الهدف الاقتصادي الشامل هو توفير الرفاه للسكان، لكنه لا يقتصر على ذلك، فالحرص على تحقيق مكانة متقدمة بين الدول يتطلب الدخول في سباق لتحقيق أعلى مستوى ممكن من النمو، يرفع من متوسط دخل الفرد محلياً، ويؤدي إلى ردم الفجوة مع الاقتصادات المتقدمة في أقصر فترة زمنية ممكنة. وتحقيق دولة ما لمستويات عالية من النمو هو أكثر ما يثير شهوة المستثمرين، وقد عاصر الاقتصاد السعودي هذه الظاهرة في السبعينات، عندما بلغ متوسط النمو المتحقق في سنوات الخطتين التنمويتين الأولى والثانية 13.5 في المئة وثمانية في المئة سنوياً في المتوسط، على التوالي. إذاً، لا ينتهي الأمر عند الحرص على مسايرة النمو الاقتصادي للنمو في السكان، فذلك يعني الحفاظ على متوسط دخل الفرد وليس أكثر. وقد يكون هذا مقنعاً للحكومة، لكن المستثمر يبحث عن الاقتصادات الصاعدة، التي تحقق نمواً أعلى من المتوسط العالمي. طبقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، حقق العالم نمواً متوسطه 4.7 في المئة عام 2000 و2.2 في المئة عام 2001 ويتوقع تحقيق 2.8 في المئة السنة الجارية. أما بالنسبة للدول النامية فمعدل النمو في الناتج هو 5.7 و3.9 و4.2 في المئة للاعوام الثلاثة نفسها على التوالي. وفي حال الاقتصاد السعودي، فقد بلغ معدل نمو 4.9 في المئة و1.2 في المئة للعامين 2000 و2001 على التوالي، ويتوقع الصندوق ان ينمو بنحو 0.7 في المئة السنة الجارية و3.3 في المئة السنة المقبلة. نمو وتنمية يتطلب تحديد مجالات النمو اكتشاف مكامن القوة وتوظيفها، فكما اكتشف النفط وساهم في نقل المجتمع السعودي تنموياً، وكما ساهم برنامج التنويع في رفع مساهمة الصناعات التحويلية غير النفطية، واستقطب استثمارات تجاوزت 240 بليون ريال 64 بليون دولار وتجاوزت مساهمته في اجمالي الناتج المحلي 58 بليون ريال عام 2000، وأضاف قرابة 300 ألف فرصة عمل... لا بد من التفكير والتمعن في مكامن أخرى للقوة في الاقتصاد السعودي. وفي وقتنا الحاضر، يبقى موضوع تحقيق مستوى عالٍ من النمو هاجساً، يستحق أن يتقدم على ما سواه من الاهتمامات. وتشير البيانات الى أن نصيب الفرد من الناتج في السعودية ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً منذ بداية السبعينات، ثم أخذ في التراجع في الثمانينات واستقر في عام 2000 عند مستواه تقريباً قبل نحو ثلاثين عاماً. ومرد هذا الأمر نمو مرتفع في السكان لم يتمكن النمو الاقتصادي من مجاراته. وتحقيق معدل مقبول من النمو مهم ليس فقط لأسباب داخلية، بل لإثبات الذات عالمياً، فالفجوة مع الاقتصادات المتقدمة لن تغلق بمعدلات نمو متلازمة مع أو تقل عن الزيادة في السكان. فالصين مثلاً فرضت نفسها على الساحة الاقتصادية الدولية لأسباب عدة منها تحقيقها لمعدل نمو اقتصادي مرتفع بلغ متوسطه خلال التسعينات 12 في المئة سنوياً، على رغم أن معدل الزيادة السنوية للسكان بلغ واحد في المئة. يجب ألا يغيب عن الوعي أبداً أن الاقتصاد السعودي اقتصاد نامٍ، وأن الخطط الخمسية الست الماضية ساهمت في تحويل وجه البلاد تحولاً بارزاً. لكن المشوار ما زال طويلاً، فالفجوة بين اقتصادنا والاقتصادات الغنية ما زالت واسعة من ناحية مؤشرات عدة كدخل الفرد على سبيل المثال لا الحصر. وفي هذا السياق، تكتسب البنية التحتية أهمية خاصة باعتبارها من مرتكزات الاقتصاد التي تقوم عليها الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية دونما استثناء. وعند استذكار أساسيات التنمية نجد أن لها أربعة عناصر: الموارد البشرية، الموارد الطبيعية، تكوين رأس المال والتقنية. ويمكن الجدل أن حفز النمو ليحقق معدلاً مرتفعاً مطمح لا يمكن تحقيقه إلا بوضع سياسات خلاقة توظف العناصر الأربعة عجلات تتحرك بتؤدة لدفع الاقتصاد الوطني من دون تردد نحو آفاق الازدهار. الموارد البشرية من المفيد الإقرار أن المجتمع السعودي يعايش انفجاراً سكانياً. وعلى رغم النمو السكاني المرتفع، حتى ضمن السكان المحليين، حيث ينمو تعدادهم بأكثر من نصف مليون سنوياً في الفترة الاخيرة، ما زال الاقتصاد يعتمد على العمالة الوافدة. ويبدو أن ذلك الاعتماد لم ينحسر، فعدد العمالة الوافدة ارتفع في نهاية الخطة الخمسية السادسة عما كان عليه في بدايتها. وهنا لا بد من التعمق في تناول قضية أساسية: فالحديث عن الموارد البشرية يجب أن يبدأ ويرتكز على السكان وتعدادهم ونموهم. وفي حال مواجهة الاقتصاد لتحديات هيكلية تمنعه من نمو يساير معدل النمو البشري، يصبح التفكير في تقليص السكان ضرورياً عبر تقليص عدد الوافدين فيه. إذاً، النظرة هنا لا تتعلق فقط بموضوع "سعودة" قوة العمل، بل خفض عدد السكان حفاظاً على مستوى المعيشة ولتخفيف الاختناقات في مرتكزات البنية التحتية. أما الخيار الواضح الآخر فهو إعادة هيكلية الاقتصاد لتمكينه من النمو بوتائر عالية. وإجمالاً، يجب النظر لهذا الأمر بجدية، فتحقيق معدل نمو في الاقتصاد السعودي يتجاوز 3.5 في المئة هو أمر ليس سهلاً، وسط تذبذب أسعار النفط، وثبات معدل الاستثمار، وتزايد التزامات الخزانة العامة المتعلقة بالإنفاق على ما يلامس مليون شخص في الخدمة العامة، وسداد الدين العام وأعبائه، والحاجة لمزيد من الاستثمار لبناء مرافق عامة مثل المدارس والمستشفيات وتحلية المياه ومدّ شبكات الصرف الصحي. وإذا تصورنا أن السعودية قررت الحفاظ على مستوى نصيب الفرد من الناتج، بافتراض أن الناتج سينمو في حدود 1.5 في المئة، كما حدث في العقد المنصرم، سنجد أن المحافظة على نمو في السكان بنسبة مماثلة يعني أن ينمو عدد السكان بنحو ثلاثمائة ألف 320 ألفا على وجه التقريب باعتبار أن عدد سكان المملكة في نهاية عام 2001 هو 21.307 مليون تقريباً، وهذا يتطلب خفضاً قدره 426 ألفاً من الوافدين. وسيتبادر للذهن أن خفض مثل هذا العدد أمر غاية في الصعوبة. لكن لا بد من أخذ طاقة الاقتصاد المحلي على الاستيعاب في الاعتبار، إذ أن الاقتصاد ينمو بمعدل يقل في المتوسط عن نصف معدل نمو السكان. ولبيان وتيرة تصاعد عدد السكان، من المناسب الاشارة الى ان عدد سكان السعودية بلغ عام 2000 حوالى 22.01 مليون نسمة. وباعتبار معدل نمو السكان السنوي 3.5 في المئة، فيمكن تقدير عدد السكان عام 2001 بحوالى 22.78 مليون نسمة في السنة الجارية بحوالى 23.58 مليون نسمة. ومن البداهة القول إن هذا العدد من البشر لن يقتات الهواء ويلتحف السماء. الخيار لنا، إما أن نعمل ونجد لننتج أرغفة أكثر، أو أن نقلل الأفواه التي تتقاسم الأرغفة ليحتفظ كل برغيفه، أو أن نقبل بأن يقتسم الرغيف عدد متزايد من الأفراد. ولذلك، يمكن القول إن معضلة الموارد البشرية في السعودية ليست البطالة أساساً بل مكافحة مخاطر الفقر، فإذا كان النمو الاقتصادي لا يستطيع مسايرة النمو السكاني، فهذا يعني حكماً أن نصيب الفرد من الناتج في تقلص. وإذا استمرت هذه الظاهرة لعدد كافٍ من السنين فسنجد أن أعداداً متزايدة من السكان ستصبح حكماً أقل ثراء وأخرى ستصبح أكثر فقراً. وقبل الولوج في الأمثلة الرقمية يجب التحذير من استخدام الأسعار الجارية لمقارنة التغير في الدخل، ولهذا فإن الأسعار الثابتة لعام 1970 ومستقاة من البيانات الرسمية هي المستخدمة في الأمثلة الإيضاحية اللاحقة. لنأخذ مثلاً العامين 1998 و1999 حيث يمكن تقدير عدد سكان المملكة بنحو 19.222 مليوناً و19.895 مليوناً على التوالي، نجد أن متوسط نصيب الفرد من الناتج كان قرابة 25 ألف ريال 6700 دولار تقريباً بالأسعار الجارية في عام 1998، وأصبح 26.2 ألف ريال 7000 دولار. وارتفع نصيب الفرد من الناتج نتيجة نمو الاقتصاد في ذلك العام نمواً اسمياً تجاوز ثمانية في المئة. وعند تطبيق المثال نفسه على العامين 1997 و1998 سنجد وضعاً مختلفاً، اذ تراجع نصيب الفرد من 29.5 ألف ريال 7900 دولار تقريباً إلى 25 ألف ريال 6700 دولار تقريباً. والصورة تصبح أكثر دقة، بطبيعة الحال، عند استخدام الأسعار الثابتة، فهي تعكس المقدار الحقيقي لاجمالي الناتج المحلي من عامٍ إلى آخر. ولا يتسع المجال هنا لتكرار الأمثلة، فقد تكفي الإشارة الى أن نصيب الفرد من الناتج بالأسعار الثابتة قد تراجع بنحو 4.6 في المئة خلال الفترة من 1996 إلى عام 2000. بالنظر لما تقدم، وعلى رغم تعدد الخيارات، فإن الخيار العملي هو خليط يشمل السعي لخفض عدد الوافدين وحفز الاقتصاد لتحقيق مزيد من النمو. وهكذا، نعود ثانية إلى الحاجة الماسة لنمو الاقتصاد بمعدل مرتفع بما يكفي لسد الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة اقتصادياً في أقل عدد ممكن من السنوات. وفي ما يتعلق بالموارد البشرية فهذا يعني تأهيل الموارد البشرية وتزويدها بالمهارات التي تمكنها من الإنتاج بكفاءة عالية، بل والحرص على أن تكون منافسة مقارنة للمتاح في البلدان الأخرى. أما عندما يعاني مجتمعنا، الذي يعتمد في الوقت الراهن على العمالة الوافدة إلى حد بعيد، من مظاهر بطالة متزايدة بين مواطنيه، ومن تخمة في مؤسسات التعليم العالي لا تمكنها قبول إلا جزء يسير وحسبما اتفق من تخصصات، ومن منافسة حادة على الوظائف نتيجة للوفرة الكبيرة للعمالة الوافدة، ومن تسرب لرأس المال البشري نتيجة أن جل الخبرة المتراكمة ترحل برحيل الوافد... عندما نعاني من هذه التحديات نجد أن برنامجاً مترابطاً لتعظيم الاستفادة من الموارد البشرية المحلية هو أمر ملح، فالنمو يرتكز قبل أي شيء آخر على توفر العامل المؤهل، فالاقتصادات المتقدمة أصبحت كذلك اعتماداً في المقام الأول على مهارة عمالتها. ولذلك يمكن القول إن تحقيق الاقتصاد السعودي معدلاً أعلى من النمو رهن بقدرة اقتصادنا على تطوير موارده البشرية والاستفادة منها والعمل على الرفع من قدرتها التنافسية، فالعمالة المؤهلة والمنافسة هي من أهم عوامل استقطاب الاستثمار. الموارد الطبيعية ما أن تذكر الموارد الطبيعية في المملكة حتى يقفز النفط إلى الذهن. وليس محل جدل أن المملكة تطفو على بحيرة من النفط، فربع احتياط العالم مختزن تحت أديم الأرض هنا. وعلى مدى الستين عاماً المنصرمة كان للنفط الكلمة الأرجح في وضع الخزانة العامة، وبالتالي في تمويل برامج الحكومة. وحالياً، وعلى رغم أن النفط يساهم بنحو ثلث الناتج المحلي، غير أن سطوته تتجاوز ذلك، لأكثر من سبب: الأول أن قطاع النفط هو أكبر قطاع إنتاجي منفرد من حيث القيمة المضافة وبالتالي المساهمة في الاقتصاد الوطني، الأمر الثاني أن الإيرادات النفطية تمثل إجمالاً أكثر من 80 في المئة من إيرادات الخزانة، ففي عام 2000 ساهمت الإيرادات النفطية بنحو 215 بليون ريال من إيرادات إجماليها نحو 258 بليوناً. وبالتأكيد فبرنامج التنويع الاقتصادي جاهد، وعلى مدى الأعوام الثلاثين الماضية، للتخفيف من سطوة النفط، وليس مفاجئاً القول إن نتائج إيجابية تحققت لكن النفط ما زال مسيطراً. فقبل بداية الخطة الخمسية الأولى في عام 1969 كانت مساهمة النفط في الناتج تقدر بنحو 56 في المئة، وتقلصت إلى نحو 34 في المئة في نهاية عام 2000 بالأسعار الثابتة. وعلى رغم أن إيرادات النفط تتذبذب صعوداً وهبوطاً، فخلال العقدين الماضيين تراجعت إيرادات النفط عشرة أعوام وارتفعت في الأعوام العشرة الاخرى. غير أن الخزانة العامة دأبت على اتقاء تأثير تلك الهزات بإعلان عجز أو فائض حسب مقتضى الحال. هذا هو ظاهر الأمر، أما حقيقته فهو أن استراتيجية التنويع الاقتصادي لم تجلب للخزانة العامة للدولة تدفقات نقدية تستطيع منافسة النفط من قريب أو بعيد. وعند النظر إلى الموارد الطبيعة الأخرى على النفط نجد أن قطاع التعدين غني لكن مساهمته لم تنم بما يتجاوز ثلث من الواحد في المئة. وعلى رغم تأسيس الحكومة لشركة مملوكة لها بالكامل معادن في محاولة لحفز الاستثمار في نشاط التعدين، لكن يبدو أن تطوير نشاط التعدين في المملكة بحاجة إلى اعادة النظر لتحريك مياهه الراكدة، ولعل إعادة النظر في نظام التعدين تمثل بداية مناسبة. ولا يمكن تأكيد أهمية هذا القطاع بما فيه الكفاية في استقطاب استثمارات تمكن من توسيع الرقعة الحضرية للمملكة، فالمناطق الغنية بالبوكسايت والفوسفات مرشحة لتصبح مناطق مأهولة بالسكان إذا ما توافرت البيئة. وهنا نذكر بأن صناعة النفط ساهمت مساهمة مباشرة في تكوين مدن حديثة في الخبر والدمام والظهران. وتجدر الإشارة إلى أن مساهمة التعدين نمت في حدود 40 في المئة على مدى عشرين عاماً كاملة. وعلى رغم شهرة مشروع إقامة سكة حديد تصل الزبيرة منطقة وجود خام البوكسايت بمدينة الجبيل، فتمويل ذلك المشروع كان شرطاً لتجديد امتياز "شركة النفط العربية" في الخفجي، إلا أن المشروع لم يقم حتى الآن. والمشروع حيوي بالفعل، فهو يستغل الخام استغلالاً صناعياً في الزبيرة، ويؤدي لإنشاء سكة حديد إلى الجبيل، ثم في الجبيل ستقام مصفاة تنتج الألومنيوم الأولي، ما يساعد على توسيع صناعة الألومنيوم في المملكة ويمكنها من التكامل مع الصناعات في دول مجلس التعاون وخصوصاً في البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، وعلاوة على ذلك ينمي الصادرات غير النفطية السعودية. إذاً، يمكن التلخيص بالقول إن البلاد بحاجة إلى مبادرة لربط حلقات نشاط التعدين لكسر حال الجمود المعاشة. وهناك تجربة جديرة بالتأمل، لاستفادة المملكة من مواردها الطبيعية، هي مبادرة الدولة في صناعة البتروكيماويات السلعية. وهذه قصة نجاح، تمثل الشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك أحد مرتكزاتها الرئيسة. لكن تبقى هذه الشركة العملاقة إحدى بنات أفكار الحكومة، وهي لا تزال تمتلك 70 في المئة منها. أما الجانب التنموي هنا، فهو أن الحكومة منحت هذه الصناعة كل الدعم بما في ذلك التمويل الميسر والبنية التحتية المتميزة في الجبيل وينبع. والآن يبدو أن الأوان قد حان للاستفادة من هذه التجربة وتطويرها، في خطوة تنموية تسعى لتحقيق مزيد من التوسع في مجال البتروكيماويات من جهة، وتساهم في تسريع إيجاد الروابط بين الصناعات البتروكيماوية السلعية والوسيطة والمتخصصة. وهذا سيساهم ليس فقط في جذب الاستثمارات، بل كذلك استقطاب المعرفة والتقنية وفتح المجال أمام الشركات العالمية للاستفادة من الميزة النسبية المحلية، رغبة في تنمية الناتج المحلي من جهة والصادرات غير النفطية من جهة أخرى وتوفير فرص عمل فنية للمواطنين، والاستفادة من البنية التحتية خصوصاً في مدينتي الجبيل وينبع وإثراء الدور المتوقع لشركة مرافق بعد أن أعلنت الحكومة التزامها أخيراً بتوسيع مدينتي الجبيل وينبع. وآلية توظيف الموارد الطبيعية للسعودية يجب أن تتطور لترتكز من كون الحكومة شريكاً مستثمراً في رأس المال إلى شريك في الأرباح، وذلك بتحويل المشاريع الاقتصادية بالتدرج ووفق برنامج للقطاع الخاص، وإيداع الحصيلة في صندوق هدفه تعزيز استقرار الخزانة في حال وقوع عجز في الموازنة، ما يغني عن الاقتراض ويحد من تنامي الدين العام، ويقلص من عبء خدمته. ولذلك، لا تبدو مبررة المطالبة بمزيد من التريث قبل إطلاق برنامج للتخصيص متتالي الطلقات. إذ يبدو أن تمويل صندوق "تعزيز استقرار الخزان" من خلال بيع المشاريع الاقتصادية يستوفي جميع الشروط: - فهو لا يقرب قطاع النفط ويبقيه ضمن حظيرة الحكومة، على رغم أهمية أن تفكر الحكومة جدياً في تخصيص مصافي تكرير النفط إجمالاً. - وهو كذلك يساهم في زيادة مساهمة القطاع الخاص في اجمالي الناتج المحلي، وهي زيادة تميزت بالثبات إجمالاً خلال العقد المنصرم، فقد كانت نحو 47.4 في المئة في عام 1991 لتصبح 48 في المئة تقريباً عام 2000. واضافة الى ذلك يتيح فرصة لتدفقات استثمارية خاصة أعلى لهذه الأنشطة غير مرتبطة بالحكومة وحاجاتها لتوزيع أرباح. - ويساهم في توفير أموال تغني عن اللجوء إلى الاقتراض وتضخيم الدين العام. * متخصص في المعلوماتية والإنتاج.