البلاد، وأن يكون لدينا قدرات جديدة في مجال الإبداع، والسعي إلى رفع القدرات التكنولوجية". وأشار إلى أن التنافسية تتطلب عقوداً من العمل، موضحاً أن الظروف تغيرت عن العام الماضي، إذ كان النمو منطلقاً، بينما هناك أزمة اقتصادية في العام الحالي، ويجب أن نستغل هذه الأزمة لجعل جدول أعمال التنافسية في السعودية يسير بشكل أسرع. وأضاف أن هناك جهوداً رائعة لرفع القدرات في السعودية ولكن الطريق لا يزال طويلاً، ونحن نعرف أن الاقتصادات المتقدمة تصدر منتجات مرتبطة ببعضها البعض، وأعطى بورتر مؤشرات مشجعة على تقدم تصنيف السعودية، بقوله:"السعودية لم تتقدم في الاقتصاد الكلي فقط، ولكن الجزئي أيضاً. نرى أن السعودية توازنت في تقدمها مع الازدهار، وكنا نركز في العام الماضي على النفط، ولكن البلاد حسنت تنافسيتها، وهناك توازن بين التنافسية والازدهار، وإذا كان التقدم في الازدهار يجب أن يكون التقدم في التنافسية أيضاً". وتابع:"السعودية تحسنت في البنى التحتية الاجتماعية، ولكن الطريق لا يزال طويلاً". ووقف بورتر عند أداء بعض القطاعات الحكومية، واعتبر ان هناك"ضعفاً في نظام التعليم العام، والنظام الصحي في البلاد جيد، ولكن الإنفاق والاستثمارات في الصحة أقل مما يجب". وأشار إلى أن هناك تحسناً في موضوع سيادة القانون"ولكن لا يزال لدينا الكثير لعمله، في هذا المجال، وإحداث تقدم في مكافحة الفساد، كما يجب تحسين حماية الملكية الفكرية والطرق والكهرباء وبيئة العمل وتوفير متدربين". وشدد على ضرورة تطوير الأيدي العاملة في السعودية، لأنه ومن دون ذلك يصعب التعامل مع التطوير في الاقتصاد، وأيضاً يجب التركيز على السوق المالية وهي تعاني من الأزمة، وحوكمة الشركات، وكذلك يجب استقطاب الاستثمارات في جميع مناحي الاقتصاد لتحسين الإنتاجية والاقتصاد". وأكّد أن الشركات الناشئة هي التي تقود عملية التنافسية أكثر من الشركات الكبرى، وهي تخلق معظم الوظائف وتأتي بالمزيد من المنافسة في الحقول الأخرى"، مشيراً إلى أن"روح المبادرة في السعودية ممتازة جداً، والثغرات في السلع والخدمات يجب سدها". وانتقد بورتر محدودية المعلومات المتوافرة حول الشركات:"أوجدنا فكرة النمو السريع للشركات الخاصة، ونريد أن نعرف 25 شركة سريعة النمو، ولكننا لم نجد أية قاعدة بيانات أو تصنيفات". وأضاف:"كانت تجربة مثيرة للاهتمام، لا يوجد هيئات تحدد مثل هذه الشركات، وما توصلنا إليه هو التغلب على هذه العقبات، وفي النهاية وجدنا مثل هذه الشركات، والشركات عمرها 5 سنوات وسرعة نموها 40 في المئة، وهي أقل من نمو الشركات العالمية، و25 شركة أوجدت 15 ألف وظيفة، وهناك شركات لم تبلغ 5 سنوات من العمر". وفي مؤتمر صحافي عقب الجلسة قال بورتر رداً على أسئلة حول مستقبل البيئة الاستثمارية السعودية، إن هناك تحولاً إيجابياً بحسب البيانات التي تم الاطلاع عليها، والأمر أكثر إثارة في هذا العام هو الإعلان عن الشركات الأكثر نمواً في العام. وحول الأزمة المالية وانعكاساتها، أجاب بورتر أن السبب يكمن"في وجود قروض متراكمة، ما أدى إلى قلة المال بالنسبة إلى البنوك من أجل الإقراض، وهذا قلص الأعمال الاقتصادية، ونحن في وقت مخيف، كما يوجد عدم ثقة لدى المستثمرين لعدم وصولنا إلى القاع، لأن الوصول إليه يعني إعادة الصعود، وأن التحدي هو البدء في الصعود، وهناك إشارات إلى وجود مرحلة للصعود.