انضمت إلى قائمة الصادرات السعودية إلى الخارج العربي أو الغربي أمور أخرى غير اقتصادية، فلم تعد البضائع والمواد حكراً على التصدير، إذ دخلت معها على الخط طباع وأزياء، فحظي الهندام السعودي المتمثل في عباءة المرأة برواج في بلدان عربية، اجتهدت نساؤها في محاكات السعوديات في المظهر الخارجي وطريقة اللبس بشتى أنواعها النقاب، اللثمة، على الرأس، على الكتف. ظاهرة العباءة السعودية في الخارج لفتت انتباه السعوديين قبل غيرهم، وجعلوا يتساءلون عن السر وراء تقليدهم في أزياء لا يعتقدون من قبل أنها تثير اهتمام غيرهم. هناك من نظر إلى الأمر بإعجاب وتفاؤل. وهناك من اعتبره جانباً من الرياء الاجتماعي. في حين رأى اختصاصيون أن هذه المحاكاة أمر إيجابي وإن استغلت لأمور سيئة. ترغب جيهان بركة"وهي سيدة مصرية"بشدة في تعلم لبس العباءة والطرحة السعودية، وتقول إنها تضيف للمرأة جمالاً وتألقاً، لذلك هي معجبة بها خصوصاً، العباءة الحديثة المتعددة التصاميم. وترى السعودية المتزوجة من أوروبي سامية أن العباءة"أصبحت الآن هدية قيمة، يمكن أن تبعث الفرح والسرور في نفس المرأة الغربية". وأكدت أنها لا تخرج من منزلها إلا وهي ترتدي العباءة ومع الوقت بدأت جاراتها الأوروبيات يقلدن فعلها ذلك. وقالت:"فوجئت عندما طلبت مني جارتي وهي إسبانية أن أعلمها لبس العباءة، وعندما استفسرت عن السبب علمت أنها تريد أن ترتديها بدافع خلق موضة جديدة". وأضافت:"ذكرت لي جارتي أنها جربت جميع أنواع الملابس عدا العباءة، فتحمست للأمر وعلمتها أنواع العباءات السعودية، وأعجبتها كثيراً عباءة مطرزة تبلغ قيمتها نحو 2000 ريال، فقدمتها لها هدية، وترتديها بين حين وآخر، خصوصاً عندما أذهب لزيارتها". من جهته، غلّب عضو هيئة التدريس في كلية التربية في جامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم العبود الجانب الإيجابي في مسألة تصدير العباءة السعودية إلى العالم العربي، معتبراً انه أمر طبيعي وإيجابي. وأكد أن من تظهر بزي العباءة السعودية لا بد أنها تسعى لأن تكون أكثر حشمة، وحتى يوثق فيها، والرجال لا يبحثون عن عديمة المحشمة عند الزواج. مشيراً إلى أن الناس يحاكي بعضهم بعضاً في الخير والشر، وهذه المحاكاة من النوع الأول، لافتاً إلى أن الثوب السعودي هو الآخر يُحاكَى في بعض الدول العربية، وليس عباءة المرأة فقط. وأفاد العبود أن هناك من يسعى لتشويه الحجاب في بعض الدول العربية، إذ تظهر الاحتشام وتمارس الرذيلة من أجل التشويه، مشدداً على أن الحجاب حتى وإن استغل للشر أو لتمرير الجرائم لا يبرر ذلك محاربته أو كرهه. ورفض احتمال استغلال الزي السعودي النسائي في الإساءة قائلاً:"من تريد الشر تظهر محاسنها، ولا تسترها"، منوهاً إلى أن المرأة من الممكن أن تدعي أنها سعودية من دون لبس الحجاب، مؤكداً أن الحجاب دليل على صلاح المرأة. ومن جانبه، اعتبر الاختصاصي الاجتماعي في جامعة الملك سعود الدكتور صالح الرميح أن العباءة التي تستر مفاتن المرأة هي من ميزات المجتمع السعودي، واصفاً إياها بالوسيلة الدعوية المتنقلة، وقال:"وجود العباءة أفضل من غيره"، لافتاً إلى أن لبس العباءة هو دليل قاطع على أن المرأة مسلمة،"الإنسان لا يستطيع أن يميز المرأة أنها مسلمة أو غير مسلمة إلا بحجابها، فهي رمز على الإسلام وبالتالي لا بد من أن يكون سلوكها مستقيماً". وحول استخدام العباءة للتمويه أو للفساد في الخارج قال:"الخير والشر موجودان، وهناك من يستغل العباءة أيضاً في السعودية، لكن لا نأخذ بالشواذ"، مشبهاً من يسيء إلى العباءة مثل الرجل الملتحي الذي يجعل من اللحية وسيلة لخداع الآخرين، متذمراً من اللاتي يسئن استخدام الحجاب،"أمر مؤذٍ ويخدش الحياء استغلال العباءة للسوء". ووصف المرأة السعودية التي تتخلى عن عباءتها إذا سافرت إلى الخارج بالمرأة الانهزامية،"أنا أعتقد أن المرأة التي تتخلص من حجابها في الخارج هي امرأة انهزامية"، مؤكداً أن الحجاب نعمة من الله عليها، وليس منقصة لها. من جهة أخرى، أكدت المستثمرة السعودية خلود محمد أنه تم فتح معمل في مصر لبيع العباءات الخليجية، وأصبح مشروعاً ناجحاً، ولفتت إلى أن كثيراً من المصريين الذين يعملون في الخليج العربي يأخذون معهم عباءات لبيعها في مصر وتحظى بإقبال شديد عليها ونالوا من ورائها الربح الكثير. أما من جهة السعوديات فيبدو التعلق واضحاً بالعباءة لأنها الصديقة منذ الصغر. وتقول منال عبدالكريم إنها تفضل شراء مجموعة كبيرة من العباءات وتنفق الكثير عليها لأنها تعتقد أنها أهم بكثير من بقية الملابس وأدوات التجميل. وترى نهى الغامدي أن العباءة توفر الكثير من المال الذي تضيعه بعض الفتيات في دول أخرى على شراء ملابس. وتؤكد أنها جذابة وعملية ويمكن لبسها في زيارات عدة من دون غسلها. وأشارت إلى أن بعض الفتيات يرين أن ارتداء العباءة والتمسك بها عبادة وتزيد المرأة وقاراً، والبعض الآخر لا يريد ارتداءها فهي تمثل بالنسبة إليه عائقاً في حياتهم، ومن الفتيات من تريد تقليد ما تراه عبر القنوات الفضائية. وقالت الموظفة غادة عبدالله:"استغلال العباءة السعودية بوسيلة"غير أخلاقية"يتم فيها امتهانها من أبناء الوطن إذ تبقى العباءة السعودية وسيلة معتمدة لدى البعض لاستغلالها في التغطية على الكثير من التجاوزات الأخلاقية في الخارج، إذ التقيت في الخارج إحدى الفتيات من أحد الجنسيات العربية في دولة يكثر فيها السياح السعوديون في الصيف، وكنت أتحدث إليها بصفتها"سعودية"إذ طريقة لبسها يدل على أنها سعودية، وفوجئت أنها ليست سعودية ولا حتى خليجية".