لكل سوق موسمه... وموسم الفضائيات شهر يظهر في كل عام فقط... وها هو الآن بدأ في الظهور من جديد، وبدأ معه الإعداد المضن لاستقباله"بسلة"جديدة من المفاجآت ذات الفحوى المتكررة، ولكن بسياق نوعي مختلف سواء في التأليف والإنتاج وكذلك الإخراج، للفت نظر المشاهد العربي وجذبه نحوها، فتتسابق القنوات الفضائية ونجد بينها منافسة أقرب ما تكون إلى الشراسة لاحتواء أكبر عدد ممكن من البرامج والمسلسلات التلفزيونية حصرياً. لم يمضِ على مجئ الشهر الكريم سوى أيام قلائل، بيد أن الإعداد التلفزيوني الضخم لهذا الشهر بدأ قبله بنحو شهر أو شهرين للإعلان عما ستقدمه هذه الفضائيات من برامج دينية ودنيوية، ومسلسلات تاريخية وكوميديا ودراما اجتماعية، كأن مجئ شهر رمضان هو بمثابة إنقاذ لهذه القنوات الفضائية من ركود حل بها طوال العام، حتى أن الممثلين والممثلات والذين غابوا عن أعيننا طوال العام نجدهم وقد طلُّوا علينا قبل هذا الشهر على معظم الفضائيات و"كل ربع ساعة"في أوقات الفاصل الإعلاني ليروجوا عن مسلسلات هم أبطالها، ويختمون جملتهم الدعائية برمضان كريم، صحيح كرم لا بعده"يقبعون"على قلب المشاهد شهراً كاملاً من دون منازع للمكان، وكل طبعاً بحسب إجتهاده لينال شرف المنصب الكبير، حتى القنوات الفضائية بدأت تصمم شعارات لها تتناسب فقط مع الشهر الكريم، مثل رمضان يجمعنا، هل هلالك وياحلاة رمضان.. وغيرها. أما الدراما المصرية والتي لها قاعدة جماهيرية توازي الدراما السورية، لكن أعدت لهذا العام في رمضان مسلسلات تتناول قضايا إجتماعية قوية داخل المجتمع المصري، تتكلم فيه عن الفقر وأطفال الشوارع والاغتصاب وزنا المحارم وعمليات النصب والاحتيال... فمثلاً قضية أطفال الشوارع التي يعاني منها المجتمع المصري بشكل لافت في الآونة الأخيرة، أرى أنه كمنتج درامي يعاد كل عام في رمضان ولكن بطريقة مختلفة عن ذي قبل، وهنا أسأل هل هو للفت المسؤولين لهذه المشكلة لئلا تتفاقم خطورتها على المجتمع، والقيام بجميع الوسائل لغلق باب كان منفحاً على مصراعيه، أم وجهت مثل هذه القضايا فقط للمشاهد المصري والعربي وذلك للوعي فقط..أم لاستنهاض همته ليخرج إلى الشارع بعد عرض حلقات المسلسل، ويحمل لافتة مكتوباً عليها جملة من المطالب والتنديدات، فما حيلته إن كان كذلك؟! بعيد هذا كله فرمضان شهر صيام وعبادة وفرصة لاجتماع الأهل وتقوية صلة الأرحام بعد أن بعثرتها مشاغل الأيام، ضيف جاء ليحتوينا برحمة الله ولم يأتِ لكي"يكبس"على نفس المسلم فيبحث على متنفس له ليصطدم بفخ القنوات الفضائية، حتى زادت نسبة المشاهدة في رمضان أضعافاً مضاعفة عن باقي شهور العام بأكملها.