صغار سن انجرفوا خلف المخدرات، وأصبحوا مدمنين عليها، ومن بينهم من تورط في بيعها وترويجها بعد أن استغلوا من قبل المروجين لهذه السموم القاتلة.وأسباب تعاطي هؤلاء الصبية للمخدرات أو تورطهم في ترويجها تنوعت، فمنهم من كان ضحية للصداقة السيئة، وآخرون وجدوا فيها سبيلاً لإثبات رجولتهم، وكل بطريقته الخاصة، إلا أن الوافدين هم الذين يزينون طريق المخدرات لصغار السن، لإخضاعهم وإبقائهم تحت تصرفهم، فيما ينشد فتية منهم أن يخرجوا من دائرة الفقر ويصبحوا أثرياء من الاتجار في المخدرات. تتردد بين جدران سجن الإصلاحية في مكةالمكرمة وخلف قضبانها قصص شبان أدمنوا المخدرات أو تورطوا فيها، والتقت"الحياة"عدداً منهم. يقول م ع 22عاماً والمحكوم بالسجن ثلاثة أعوام، بعد ثبوت تورطه في بيع الحشيش المخدر"تعاطيت المخدرات عن طريق أحد الأصدقاء، وكنت أشتري السيجارة منه بمبلغ يتراوح بين 100 و200 ريال، ولكني عجزت بعد ذلك عن شرائها". ويضيف ل"الحياة":"عندما أصبحت مدمناً عليها، ولا أستطيع الاستغناء عنها طلبت منه أن يعطيني كمية مجانية لتدخينها، إلا أنه أبلغني بوجود طريقة أسهل، أستفيد منها بدخل مادي، وفوجئت به يطلب مني بيع الحشيش، إلى المدمنين عليها، وأعطاني عشر سجائر حشيش لأبيعها، ومع مرور الوقت ذاع صيتي بين الناس، وبدأت الأجهزة الأمنية في مراقبتي إلى أن ألقي القبض علي، ومعي الحشيش المخدر، وقد اعترفت بتورطي في بيعها"، مشيراً إلى أن صديقه سرعان ما اختفى عن الأنظار، وأنه لا يعرف إلى أين ذهب. ويعود ع م للقول:"ضاع مستقبلي، خصوصاً وأنني خريج الثانوية العامة، ومرضت والدتي بسببي، بعد أن كانت تعقد عليّ الآمال في أن أصبح رجلاً يعوضها عن رحيل أبي، ويقوم بشؤون البيت مكانه"، مؤكداً أنه تعالج في السجن من هذه السموم، وتعلم مهنة سيعمل فيها، ويعوّض أمه عما مضى. أما ع م 23 عاماً، الذي أدمن على الحشيش، فيقول:"مررت بظروف صعبة وقاسية في الحب، وأردت أن أخرج من هذه التجربة وأنساها، وتعرفت على أحد الوافدين ورويت له قصتي، وبعد مدة قال لي إن لديه ما ينسيني، ومنحني سيجارة، فأخبرته أني لا أدخن، إلا أنه أكد لي أن هذه السيجارة ستجعلني أنتعش وأعيش حياة أخرى فأخذتها". ويشير إلى أنه بعد أن أصبح مدمناً على تعاطي الحشيش، بدأ الوافد يطالبه بمبلغ لشرائها، وأصبح يسرق من أموال وأملاك أسرته لبيعها، حتى وصل به الحال إلى سرقة ذهب أخته وباعه ليشتري بثمنه حشيشاً.ويضيف أن أفراد أسرته وجيرانه لاحظوا عليه التغير نتيجة تعاطي الحشيش، إذ أصبح منزوياً عن الناس، حتى ألقي القبض عليه وهو يشتري كمية من الحشيش من أحد مروجيها، وحكم عليه بالسجن ستة أشهر، ويقول:"إنني نادم الآن، ولكن بعد أن دمر هذا الوافد حياتي ومستقبلي، إذ أنه عالج مشكلتي بالحب بمشكلة أكبر منها، الله لا يسامحه". وبما أن أسباب تعاطي المخدرات متعددة والسجن واحد، فإن حلم الثراء قاد ر ص ع 22 عاماً لبيع حبوب"الكبتاغون"، ويقول:"تخرجت في الكفاءة المتوسطة، وعملت في إحدى الشركات بمرتب ضئيل، وكنت أحلم بالثراء وامتلاك الكثير من المال، وتعرفت على أحد المروجين، الذي أكد لي أن لديه حلاً ليجعلني ثرياً، وبعد تردد أقنعني وبدأت ببيع حبوب الكبتاغون، وبدأ المال يجري في يدي، وعندما كان يسألني والدي عن مصدر المال كنت أكذب عليه بأنني أعمل في حراج السيارات في المساء، وهذه عمولات عن بيع السيارات، فدعا لي بالتوفيق". ويشير إلى أنه بدأ يشتهر ببيع"السموم"لدى الجميع، وفى ذات يوم جاءه شخص ليشتري منه الحبوب، إلا أنه كان مخبراً من مكافحة المخدرات، وتبعته مجموعة من رجال المكافحة، الذين قبضوا عليه بجريمة البيع، فحكم عليه بالسجن لعامين، ويقول:"تعلمت من تجربتي السابقة بأن المال الحرام يذهب من حيث أتى، وبعد أن علم والدي زارني وقال لي تكذب علي وأنت تدمر بلدك وشبابه بهذه السموم". أما ف ح م 23 عاماً، المحكوم بخمسة أعوام في قضية بيع الحشيش المخدر فيقول:"كنت أبيع هذه السموم داخل المنزل، إذ أقوم بلف السيجارة وبيعها بمبلغ يتراوح بين 100 و150 ريالاً، على الصغار من المدمنين بالدين". ويضيف:"كنت أذهب إلى جدة وأحضرها من أحد الوافدين من الجنسية التشادية، الذي أشار عليّ أن أحمل مسدساً لأنه ضروري في عملنا هذا وأحضرها إلى مكةالمكرمة وهكذا كان، وفي إحدى المرات حاول رجال مكافحة المخدرات مطاردتي إلا أنني تمكنت من الإفلات منهم، ولكن لم يستمر هروبي منهم لفترة طويلة، إذ بعد مرور مدة قصيرة أرسلوا إليّ أحد المتعاونين معهم ليشتري مني كمية من الحشيش، وعند تسلمه البضاعة دهم المنزل، وألقي القبض علي". ويبدي ف ح م ندمه على تورطه في تجارة الحشيش، ويقول:"ليتني لم أسلك طريق الهلاك، إذ جعلت سمعة أهلي في التراب، وأصبح الناس يعايرون إخوتي بي، وتسببت في طلاق أختي بعد أن علم زوجها أنني أبيع المخدرات في المنزل". ويستطرد قائلاً:"دخلت السجن، وتعلمت منه مهنة الحلاقة التي ستغنيني بالحلال إن شاء الله، ولن أعود إلى تلك الطريق التي كنت أسير فيها مهما صار، لأني تعلمت داخل السجن من الدعاة جزاهم الله خيراً حديث:"من نبت جلده من سحت فالنار أولى به"، وأوجه نصيحة إلى الشبان بالابتعاد عن المخدرات، فهي تجعل الإنسان متبلد الشعور والإحساس". أما ح س 21 عاماً، فأدمن تعاطي العرق المسكر، وكان يشتريه ب 20 ريالاً للقارورة الواحدة، وبعدها انتقل لتعاطي حبوب الكبتاغون، وأصبح مدمناً على تعاطيها بصفة يومية، ويقول:"دفعتني حاجتي للمال لتعلم السرقة، وبدأت في سرقة الجوالات وبيعها، وبثمنها أشتري هذه السموم القاتلة". ويضيف:"ألقي القبض علي وفي حوزتي 13 حبة كبتاغون، وحكم عليّ بالسجن ثمانية أشهر لكوني صاحب سابقة أولى بشرب المسكر"، مشيراً إلى أنه لا يحمل سوى الشهادة الابتدائية، وتعلم في السجن مهنة الكهرباء خلال ثلاثة أشهر، و"كنت أمنح خلال التدريب مبلغاً مالياً قدره 400 ريال شهرياً، والآن سأخرج من السجن وقد عولجت من آثار تلك الحبوب المخدرة تماماً، ولن أعود إلى طريقها لأنها تجعل الإنسان جباناً، وكذب علي من قال إنها تمنح متعاطيها القوة".