لا يعجبني أخي العزيز أن أقول لك إن سياحتنا تسير على قدم واحدة، ولكن هذا هو واقعنا السياحي على الأرض، هل تعتبر القيود الاجتماعية داخل المملكة من المعوقات التي تحول دون ازدهار السياحة الداخلية؟ وهل فعلاً نحن مقتنعون أنه يوجد لدينا سياحة داخلية أم مجرد أننا نخدع أبناءنا لأننا لسنا قادرين على كلفة السفر إلى الخارج، وفي حال مقدرتنا على ذلك هل نفضل السياحة الداخلية؟ ما نراه واضحاً من أمراء المناطق يعطينا أملاً أكثر لمستقبل هذه الصناعة، الذين يبذلون قصارى جهودهم للرفع من السياحة الداخلية، ونشكرهم على هذه الجهود التي نعتبرها في مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء، نحن نعرف أن ارتفاع الأسعار وانخفاض سوق الأسهم ينعكس لمصلحة السياحة الداخلية، ولكن كيف نقيّم هذه السياحة في ظل ضعف المقومات والإمكانات للبنية التحتية لهذه الصنا عة، منذ أن نادينا بها وحتى الآن لا تعدو كونها تنحصر بين مشجع للسياحة الداخلية وآخر يرى أنها دخيلة علينا، وكأن حاله يقول نحن لسنا تركيا أو سورية، ويقف عند هذا الحد من دون بذل أي جهد يذكر، أو يحاول الرقي بصناعتنا الوليدة خصوصاً من بعض رجال الأعمال. هناك شريحة فهمت السياحة ولكن بمفهومها الخاطئ، وفعلاً قامت باستغلال هذا المسمى لمصلحتها، إذ نجده واقعاً في رفع إيجارات بعض الشقق والفنادق ورسوم الدخول لدى ملاهي الأطفال، على رغم كثرة العرض. إذا خدعنا حالنا وقلنا إن السياحة الداخلية واقع ملموس، فهل تعني أن السياحة تعني أن تذهب إلى إحدى المدن وتوصد الباب على أبنائك في إحدى الشقق وتقول ذهبنا للسياحة؟ وماذا يقول ابني عندما تبدأ المدارس ويسأله المعلم أين ذهبت؟ وماذا شاهدت في الإجازة الصيفية؟ سيجاوب نعم ذهبنا إلى مدينة كذا، ويقف عاجزاً عن إجابة الشق الثاني من السؤال، لأنه لم يشاهد شيئاً يذكر على المستوى السياحي الصحيح، بينما إذا ذهبنا خارج الحدود أثق أن ابني سيسترسل ويعدد جميع وسائل الترفيه المتعددة التي شاهدها، وبهذا نفهم انه لا سياحة من دون ترفيه مهما تعددت المهرجانات الداخلية، مادم ت لا أستطيع اصطحاب ابنتي وزوجتي لهذه ال انات بسبب أنها للرجال فقط، أو بحجج لا ترقى إلى المفهوم السياحي. ما العيب لو تم تخصيص أماكن للعوائل وأخرى للعزاب، والبرامج يشاهدها الجميع؟ ما الخطب لو ذهبت أنا وأبنائي إلى السينما وعرض فيلم خاص للأطفال وتمتعنا جميعاً؟ ما الفرق بين الشاشة في بيوتنا والشاشة الكبيرة؟"بالحجم فقط"، أين المشكلة إذا ذهبت مع زوجتي وأبنائي إلى مطعم سياحي، بدلاً من هذه التي كتب عليها خاص للعوائل؟ أين دور رجال الأعمال واستغلال شواطئنا الجميلة لحساب سياحتنا الداخلية، والعمل على إبراز البرامج البحرية للوجود، عندما تشاهد شواطئ الجيران تصيبك الحيرة من كثرة الاختيارات المطروحة لهذه البرامج، على سبيل المثال لا الحصر، هل تريد الذهاب إلى جزيرة كذا أو رحلة بحرية محفول مكفول... الخ، ربما البعض يقول هؤلاء سبقونا بعشرات السنين في هذا المجال، نعم أشاطرك الرأي، ولكن نريد أن نلحق بهذا القطار قبل ألا نستطيع سماع صفارته يوماً ما، مع علمنا المسبق أننا نستطيع أن نجعل هذا القطار يذهب بنا إلى أي جهة نريد في حال فهمنا المسار الصحيح. لو نجحت السياحة الداخلية، وهذا ما يتمناه أي غيور على بلده، لجنينا ملايين الدولارات بدلاً من أن تذهب إلى الجيران أو دول بعيدة عنا، وبهذا نستطيع أن نذهب ابعد من ذلك ونعزف على وتر السائح الأجنبي أيضاً، ولا ينقصنا معرفة ما يريد هذا السائح، ويمكن استعراض بعض منها"الشواطئ الجميلة، سهولة الحصول على التأشيرة، الفنادق النظيفة، الشمس، المسابح، المطاعم الراقية، نقاط الترفيه، التراث... وغيرها"، وهذا لا يشكل لنا عائقاً استراتيجياً يذكر. يحز في نفسي أن أشاهد بعض رجل الأعمال وهم يستثمرون في برامجهم السياحية خارج الوطن، على رغم معرفتهم أن معظم رواد هذه البرامج هم من إخوانهم السعوديين، ولكن لماذا يشاركون الأجنبي على حساب سياحتنا، هل هذا دليل على الهروب السياحي خارج الوطن؟ أم هروب من واقعنا الأليم وعدم الفهم الحقيقي لسياحتنا الداخلية؟ لا أضع اللوم على هذا الرجل الذي أراد ضماناً لمشروعه السياحي، بدلاً من أن يقع في برامج غير مضمونة النتائج، ولا شك في جهود هيئة السياحة لدينا، ولكن اجزم أن هناك عوائق تحد من نجاحها على المستوى الداخلي الذي نتطلع إليه جميعاً، التي تحاول جاهدة أن تصل بنا إلى السياحة الحقيقية على المستوى المطلوب، ولكن البعض يصنفها على أنها مجرد محاولات وجهود يشكرون عليها فقط، ونكتفي بالموجود ونتجاهل الأموال التي تخرج من البلد، سواء من السائح أو رجل الأعمال، ونجعل صناعة السياحة لدينا عرجاء إلى الأبد. [email protected]