حققت جامعة الملك سعود انجازاً وتقدماً رائعاً في فترة وجيزة من خلال حصولها على تصنيف متقدم في مقياس"ويبوماتركس"الاسباني للجامعات العالمية، إذ حصلت على الترتيب"380"ضمن ما يزيد على خمسة آلاف جامعة عالمية، وتفوقت على عدد من الجامعات الكبرى في العالم العربي والإسلامي، إذ جاء ترتيب الجامعة الأميركية ببيروت والقاهرة"1532"و"1654"، وكان ترتيب جامعة الشرق الأوسط للتقنية في تركيا"390"، وأصبحت جامعة الملك سعود بذلك الجامعة الأولى عربياً وإسلامياً وشرق أوسطياً، ولكن كيف تحقق هذا الانجاز الرائع في هذه الفترة القصيرة؟ والإجابة عن السؤال يمكن رصد عدد من العناصر التي توافرت في بناء هذا المشروع، والتي حققت هذا الانجاز الرائع، وتشمل: الرؤية وإرادة القيادة العليا. كفاءة الإدارة التنفيذية. المشاركة الجماعية. الحافزان المادي والمعنوي للمشاركين. وضوح مقاييس الأداء والمتابعة. العنصر الأول: الرؤية وإرادة القيادة العليا، أذكر هنا بأن الرؤية كانت بطرح من مدير الجامعة بضرورة وأهمية الوصول إلى تقويم جديد للجامعة بأن تكون ضمن الجامعات ال500 الأولى عالمياً بهذا المقياس من خلال تطوير البوابة الالكترونية للجامعة، وبثها لجميع منسوبي هذه الجامعة ومنها جرى إطلاق المشروع، لتحقيق الانطلاق للتفوق وللانجاز الرائع. العنصر الثاني: وهو كفاءة الإدارة التنفيذية والتخطيط الجيد، إذ تميز مشروع تطوير موقع الجامعة بخطة واضحة للعمل منذ البداية، وتم توفير مبلغ مالي للمشروع بدعم من وزارة التعليم العالي، وتم تشكيل فريق فني متخصص من الكفاءات العالية من أعضاء هيئة التدريس بكلية علوم الحاسب والمعلومات للعمل في البوابة الالكترونية، والعمل في عمادة التعاملات الالكترونية المستضيفة للمشروع والتي أنيط بهما إدارة المشروع على مستوى الجامعة، فكان هذا العنصر من تخطيط وتوفر كوادر ذات كفاءة عالية لتحقيق التفوق ولكن أهميته أيضاً قد تكون محدودة ضمن منظومة من عناصر التفوق لمشروع واسع التشعب لجامعة كبرى. العنصر الثالث والأوسط: وهو العنصر البالغ الأهمية ومن دونه لا يمكن تحقيق انجاز متكامل للمؤسسة كما لا يمكن استمرار الانجاز من دونه، هذا العنصر هو المشاركة الجماعية لمنسوبي المؤسسة، لقد حظي مشروع تطوير بوابة الجامعة الالكترونية بمشاركة جماعية قل نظيرها في رأيي، إذ أسهم كل عنصر من هيئة تدريس ومحاضر في العمل لنجاح المشروع، وحصل اهتمام واضح من عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس الذين لم يكن لديهم اهتمام سابق بتقنية المعلومات بالعمل لتطوير البوابة ومواقعهم بها وتحديثها دورياً، إذ جرى تشكيل فريق عمل بكل كلية بإشراف مباشر من عمادة الكلية للعمل في التطوير لموقع الكلية، كما قام رؤساء الأقسام بالإشراف المباشر لتطوير موقعها، وهذه المشاركة الجماعية كانت هي الدعامة الرئيسة لنجاح المشروع، وبالتالي فان هذا العنصر"المشاركة الجماعية"هو عنصر الأساس وله الأثر الأكبر في تحقيق أي إنجاز وتفوق، وينبغي وجوده في كل المشاريع التطويرية للمؤسسات والهيئات التعليمية والإدارية. العنصر الرابع: وجود الحافزين المادي والمعنوي للمشاركين في عملية التطوير، وقد قدمت قيادة الجامعة حاسباً محمولاً كحافز لجميع من قاموا بتطوير مواقعهم المعلوماتية، واستفادة عضو هيئة التدريس مستقبلاً في أبحاثه أو إسهاماته العلمية. إضافة إلى ذلك تم طرح عدد من الجوائز لتحفيز أعضاء هيئة التدريس على التفوق في بناء مواقعهم، وأيضاً حافز معنوي كبير لأعضاء هيئة التدريس وهو إبراز دورهم وانجازاتهم العلمية من خلال مواقعهم. وعموماً لقد كان لعنصر الحافز دور مهم في تحقيق الانجاز الرائع للجامعة. العنصر الخامس والأخير في منظومة النجاح: وجود معايير للأداء والمتابعة واضحة لدى القائمين على المشروع، وحرصت عليها قيادة الجامعة، إذ تميز المشروع باعتباره منجزاً علمياً وتقنياً بوجود مقاييس واضحة للتقدم في الأداء شملت حجم البوابة من حيث الصفحات والملفات العينة بها وعدد الاستشهاد للمجلات الأكاديمية بها، وعدد الروابط الخارجية التي تشير للموقع وهذه المعايير كلها يمكن قياسها فنياً من خلال محركات البحث المتوافرة على"الانترنت"وانعكست في المعايير الداخلية لتقويم مواقع المشاركين بالجامعة وتحديد مدى تقدمهم في الانجاز. لقد سهلت هذه المقاييس مهمة إدارة المشروع التنفيذية، إذ أمكن تقديم تقارير دورية لأصحاب القرار توضح مدى التقدم وتلخص أوجه النقص أو التغير في سير العمل، بما يمكن من معالجة القصور وتعديل مسار العمل بما يحقق المطلوب. ولذا يمكن الاستنتاج أنه من الضروري لتحقيق النجاح والانجاز وجود مقاييس واضحة للأداء ومدى التقدم الذي تحقق وبحيث يمكن مراجعتها دورياً والاستفادة منها. والخلاصة أن تجربة جامعة الملك سعود الناجحة بالانتقال والتقدم الكبير في تقويم الجامعة عالمياً تؤكد أن الانجاز الرائع لمؤسساتنا التعليمية لن يتحقق بالانجاز الفردي، وإنما بتوفير العناصر الأساسية اللازمة والتي من أهمها رؤية القيادة العليا ورعايتها المستمرة للانجاز، والإسهام الجماعي والمشاركة في الانجاز من كل ذوي العلاقة ومنسوبي المؤسسة، إضافة إلى الجهد الفردي المميز في كل من يتولى مسؤولية الإدارة والتخطيط والتقنية، ووجود الدافع المعنوي والمادي المحفز للأفراد للمساهمة الكبيرة وتحقيق الانجاز فردياً، بحيث تنسجم أهداف الفرد مع الهدف الكبير للمؤسسة. عميد كلية علوم الحاسب والمعلومات