فيما يستعد العالم للاحتفال ب"اليوم العالمي لمكافحة التدخين"، الذي يصادف31 أيار مايو الجاري، دق المشرف العام على برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة الدكتور عبدالله البداح، ناقوس الخطر، معلناً أن"آلاف المواطنين يفارقون الحياة سنوياً بسبب استهلاك التدخين"، محذراً من أنه في"الفترة بين 2008 و2010 سيكون متوسط الوفيات السنوي، حوالي 23 ألف حالة"، منبهاً إلى أن"الكلفة الاقتصادية الكلية للمملكة بسبب استهلاك التبغ، وآثاره، والرعاية الصحية للمصابين بأمراضه، تتجاوز خمسة بلايين ريال سنوياً"، متوقعاً أن تصل في العام 2010 إلى 7.2 بليون ريال .وكشف البداح في تصريح ل"الحياة"، أن"التقديرات الأولية تشير إلى أن نسبة المدخنين من الرجال البالغين تتراوح بين 53 و54 في المئة، مع تقديرات أخرى بنحو 35 في المئة. وتقدر بعض المصادر وجود بين خمسة إلى عشرة في المئة من المدخنات النساء، إضافة لانتشار التدخين بين طلاب المدارس الذكور بنسب تتراوح بين 51 و52 في المئة". وأبان أن"واردات السعودية من السجائر الأميركية شكلت النسبة الأعظم، وتأتي الإنكليزية في المركز الثاني لناحية الواردات. ومع استمرار معدل النمو على وتيرته"فمن المتوقع أن يزيد حجم الاستهلاك المحلي على 7.2 بليون ريال بحلول العام 0102". السعودية العاشرة عالمياً في الإنفاق على التبغ البداح الذي نشر أخيراً، كتاباً، حصلت"الحياة"على نسخه منه، عن"تجارة التبغ في السعودية"، خلص إلى أن"السعودية لا تزال في حاجة إلى جهود كبيرة للاقتراب مما نجح فيه عدد من الدول المتقدمة، في تحقيق خفض سنوي مستمر في استهلاك التبغ داخل أراضيها، بل ربما تحتاج إلى جهود غير عادية للحد من مستوى النمو السنوي الكبير في الطلب على التبغ، إذ انتقلت المملكة من المرتبة رقم 25 عالمياً في الإنفاق لمنتجات التبغ، لتصبح من بين أكبر عشر دول في العالم إنفاقاً، وفاق معدل النمو في استهلاك المملكة للتبغ في السنوات الأخيرة غالبية دول العالم"، منبهاً إلى أن"واردات السعودية السنوية بلغت في الآونة الأخيرة، ما يزيد على 04 ألف طن من منتجات التبغ". وطالب ب"إجراء حسابات جديدة على المستويات الصحية والاقتصادية في المملكة، وبخاصة في ما يتعلق بالحد من الآثار السلبية للتبغ، كالوفيات المبكرة، التي يعتقد بأنها تهم كثيراً صانعي القرار في المملكة من أي عوائد مالية آنية، علما بأن زيادة الضرائب ستؤدي إلى زيادة موازية في العوائد الجمركية". واعترف بأن قطاعات الرعاية الصحية في السعودية"لم تتنبه مبكراً للوضع المتفاقم لاستهلاك التبغ في السعودية"، منبهاً إلى أن"هناك تردداً في تطبيق سياسات وإجراءات قوية للحد من انتشار التبغ في المجتمع السعودي، ووضع الضوابط اللازمة أمام النمو المرتفع في الاستهلاك". وأشار إلى أن"بعض المؤشرات والإجراءات العملية أخذت في الظهور لمكافحة التدخين، منها رفع نسبة الرسوم الجمركية، وتأسيس جمعيات لمكافحة التدخين، وإصدار تعميم ملكي بمنع التدخين في الوزارات والمرافق الحكومية، وغيرها". وقال البداح:"إن السعودية ما زالت في حاجة إلى المزيد من الإنفاق على القطاع الصحي، إذ تقع في عداد الدول المتوسطة الإنفاق بين دول المنطقة، على رغم ارتفاع متوسط دخل الفرد في السعودية، الذي يفوق عدداً من الدول، وهو ما يؤكد ارتفاع معدلات النمو في إنفاق الدولة على القطاع، وكذا معدلات نمو الإنفاق الفردي الخاص، وبمقارنة معدل إنفاق الفرد على الخدمات الصحية في المملكة، لعام 4002، فقد بلغ متوسط إنفاق الفرد في الكويت نحو 875 دولاراً سنوياً، والإمارات العربية 656 دولاراً، مقابل 353 دولاراً في السعودية". رفع الضرائب أحد الحلول وفي ظل الأرقام المرتفعة للمدخنين في السعودية، دعا البداح، إلى"زيادة الضرائب، وفرض رسوم جديدة، فمن خلال تجارب الدول التي نجحت في الحد من استهلاك التبغ"تبين أن الضرائب هي العامل الأقوى في الحد من استهلاك التبغ، وبخاصة للفئات التي تتلقى نفقتها من الآخرين، إذ يشكل ارتفاع كلفة التبغ عاملاً قوياً في خفض معدل الاستهلاك، وكذلك في ردع المستهلكين الجُدد من طلبة المدارس والجامعات". وطالب ب"تشجيع برامج التوعية وتكثيفها، عبر تخصيص موازنات إضافية، وأيضاً تخصيص رسوم إضافية متنوعة للبلديات والصحة وغيرها، على تجارة التبغ، للاستثمار في دعم 861 من البرامج المختلفة لمكافحته، وهو ما تم تطبيقه في كل من الولاياتالمتحدة الأميركية، وتايلاند، واستراليا، والصين، وغيرها من الدول. وحققت نجاحاً قوياً في الحد من الاستهلاك. كما طالب بتقوية الحصار الإعلامي، فتقوية الحظر على عمليات الإعلان والترويج للتبغ، والقيام بحملات إعلامية تحذيرية ونشر الأبحاث والنتائج، هذا ما قد يؤدي إلى المساهمة في خفض الاستهلاك أيضاً"، مشيراً إلى"مسح ميداني أجري في مدارس الرياض، أظهر وجود نسبة مرتفعة من الطلبة، يؤيدون فرض قيود إضافية على التدخين في الأماكن العامة". أرقام مُخيفة ومُقلقة ودعا إلى"إنشاء مركز لأبحاث التبغ ومكافحته، يضم كوادر طبية ونفسية واقتصادية واجتماعية، وإجراء دراسات ومسوحات ميدانية موسّعة، للتعرف في شكل عميق على آثار التبغ الصحية والاجتماعية، ومدى استجابة المستهلكين لرفع الأسعار، ومدى تقبلهم للإقلاع عن التدخين، والعمل على إيجاد إستراتيجية وطنية، تعتمد خططاً وأهدافاً مرحلية لمكافحة التبغ، وخفض معدلات الاستهلاك، أو خفض معدلات النمو في الاستهلاك على أقل تقدير". وكشف أن"64 في المئة، من الطلبة المدخنين في الرياض يستطيعون الحصول على منتجات التبغ من المتاجر مباشرة، وأن 48 في المئة، منهم لم يتم رفض بيعهم بسبب صغر سنهم"، مطالباً ب"العمل في شكل قوي، على إصدار أنظمة وإجراءات تشدد على حماية الأطفال والقصر من استخدام التبغ، مع منع التدخين في الأماكن العامة". وقدّر الأعباء الاقتصادية للمملكة، الناجمة عن الهدر في الإنتاجية والوفاة المبكرة، بسبب التبغ للفترة من العام 1691 وحتى 4002، بنحو"38 بليون ريال، كما تسبب التبغ في نحو 495 ألف وفاة مبكرة، من دون حساب كلفة استيراد منتجات التبغ، ولا ما قد يتم تهريبه، فإذا أضيف ما قد يتم تهريبه للمملكة من تبغ بحسب المعدلات العالمية، فسيرتفع رقم الخسارة في الهدر إلى نحو 401 بلايين ريال، والوفيات إلى 347 ألفاً". أما خلال الفترة من العام 5002 إلى 0102، فقدّر العبء الاقتصادي للمملكة بسبب الهدر في الإنتاجية والوفاة المبكرة فقط بنحو"52 بليون ريال. وقدرت الواردات من منتجات التبغ الرسمية بنحو 31 بليون ريال، وحجم التهريب بنحو ثلاثة بلايين ريال، أي بإجمالي خسارة اقتصادية بلغت نحو 14 بليون ريال، وقدرت حالات الوفاة المبكرة للفترة ذاتها بنحو 771 ألف حالة".