مع رحيل سنتين في سنة واحدة"الهجرية والميلادية"، وفي وقت واحد، يرتكب العدو الصهيوني أبشع مجزرة بشرية في التاريخ بقتله وجرحه المئات من أبناء الشعب الفلسطيني وبدم بارد ودون اكتراث، وكأن شيئاًِ لم يحصل، وكأن الدماء التي غطت الأرض، والأجساد التي تقطعت وصارت أشلاءً، أو التي احترقت، أو جثث الأطفال التي اختطفت براءتها، أو المباني التي دمرت على من فيها، كل هذا شيء عابر، والعالم أجمع يقف متفرجاً يندد ويشجب فقط. بل الأغرب من ذلك أن العدو الصهيوني أخذ يتبجح ويفتخر بما فعله، ويدعي أنه عين الصواب من دون وازعٍ من ضمير أو وازعٍ من خلق، وهو يصرح أن ما قام به هو البداية! وكأن ما قتل من أهل فلسطين لم يشفِ غليله وحقده، ولم يرتوِ من الدماء التي سالت! لكن لا يلام ما فعله العدو، فهو اسم على مسمى، ولا يستغرب إذا فعل أعظم وأبشع من ذلك، فمفردات قاموسه على مر الزمن هي القتل والتآمر والدس، والتاريخ يشهد على ذلك ولا ننتظر منه ان يكون حملاً وديعاً يتودد إلينا ويظهر جانب العطف واللين، إنه غير ذلك البتة، فهو يريد ان يكون السيد المُطاع في المنطقة، والآمر الناهي بين ظهرانين،ا القوي المهاب ليزرع الخوف والذل والمهانة في نفوس شعوبنا، لكي لا نفكر في اعادته من حيث أتى، فهو يعرف ان وجوده على أرض فلسطين حياة أو موت، وبهذا يلجأ إلى كل الوسائل القذرة وهي عنده مقدسة. وهو يعرف حق المعرفة ان المعركة قادمة، ويؤمن ان هناك زمناً تقوم فيه فئة من هذه الأمة، عاجلاً أم آجلاً، بمحاربته وسننتصر عليه، وهذه هي من معطيات النواميس الكونية أولاً ودورات الزمن أيضاً إذا لم نأخذ بعين الاعتبار الحقائق الدينية والتاريخية لأمتنا. لعل بعضاً ممن يعيشون بيننا لا يعيرون هذا الأمر بالاً، فالدين والتاريخ غير معترف بهما، وأصبحنا لديهم دمى محنطة في المتاحف، مرة أخرى لا نلوم هذا العدو بل نلوم أنفسنا أولاً وأخيراً، فنحن من شجعه على أفعاله الإجرامية! خالد الحاجي - الرياض