لم تجد هتون السعيد 38 عاماً وظيفة لتصرف من خلالها على بناتها الأربع سوى بيع قوارير الماء في أحد الأماكن العامة في محافظة جدة، بعد أن طردها زوجها منذ ست سنوات، ليسكّن زوجته الجديدة في منزله، خصوصاً وأنها لا تملك شهادة تخولها العمل في أحد القطاعات، ما جعلها تعمل لفترة من الزمن مستخدمة في إحدى المدارس الحكومية لتوفر لقمة عيش شريفة تسد بها جوع بناتها وحاجتهن. وكان أحد فاعلي الخير تكفل بها، غير أن أبناءه رفضوا مواصلة تقديم المعونة لها بعد وفاة والدهم. وتقول هتون: إنه كان لديها إضافة إلى بناتها الأربع ولدان توفيا في حادثتين منفصلتين،"إذ تعرض ابني الأول لحادثة سير بعد أن كان يقود دراجة نارية مع صديقه وهو لم يكمل الثامنة عشر من عمره، ولحق به ابني الآخر ذو الست سنوات بعد أن دهسته سيارة، وعلى رغم حاجتي الشديدة للمال رفضت أخذ الدية، فلا شيء سيعوضني عنهما". وتضيف:"لجأت إلى جمعية البر في رابغ للحصول على منزل أحتمي فيه مع بناتي، واستطعت الحصول عليه بعد أن شهد أحد الجيران على أن زوجي لا يلتزم بالنفقة، إضافة إلى إعانة شهرية تقدّر ب 800 ريال، غير أنهم طالبوني بتسليم المنزل بعد أن اضطررت للانتقال إلى جدة لعلاج والدتي"، لافتة إلى أن الجمعية في جدة رفضت إعانتها لأنها لا تزال في عصمة زوجها. وتشير إلى أن زوجها اشترط عليها تسليم البنات كي يطلّقها، إلا أنها رفضت خوفاً من سوء معاملة زوجة والدهن لهن، وتقول:"لابد من النظر في حال المعلقات من النساء، والتعامل معهن أسوة بالمطلقات والأرامل، اللائي يستطعن العيش بكرامة على مساعدة الضمان الاجتماعي وفاعلي الخير، بعكس المتزوجة على ورق فقط"، مؤكدة أن المرأة التي تضحّي بكل شيء من أجل البقاء مع أبنائها أجدر بأن تلقى المساعدة والدعم من الجهات المسؤولة، إذ تعد مكافحة وضحية للظروف الصعبة التي تعيشها وطالبن وزارة الشؤون الاجتماعية بمعاملتهن أسوة بالمطلقات والأرامل. وتضيف:"أعيش الآن مع شقيقتي الأرملة التي تنفق علينا من راتب زوجها المتوفى، إلا أنني أطالب بضرورة الوقوف مع تلك الفئة من النساء، إذ لا يجدن العون من أي جهة لأنهن مرتبطات برجال لم يمنحوهن سوى أسمائهم". ولا تختلف حالة مواهب السلمي 20 عاماً عن هتون، سوى أن زوجها تركها بعد أن أنجبت ابنها الوحيد ولم تستطع الوصول إليه، خصوصاً وأنه غيّر مقر عمله وأرقام هواتفه كافة، وتقول:"تزوجته من طريق إحدى الخاطبات، وانتقلت معه إلى مقر عمله، إلا أنني عدت إلى منزل أهلي بعد زواجي بشهرين، وبقيت سنة ونصف السنة لدى عائلتي". وتضيف:"عدت مجدداً للعيش معه وحملت بابني، فازدادت معاملته سوءاً لي، وحينما أنجبت ولدي تركني في منزل أسرتي ولم يعد"، لافتة إلى أنها حاولت الوصول إليه بشتى الطرق من دون جدوى، ما دفعها إلى رفع قضية في المحكمة، ولا تزال حتى الآن تنتظر انتهاء معاناتها. من جهته، أكد المحامي نايف يماني، عدم وجود نظام قضائي عاجل في المملكة العربية السعودية يدعم المرأة المعلّقة، إذ إن الشرع يدعمها لإنهاء وضعها. وقال في تصريح إلى"الحياة":"ما يطبق فعلياً في القضاء هو تعويض الزوج لزوجته عن فترة تعليقها، إذ من حقها المطالبة بتلك النفقة إذا تقدمت بإجراءات الطلاق، غير أن الحكم يكون مؤجلاً وليس معجلاً". وأضاف:"عادة ما يكون للمرأة مصدر دخل في تلك الفترة، سواء كانت موظفة أو تتكفل عائلتها بالإنفاق عليها، إلا أنه لا توجد أي تنظيمات للحالات المعينة والمتمثلة في عدم وجود مصدر مادي لها خلال مدة تعليق الزوج لها"، لافتاً إلى أن الطلاق يتم بحسب المفاوضات بين الطرفين، إذ إن الشرع لا يجبرها على تسليم أبنائها للزوج إذا ما رفضت التنازل عن حق الحضانة، إضافة إلى إعطائها حق الخلع على المهر فقط، ولا يستطيع الزوج إجبارها على دفع أي تعويضات سوى المهر.