صدر التقرير الإسباني للتصنيف الجامعي وحلّقت الجامعات السعودية عالياً، وتهللت أسارير الأوساط الأكاديمية السعودية، وتنفس الجميع الصعداء، فقبل عام ونصف العام، اختفت أسماء الجامعات العربية بما فيها السعودية من بين أفضل 1500 جامعة في العالم، في حين احتلت جامعات إسرائيل سبعة مراكز ضمن أفضل 100 جامعة. أحدث التقرير الإسباني لتصنيف الجامعات في نسخته السابقة ما سمي ب"الفوضى الخلاقة"في التعليم العالي السعودي، إذ سعت الجامعات في أعقابه إلى تبني كراسي البحث، والتوأمة مع الجامعات الغربية، والتشديد - كماً وكيفاً - على إنتاج الأقسام من البحوث العلمية، والتعاقد مع أسماء لها سمعتها في شتى حقول المعرفة عالمياً، لتحل جامعة الملك سعود بحسب التصنيف العالمي الأخير في المركز 380 على مستوى جامعات العالم، ثم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المرتبة 420، فيما جاءت بقية الجامعات السعودية في مؤخرة القائمة، إذ كان أقربها جامعة الملك عبدالعزيز التي احتلت المركز رقم 2106، أما جامعة الإمام فتحاملت على الظروف التي أثقلت كاهلها لسنوات خلت، وتقدمت ما يقارب 3000 نقطة إلى المركز 2957. من جهته، ذكر عضو مجلس الشورى الدكتور محمد آل زلفة أن جامعة الملك سعود تحقق لها هذا الإنجاز بعدما أدركت باكراً الخلل والجمود اللذين اكتنفا رسالة الجامعة ومناهجها وبحوثها العلمية، لذا سعت الجامعة الي تحسين وضعها بعد تصنيفها العام الماضي،"ونتيجة لذلك ترسي الجامعة حالياً القواعد لمراكز البحث العلمي، وتهيئة الكوادر البشرية، ولكن يجب ألا نفرح بهذا التقدم في التصنيف الجديد، ما لم تنظر الجامعة إلى تحسين رواتب أعضاء هيئة التدريس، وتهيئة المساكن المناسبة لهم، وتوفير المعامل والبيئة الملائمة للبحث العلمي". في السياق ذاته، قال أستاذ الإعلام في جامعة الإمام الدكتور عبدالله الحمود:"على رغم أن التقدم لجامعاتنا مبهج، إلا أن من الحصافة في هذه المرحلة عدم الاهتمام كثيراً بتصنيف الجامعات، بقدر ما نهتم بالتطوير الحقيقي، كالخطط الدراسية في المراحل الثلاث البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وكذلك التخصصات التي تتواءم مع سوق العمل، والمقاييس العالمية للتعليم الجامعي". وأضاف:"هذا التوجه هو خير تصنيف لجامعاتنا بصرف النظر عما يقوله الآخرون عنا"، مشيراً إلى أن مواطن التصنيف مختلفة ومتعددة ويمكن توظيفها توظيفاً مقصوداً من مراكز التصنيف العالمية لأسباب تكون موضوعية أحياناً وغير موضوعية في أحيان أخرى". وذكر طالب الدراسات العليا في قسم العلوم السياسية في جامعة الملك سعود بسام مبارك الدوسري أن المراكز المتقدمة التي احتلتها الجامعات السعودية دليل على أن تلك الجامعات استطاعت تلافي مواطن القصور في أنظمتها الإدارية والأكاديمية بعد صدور تصنيف العام الماضي،"وبالتالي سيكون هذا الإنجاز محفزاً للجامعة نحو تحقيق الأفضل عربياً وعالمياً كون هذا التصنيف جاء من جهة أكاديمية عالمية وبأدوات علمية غربية، بل يعتبر تأكيداً واضحاً من مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العثمان على الارتقاء بالتعليم العالي".