قرأت المقال المنشور في صحيفة"الحياة"، بتاريخ 16 - 12 - 2008، بعنوان"وجهة نظر: لغة الأحذية وما دونها!"للكاتب"هوشنك أوسي"، إذ يرى الكاتب أن ما قام به الصحافي العراقي هو تصرف غير مقبول، وفيه الكثير من عدم اللياقة، وأنا أتفق معه في أن هذا المنتظر قد كسر قواعد اللياقة والأدب الذي امتزنا فيه كعرب، ذلك الأدب السياسي الجم الذي حقق لنا كل ما كنا نصبو اليه من عزة ومناعة ورفعة، وبفضل هذا الأدب الذي مارسناه باحترافية عالية على مدى 60 عاماً ونيف عادت فلسطين لأهلها، واصبح العراق من بلدان العالم الأول بعد أن تم تحريره من أهله، إذ أصبح مثالاً يحتذى للديموقراطية ونموذجاً للرخاء والازدهار والعمران، وكرامته مصانة وهامته فوق السحاب. وبعد يا سيد هوشنك أوسي: هل تعلم أن جل المصائب التي حلت بنا كعرب هو لأننا مؤدبون سياسياً وبامتياز، هذا الأدب الذي أبقانا 60 عاماً ونيف نتسول ونستجدي مجلس الأمن والمنظمة الدولية، والقوى العظمى لحل أزمة فلسطين، ويقابلون ذلك بتجاهل واستهتار. هل تعلم أن أميركا والقوى العظمى كانت غير مؤدبة اطلاقاً عندما حضر الانسان الأبيض وقتل ستة ملايين هندي أحمر هم سكان البلاد الأصليون، وتكونت في ما بعد أميركا التي ألقت القنبلة الذرية على اليابان، واحتلت كوريا، واحرقت في ما بعد فيتنام، ثم توجت ذلك كله وأيضاً بالكذب باحتلال العراق. أيضاً فعلت الدول الأوروبية ما فعلته من احتلال العالم وقتل الملايين في الهند والجزائر، ثم اتفاق"سايكس بيكو"الذي تقاسموا بموجبه بلاد العرب، ثم توجوا ذلك كله بوعد"بلفور"، عندما أهدوا فلسطين الى الصهاينة، إذ أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، وكل ذلك بسبب الاعتداء على الغير من دون مبرر، لأنه بعد انتهاء الاستعمار عادوا الى بلادهم وعاشوا في رغد، فبلادهم غنية ولا تزال خيراتها تفيض عن حاجتهم، فهم احتلوا وقتلوا من دون سبب، فهل هذا أدب؟ ألا ترى معي يا"هوشنك أوسي"تجاوز التقاليد عندما توصلك الى ما وصلت اليه أميركا وغيرها تصبح ضرورة قصوى وملحة جداً، وإن تأدبنا يا هو السبب في وصولنا الى ما نحن فيه من احوال لا تخفى على أحد، فقد منعنا هذا الأدب الجم من أن نقول"لا"ومنعنا أن نقول"نعم"عندما كان يجب أن نقولهما. قل لي أيضاً أيهما أقل أدباً أو أكثر تأدباً لا فرق، من قتل وشرد الملايين من دون سبب؟ أم من رمى حذاءه في لحظة غيظ مدمر في وجه من أتى ليعلمه أن بلاده أصبحت في أحسن حال بعد الديموقراطية وملايين القتلى والجرحى والمشردين، ومياه دجلة والفرات الملوثة باليورانيوم المنضب، والأطفال المشوهين والقنابل الذكية؟ ماذا تتوقع رد الفعل عندما يقف بوش، وهذا بشهادة والدته وابناء جلدته، لكي يوقع اتفاق المهانة التي هي ثمرة حرب قذرة تم خوضها تأسيساً على أكاذيب راح ضحيتها الملايين ودمرت فيها بلاد على رؤوس أهلها. أخيراً، أحب أن أخبرك يا سيد هوشنك أوسي أن منتظر الزيدي، دخل التاريخ وأصبح حديث الساعة، وان العالم كله بما فيه أميركا معجب وراضٍ عن تلك الضربة الموفقة، وانت تخشى ان تكون هناك قصص وافلام ومسرحيات تمجد ذلك الحذاء، كما تذكر في نهاية مقالك. وانا أقول لك ان ذلك كائن لا محالة. سامي مانع العتيبي - الرياض