أسئلة تصل حدتها لثقب الجدران. والأجوبة عادة ما تكون بحراً من النسيان. تلك المقدمة ليست قصيدة شعر أو نثر، وإنما واقع بدأنا نشعر به قبل خوض خليجي 19. التجنيس جدل قائم خليجياً وعربياً بصورة أقل، وعالمياً متاح ومباح بدليل أن معظم الميداليات التي تحققها الولاياتالمتحدة الأميركية في الأولمبياد تأتي من أبطال ينتمون لأصول أفريقية أو أوروبية. والحال نفسها لكرة القدم الأوروبية فبعد أن كانت فرنسا تتألق بنجوم من أصول أفريقية منذ زمن طويل دخلت إنكلترا وألمانيا على الخط في الآونة الأخيرة. وتبقى تجربة تونس بتجنيس البرازيلي سانتوس ومواطنه كلايتون قفزة لم تعتدها دول العالم المتقدمة في منح الجنسيات. ففي أميركا وأوروبا تكون هناك ضوابط لإعطاء الجنسية للمميز، كولادته ودراسته وإقامته وسلسلة من الشروط والضوابط. وخير مثال على صرامة الأوروبيين في هذا الملف قضية لاعب ساحل العاج كالو الذي لعب سنوات عدة في الدوري الهولندي وطلبه مدرب منتخب هولندا فان باستن للانضمام لمنتخب هولندا قبل نهائيات كأس العالم الأخيرة، إلا أن إدارة الهجرة والجوازات في هولندا رفضت إعطاء اللاعب الجنسية لعدم استكماله سنوات تواجده في هولندا، وحتى الاستثناء رفضته إدارة الهجرة الهولندية. تلك الحادثة تعطينا انطباعاً كاملاً أن منح الجنسية في أوروبا خاضع لشروط وقوانين، وليس كما يحدث حالياً في الدول العربية والخليجية، إذ أخذ هذا المفهوم بالخطأ، وأصبح التجنيس في بعض الدول الخليجية سرداح لكل من هب ودب، وإذا كان التجنيس سابقاً في الألعاب الفردية اذ كانت وجهة النظر آنذاك التواجد في المحافل العالمية بالأسلوب نفسه الذي تتخذه الدول الكبرى في تجنيس اللاعبين والعدائين من أجل الحصاد الذهبي والفضي والبرونزي في الأولمبياد فإن الدول الخليجية وخلال الموسمين الماضيين تخطت هذه النظرية وأصبح التجنيس لديها أمراً واقعاً في منتخبات كرة القدم وحتى السلة والطائرة واليد. وأنا هنا لست ضد أو مع فلكل دولة خصوصيتها وسيادتها وبالطبع قرار التجنيس قرار سيادي، ولكنني أقترح أن تكون دورات الخليج لكرة القدم أو أية بطولة خليجية سواء في الألعاب الجماعية أو الفردية خاصة لأبناء الخليج ويستفاد من المجنسين لأية دولة في البطولات القارية التي عادة ما تكون جسراً للعالمية أو التأهل للألعاب الأولمبية وبطولات العالم. أما لماذا لا يشارك"المجنسون"في البطولات المنطوية تحت شعار دول مجلس التعاون فإن الإجابة ستكون على شقين. الشق الأول أن دورات الخليج أو بطولاته في جميع الألعاب هي بطولات إقليمية لا تؤدي نتائجها إلى تأهل قاري أو دولي أو عالمي، فهي بطولات تنتهي بانتهاء مسابقاتها ومنافساتها، ولإقامتها أهداف كثيرة من قادة دول المجلس، لعل أبرزها تأكيد اللحمة بين شباب وأبناء الخليج بغض النظر عن التنافس الرياضي. أما الشق الثاني فمن المعيب جداً أن يكون التجمع الخليجي الذي اشتهر بالغترة والشماغ والعقال والزي العماني المميز يوجد بين صفوفه من لا يجيد التحدث باللغة العربية، ومن لا يجيد لبس الثوب والغترة والشماغ والعقال. هل شاهدتم موقفاً يسأل فيه مذيع خليجي أحد النجوم في لعبة كرة القدم في دورة خليجية والأخير يتهرب من التلفظ بأية كلمة؟ دعوا دورة الخليج للخليجيين واتركوا المجنسين للبطولات القارية والدولية.