قررت أسرة أبو محمد أن تتبع نظام المناوبة على طوابير الانتظار في موقع توزيع المياه في محطة الفيصلية في جدة، ويأخذ أبو محمد دوره أولاً في الطابور بعد أدائه صلاة الفجر إلى الساعة التاسعة صباحاً، ليأتي دور ابنه الأكبر محمد، ليتسلم الرقم ويقف ضمن الصفوف الطويلة. وفي حال لم يصل الدور الى محمد خلال فترة مناوبته، يتولى أحد أخوته مهمة"الوقوف في الطابور"، وهكذا دواليك حتى يحظون بالفوز بصهريج ماء. ويعلق أبو محمد على هذه الحال بالقول:"في أحيان كثيرة، يضطر أبنائي إلى السهر في محطة الاشياب للحصول على صهريج، مضحين بفترات راحتهم، وكنت أواجه صعوبة خلال فترة الامتحانات". الأمر نفسه تتبعه أسرة آل عقيل، إذ يتناوب أبناؤها تولي ساعات الانتظار أمام"أشياب المياه"، ويقول ابنهم الأكبر نايف عقيل:"منذ مطلع العام الحالي لم تصلنا نقطة من المياه في منزلنا، ونعتمد بشكل كامل على صهاريج الماء، التي نجلبها أنا واخوتي من محطة اشياب كيلو 14". ويضيف ل"الحياة":"في أحيان كثيرة لا أتجه بعد انتهاء دوامي إلى المنزل بل إلى شيب المياه، لأتولى المناوبة بدلاً من أحد أخوتي". ويتابع:"أحياناً نضطر إلى الانتظار 12 ساعة حتى يصلنا الدور". أما علي الجهني، فيؤكد أن"ساعات الانتظار من أجل الحصول على صهريج الماء مملة جداً، ويقضيها الكثير من المنتظرين في التضجر والصراخ، وعادة ما تحدث بعض المشاحنات بين المنتظرين". ويروي الجهني ما حصل معه في إحدى المرات بقوله:"أخذت رقماً وذهبت الى المنزل، وعند عودتي بعد 6 ساعات وجدت أن رقمي الذي معي حان موعده قبل 3 ساعات". ويلفت المقيم نادر علي إلى أن"الشبابيك"الخاصة بالنساء في محطات تعبئة المياه في جدة، تقدم الخدمة بشكل أسرع من تلك الخاصة بالرجال، وأكد علي أن انشغاله بعمله يجبره في أحيان كثيرة على أن تذهب زوجته الى محطة اشياب، ويكون انتظارها للصهريج بمعدل ساعتين الى ثلاث ساعات، بينما يكون معدل انتظاره هو للصهريج من 12 إلى 24 ساعة. في حين لا يجد الكثير من حراس العمائر الذين يحضرون بشكل مكثف إلى"أشياب المياه"حرجاً من اخذ غفوة صغيرة خلال انتظارهم حلول دورهم. خلقت أزمة المياه في جدة سوقاً فريدة من نوعها، أبطالها يمكن تسميتهم ب"سماسرة الانتظار"، إذ يتولى هؤلاء وهم من العمالة الوافدة الوقوف في طوابير"الأشياب"نيابة عن بعض المواطنين والمقيمين في مقابل مبلغ مالي. وتتفاقم هذه الظاهرة، على رغم أن العاملين في مصلحة المياه، يدققون في إثباتات المتقدمين من المقيمين قبل السماح لهم بالحصول على"صهريج ماء". ويقر المواطن ناصر عبدالكريم بأنه دفع مبلغاً لوافد، في مقابل أن يتولى الأخير عنه معاناة الوقوف في الطوابير الممتدة أمام"أشياب المياه". وقال:"اضطررت إلى هذا الأمر، لأن الوقوف في الطوابير، تسبب في انشغالي عن الكثير من أعمالي الخاصة". وطالب عدد من المواطنين بضرورة الانتباه إلى هذه الظاهرة من المسؤولين في مصلحة المياه، والعمل على تلافيها في أسرع وقت، في الوقت الذي يلاحظ فيه وجود أعداد كبيرة من المقيمين في اشياب المياه طوال اليوم.