سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحدهم كسر يد والدته لأنها حضته على الصلاة ... وآخر من موظف تدرب في أميركا إلى زنزانة بسبب "الهيروين" . "الحياة" تزور سجناء "عنبر المخدرات" ... وتسمع حكاوى "الندم" و "التوبة" وجنون "الإدمان"
{ تقف"المخدرات"وراء كل جريمة يتم ارتكابها، إذ إن كثيراً من المجرمين يرتكبون جرائمهم تحت تأثيرها، وبفعل المسكرات التي تذهب العقل وتعطل التفكير المنطقي السليم، مثلما يرتكب مجرمون جرائمهم للحصول على المال، لا لشيء سوى شراء المخدرات التي تعد قضاياها الأكثر عدداً بين القضايا الجنائية. وتشكل نسبة سجناء المخدرات داخل السجون السعودية 60 في المئة من سجناء القضايا الجنائية. وهناك سجناء يستفيدون من فترة سجنهم بالتدبر في ما وصلوا إليه بسبب المخدرات وسلطانها عليهم، وتجدهم يقلعون في نهاية المطاف عن هذه العادة السيئة، بينما يواصل سجناء آخرون تعاطي هذه الآفة العقلية الضارة حتى يصلوا إلى سن ال 60، ولا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم من أجل تحقيق غايتهم الأولى والأخيرة: اقتناء المخدرات وتعاطيها. من وراء قضبان سجن الإصلاحية بمكةالمكرمة التقت"الحياة"سجناء رووا قصصهم ل"الحياة"من دون تزويق ولا نفاق. النزيل"خ. ش."30 عاماً سرد قصته بألم وحزن بعد أن مضى على سجنه 11 عاماً. قال: كنت موظفاً عسكرياً أعول 15 بنتاً وولداً من إخوتي بعد وفاة والدي. وكانت حياتي لا تتعدى الذهاب إلى العمل والعودة إلى البيت. لم يكن يشغلني شيء سوى تأمين مستقبل إخوتي. ولبثت عامين على هذا المنوال، حتى تعلمت تعاطي المخدرات. ذات يوم استفزع ابن عمي بي ضد أحد أقاربنا بسبب مشاجرة بينهما، فذهبت معه، وكان كل منا يحمل سكيناً في جيبه. ما إن لقينا الخصم حتى بدأ العراك. سدد ابن عمي للضحية طعنة قاتلة في صدره، وقمت بطعنه في يده، فسقط جثة هامدة أمامنا. نقلناه إلى"مستشفى النور"في مكةالمكرمة وهو غارق في دمائه، وضعناه أمام بوابة طوارئ المستشفى ولذنا بالفرار. وبعد مضي ساعة علمنا بأنه فارق الحياة داخل المستشفى متأثراً بجروحه. اختفيت داخل منزلي خائفاً مما قد يحصل، أنظر إلى إخوتي متسائلاً ماذا ستكون حالهم بعد دخولي السجن. وبعد مرور 24 ساعة فحسب تم القبض علينا أنا وابن عمي. وحكم علينا بالقصاص القاصر، لكون القتيل لديه أطفال. وتم إيداعنا السجن لتبدأ رحلة المعاناة لإخوتي، 11 بنتاً و4 أولاد ليس لهم من معيل سواي. وبعد مضي عامين على سجننا، توفي ابن عمي داخل السجن الذي ظل ينتظر فيه القصاص، كان دوماً يسألني متى سيتم إنزالنا إلى ساحة القصاص، وبعدها ظللت أواجه القصاص وحدي، وكابوسي كل ليلة مشاهدة ساحة القصاص. وعلى رغم ذلك حفظت جزأين من القرآن الكريم، وقمت بما يلزم لتزويج إخواني من داخل السجن. ولم تقصر إدارة السجون معي، إذ سعت لحل قضيتي بإحالتها إلى لجنة العفو، وتم التنازل من قبل أهل القتيل في مقابل 11 مليون ريال. ولكن من أين لي بهذا المبلغ وأنا فقير. وأضاف: أشكر أهل القتيل على التنازل، وهذا حقهم الشرعي أن يطلبوا أي مبلغ، وأرجو من فاعلي الخير أن يساعدوني حتى أقضي المدة المتبقية بجوار والدتي المريضة التي لم أرها منذ 11 عاماً. عقوق بالوالدين تحت تأثير"المسكرات" "م. ه."40 عاماً تختلف قصته فهو أدمن على تعاطي العرق المسكر، وله أربع سوابق. يقول: عندما أشرب المسكر لا أسيطر على نفسي، وأفتعل المشاكل، وليس معي في المنزل سوى والدتي المسنّة. وقد تعودت على تعاطي المسكر داخل المنزل. وذات يوم أكثرت من الشراب، ونسيت باب غرفتي مفتوحاً فدخلت أمي عليّ، وقالت لي قم صلِّ، وبدلاً من أن أشكرها ركلتها برجلي، فكسرت يدها وغادرتُ المنزل. وأنا مسجون بقضية عقوق والدتي، ونادم أشد الندم على ضرب والدتي. واستمعت داخل السجن إلى حديث من أحد الدعاة عن فضل الأم، و سأسعى جاهداً لكسب رضاها بعدما أخرج من السجن، وسأمتنع بإذن الله عن تناول المسكرات. حياتي من سجن إلى آخر "ب. ن."40 عاماً: أنا شخص مستهتر. مضى عمري وأنا من سجن إلى سجن. لدي 20 سابقة جنائية، ولم أستفد من أخطائي. تعلمت شرب المسكرات بعدما شاهدت صديقاً لي يتناولها، وكان عمري آنذاك 20 عاماً. وتعلمت لاحقاً تعاطي المخدرات، وعند تناولي لها ارتكب أي جريمة بعد خروجي إلى الشارع، كأن أعتدي على أي شخص من دون أن يفعل لي شيئاً أو أتهجم على رجال الأمن"."مضى عمري وأنا أنقل من سجن إلى سجن، حتى أن والدي مات وأنا داخل السجن، ولم أشارك في دفنه على رغم أني أكبر أبنائه، وهذا أعطاني درساً وصممت على أن هذه ستكون آخر سابقة لي ولن أعود إلى طريق الهلاك مرة أخرى بإذن الله. وقد تعلمت من الدروس الدينية التي تلقى علينا داخل السجن من الدعاة ما يكفي من المواعظ الكفيلة بإبعادي عن هذه السموم القاتلة. وأنصح كل شاب بعدم خوض تجربة تعاطي المخدرات، فالبداية فيها تعني نهاية الإنسان الذي لا بد أن يصبح أسيراً لها". سلبت مقيماً لشراء المخدرات وقال"ص. ش."22 عاماً:"سلبت أحد الوافدين البنغاليين بعد ضربه بمساعدة أحد أصدقائي في خليص، وأخذت هاتفه النقال ونقوده من أجل شراء المخدرات. لم أكن أتعاطى شيئاً حتى الدخان العادي، إلى أن رافقت أحد الأصدقاء وبدأت أتعاطى معه الحبوب المخدرة، وأسهر خارج المنزل على رغم تحذيرات والدي لي من البقاء خارج المنزل بعد منتصف الليل. لم أستجب للتحذير، وادمنت تعاطي حبوب"الكبتاغون". وفي يوم 28 رمضان لم يكن معي مبلغ لشراء حاجتي من الحبوب المخدرة، فالتقيت بأحد العمال وطلبت منه هاتفه النقال لإجراء اتصال، فأعطاني إياه، فقمت بضربه بمعاونة صديقي، وأخذنا ما معه من مال ولذنا بالفرار". "تم القبض علينا رابع أيام العيد، وحكم عليّ بالسجن ثلاثة أعوام كانت كفيلة بأن تشعرني بفداحة جرمي وظلمي لنفسي ومجتمعي. وأعلنت توبتي داخل السجن، وقررت الابتعاد عن المخدرات، وواصلت دراستي حتى حصلت على الثانوية العامة من داخل السجن. وسأخرج من السجن ولن أعود إلى طريق المخدرات. وأنصح أي شاب أن لا يقترب منها، فهي كفيلة بأن تقوده لارتكاب أي جريمة من أجل الحصول عليها وتعاطيها". من أميركا إلى السجن بسبب"الهيروين" "م. ك."40 عاماً من مدخل بيانات في الحاسب الآلي بعد حصوله على دورة تدريبية في الولاياتالمتحدة إلى مروج حشيش محكوم عليه بالسجن خمس سنوات. روى قصته ل"الحياة"بألم وحزن على فراق ابنه الوحيد. قال:"كنت موظفاً براتب جيد. وكانت حياتي مثل أي شخص راض بنصيبه وأعمل من أجل تأمين مستقبل مشرق لابني الوحيد ابن السابعة ولا أغادر المنزل، حتى إن زوجتي قالت لي لماذا لا تذهب مع زملائك وأقاربك. بدأت أخرج من المنزل، وكنت أزور ابن خالتي وتعودت الجلوس معه. وبعد فترة تعلمت منه تعاطي الحشيش والهيروين، وأصبحت مدمناً، ولم أعد أجد وقتاً للجلوس مع ابني، وأصبحت مهدداً بالفصل من عملي بسبب غيابي المتكرر، وحتى مستلزمات ابني لم أعد ألبيها مثل السابق، لأنني أصبحت أسيراً للهيروين وتعاطيه، حتى تم القبض عليّ وبحوزتي هذه المادة الضارة، وحكم عليّ بالسجن خمس سنوات وكانت أول مرة أدخل فيها مركز الشرطة في حياتي. وبعد دخولي السجن راجعت حساباتي وعلمت أنني أذنبت في حق ابني الوحيد، وطلبت من والدته أن تقول له إن أباه مسافر للدراسة لأنني لا أريد أن يكون أبوه المخطئ قدوة له. وأتمنى أن تنطوي الأيام لأخرج وأرى ابني الوحيد، ولن أعود للمخدرات التي حرمتني منه وحرمته مني". جنيت على أبنائي وبناتي "س. ن."45 عاماً:"تركت بناتي وأبنائي وهم في الجامعة والثانوية واتجهت إلى المخدرات حتى أصبحت مدمناً. كنت موظفاً بشركة نفطية مرموقة، وطلبت التقاعد من أجل هذه السموم التي جعلتني مجرماً بنظر أبنائي وبناتي. أواجه حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات كفيلة بأن تعيديني إلى صوابي، فهذه أول سابقة لي. "تم القبض عليّ متلبساً بحيازة الحشيش. تمنيت أن أكون من الأموات على أن أكون من أرباب السوابق، من أجل أبنائي. وشعرت بالذنب لأني جنيت على بناتي، فمن يتزوج فتاة والدها من أرباب السوابق. يعلم الله أنني قررت التوبة. ولم تقصر معي إدارة السجن، إذ ساعدتني على حفظ 10 أجزاء من القرآن الكريم، وسأواصل الحفظ حتى أحفظ القرآن كاملاً"."أقول لكل أب: راقب الله في أبنائك، ولا تقدم على المخدرات، فهي وصمة عار لك ولأبنائك طوال العمر، وهي ضياع للإنسان، إذ تورثه الجبن وتؤثر في سلامة تفكيره". فصلت من المدرسة بسبب المخدرات "ح. ب."30 عاماً:"كنت أتعاطى"الماريجوانا"، ثم انتقلت إلى الحشيش الذي أدمنته، كنت أخفيه في مستودع داخل منزلنا وكنت أيامها أدرس في المرحلة المتوسطة، وحين يسألني أبي هل ذهبت إلى المدرسة أقول: نعم، ولم أكن أذهب للمدرسة حتى فصلت منها، ولم يكن أهلي على علم بمشكلتي مع تعاطي سموم المخدرات، إلى أن سجنت وأصبحت نادماً على ما فعلته. هذا درس تعلمته ولن أعود إلى المخدرات مطلقاً. وأشعر بالامتنان نحو الاختصاصيين الاجتماعي والنفسي في السجن إذ أخرجاني من عزلتي"."أعلنت التوبة وعدم الرجوع للمخدرات بعد أن حفظت20 جزءاً من القرآن الكريم داخل السجن، وحصلت على شهادة الدراسة المتوسطة من داخل السجن. المخدرات تجعل الشخص عديم الإحساس والغيرة، حتى على أهله، وهذه هي الحقيقة. فهو لا يهمه شيء سوى الحصول على المخدرات بأي ثمن مادي أو غير أخلاقي". تقاعد وكيلوغرام من"الحشيش" "د. ب."50 عاماً:"ليتني لم أخط خطوة إلى طريق الحشيش المخدر. ليتني متُّ قبل أن أشتت أبنائي وبناتي بدخولي السجن، فإن من هو مثلي في هذا العمر لا بد أن يكون قدوة. بدأت قصتي بأني بعد تقاعدي من العمل، تعرفت على رفيق سوء زين لي طريق المخدرات حتى سقطت في حبائله"."كنت أحرم أبنائي من المصروف والزي لأخصص المال لشراء السموم. وذات يوم اتفقت مع رفيق السوء على أن يوفر لي كيلوغراماً من الحشيش لأبيعه، وتم القبض عليّ قبل أن أدمر شباباً وأسراً أخرى، وحكم علي بالسجن 6 أعوام"."أعتذر لأبنائي وبناتي عما قدمته من عار لهم، وأعاهد الله ثم أعاهدهم على ألا أقدم على تعاطي المخدرات مرة أخرى مهما كان الثمن، فالذي يبعدك عن أبنائك أبعد عنه ولا تقربه. وأشكر مدير السجون بمكة الذي يتلمس احتياجاتنا دوماً حتى لم نعد نفكر في المخدرات من خلال الندوات التي تلقى علينا والمحاضرات التوعوية بأضرار المحخدرات وما تخلفه من أمراض".