يعرف معظمنا إن لم يكن جميعنا معنى كلمة"مراجل"، ولمن لا يعرفها نقول له إنها كلمة تُطلق على الأفعال التي يحمد فاعلها لدرجة استحقاقه للقب"رجل"، وهذا اللقب لا يُطلق على أي ذَكر! فهو ليكون كذلك، يجب أن يقوم بأفعال الرجال المحمودة! ولكنك في الغالب، تجد أن كل رجل ذكر. وأقول"غالباً"لأننا في بعض الأحيان نرى نساء يقمن بأفعال الرجال، من اللاتي يطلق عليهن"أخوات رجال"! وبما أن الزمن بدأ يغيّر من أطباع الناس بشكل دراماتيكي سريع، وبإيقاع أسرع بمرات من سرعة إيقاع التطور الثقافي والأخلاقي والعلمي لأفراد المجتمع، تجد أن"مراجل"أيام السبعينات والثمانينات وأجزاء من التسعينات بدأت تختفي، ليحل محلها تصرفات خرقاء حمقاء غبراء، يظن فاعلوها من ضالين وجهلة أنها"مراجل". فالأولون كان من أول"مراجلهم"قيامهم باحترام الوالدين وتبجيلهما لدرجة تقبيل أقدامهما وأيديهما كل يوم، والسهر على راحتهما لرد شيء بسيط مما فعلوه لهم إبان طفولتهم، وطمعاً في ما وعد الله به البارين بوالديهم! بل ترى أفراد المجتمع الآخرين من أصدقاء وأقرباء هذا الرجل، يثنون على اهتمامه بوالديه، حتى لو أدّى هذا الاهتمام لتأخره عليهم لأمر عمل أو نزهة أو دراسة أو غيرها! أما"مراجل"هذه الأيام في هذا الأمر، فتنحسر مراجلهم في رضا الأصحاب والأحباب وممن في العمل من أرباب، ضاربين برضا شيخ مقوّس الظهر وعجوز أكلها الهرَم، أفنيا عمريهما لعاقٍ ضل المعنى الحقيقي"للمراجل"عرض الحائط، وظن أن حرصه على رضا"الرّبع""والشلة".."والشباب".. هي"المراجل".. حتى لو تحسر عليه أبٌ مقهور.. أو دعت عليه أمٌ مريضة ضعيفة. الأولون كانوا يقدسون الجار، ويحرصون على راحته، وحمايته وستر عرضه، لو كلفهم هذا راحتهم وأموالهم، بل حياتهم، حتى لو بدر من جارهم هذا ما يؤذيهم أو ما لا يسرهم! أما"مراجل"الكثير في هذا الوقت، فتتجسد بالتضييق على الجار وإيذاء أهله وأولاده، بتصرفات أو سخرية أو قذف لأعراضهم! بل في كثير من الأحيان تتجسد مراجل بعض الأوغاد في تفاخرهم بهتك أعراض جيرانهم، ظانين أن هذا تصرف"ذيابه"، وهو تصرف تتقيأ منه الذبابة!.."إمحق رجال.. وإمحق مراجل"! الأولون كانوا يميطون الأذى عن الطريق، ويتفاخرون بمساعدة المحتاج، ويقفون بعز الحر وبعز البرد لمساعدة من يحتاج مساعدة على طريق، أو من يحتاج لإرشاد أو لأي أمر يرون أنه يوجب عليهم من الناحية الأخلاقية التوقف له وعمل شيء من أجله، ويحرص الموظفون منهم على إنهاء معاملات مراجعيهم وتفادي إعسارها وتعطيلها! أما كثير من شباب هذه الأيام يرون أن"المراجل"تتجسد في"التفحيط"و"الجريات"والتحرش ببنات الناس، والاستهتار برجال الأمن، والسخرية من البسطاء والمساكين، بل التوقف لإيذائهم بلا أي إحساس ولا ضمير، وكثير من موظفيهم يبدّون معاملة مراجع على حساب مصالح مراجعين آخرين ظلماً وعدواناً، بحجة القيام بفزعة"مراجل"ظالمة جاهلة! تصل الحال أحياناً لدرجة أنك تستغرب وتقول لنفسك: كيف يخرج لنا من أبنائنا مثل هؤلاء الضالين؟! مجتمعنا البسيط، الطيب، الكريم، رمز المراجل، ذو الوازعين الأخلاقي العربي العريق والديني الإسلامي العظيم، يخرج منهم أمثال هؤلاء!... رحمة الله على"المراجل"... فالأمر يزداد سوءاً ولا بد من إعادة الحسابات. [email protected]