واصلت الأندية السعودية سياستها الغريبة في إقصاء المدربين وإقالتهم وإبعادهم عن تدريب الفرق المحلية، وجعلهم كبش فداء أمام الجميع عند التعرض لأي خسارة أو نكسة أو تدهور نتائجي، في محاولة يائسة للخروج من نفق المسؤولية وامتصاص أي ثورة جماهيرية، لتتكبد بذلك خزانات الأندية المالية المزيد من الخسائر الكبيرة التي تصل لمئات الآلاف من الدولارات، خصوصاً عند تغيير الجهاز الفني لأكثر من مرة في الموسم الرياضي الواحد. ولم تسلم غالبية الأندية السعودية من هذه المشكلة الحقيقية والمعضلة المستمرة، والتي انتقلت من أندية الممتاز إلى أندية الدرجة الأولى، وباتت لغة تغيير المدربين هي اللغة السائدة التي تتحدث بها هذه الأندية في مسيرتها الرياضية، وظاهرة استقبالات المدربين البدلاء وفلاشات المصورين وهالات الإعلاميين هي الأكثر حضوراً في صالات المطارات، لدرجة أن جميع الأندية السعودية في هذا الموسم قامت بتغيير مدربيها ما عدا أندية الهلال والشباب والاتفاق والوطني، التي احتفظت بطواقمها الفنية وأعطتها الحرية والفرصة الكاملة لإبراز إمكاناتها وقدراتها التدريبية، فجاءت النتائج أكثر من إيجابية في الاستحقاقات المحلية كافة. واستحق مدرب الهلال الروماني كوزمين أولاريو لقب أفضل مدرب في الموسم الرياضي السعودي، بعدما قاد فريقه للحصول على بطولتين محليتين، الأولى منهما كأس ولي العهد والثانية بطولة الدوري السعودي في طريقته الجديدة، إضافة إلى اللعب على نهائي كأس الأمير فيصل بن فهد"يرحمه الله"والتأهل إلى الدور نصف النهائي من مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين، ما رفع من أسهمه كثيراً في عالم التدريب وجعله مطلباً هلالياً ملحاً للبقاء مع الفريق في الموسم الكروي المقبل. ونجح مدرب الشباب الأرجنتيني انزو هيكتور في تقديم فريق ممتاز يؤدي بطريقة جميلة حتى ان البعض رشح الفريق كأفضل فريق يلعب كرة قدم بعيدة عن التعقيد. وجاء مدرب الاتفاق البرتغالي توني أوليفيرا في المركز الثاني في قائمة أفضل المدربين بعد نجاحاته الكبيرة مع فارس الدهناء وقيادته إلى نهائي كأس بطولة الأندية الخليجية وكأس ولي العهد وتقديمه الفريق في شكل منظومة أدائية رائعة أذهلت النقاد والمحللين والرياضيين، ما جعل الجماهير الاتفاقية تطالب بسرعة تجديد عقده هذه الأيام بعد انتهاء مشوار فريقها في البطولات المحلية. وحل مدرب فريق الحزم التونسي عمار السويح في المرتبة الثالثة في قائمة المدربين المميزين، وهو الذي تعاقد معه النادي خلفاً للمدرب البرتغالي خوزيه موريس، إذ نجح السويح في فترة قصيرة من تقديم فريق كبير يحترمه الجميع وتعمل له بقية الفرق ألف حساب، وأوصله إلى الدور نصف النهائي من مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين، وهو الآن قاب قوسين أو أدنى من التأهل إلى النهائي الكبير، وتحقيق حلم أبناء القصيم بعد تجاوزه مرحلة الذهاب بانتصار مثير على فريق الشباب بأربعة أهداف في مقابل هدفين في اللقاء الذي جمعهما في محافظة الرس. وشملت قائمة الأفضلية أيضاً مدرب الوطني المصري عبود الخضري، الذي تمكن من إبقاء"البنفسجي"بين الكبار عاماً جديداً منذ وقت باكر من الدوري السعودي، وقبل اشتداد جولات الحسم ومنافسة أندية المؤخرة على الهروب من القاع. وأما قائمة المدربين المبعدين بتأشيرة خروج نهائي فحدث ولا حرج، والقائمة تطورت وشملت بقية الفرق الأخرى، وقد يكون الاتحاد والأهلي حطما الرقم القياسي هذا الموسم في التعاقد مع المدربين وإقالتهم بسرعة متناهية، والمدرب البرازيلي كندينو والألماني ثيو بوكير خير شاهد على ذلك، إذ غادرا الملاعب السعودية بعد أسابيع معدودة فقط من بداية الموسم الرياضي، وأقال الاتحاد كذلك المدرب خليلوفيتش والبرازيلي سواريس، قبل ان يتعاقد اخيراً مع الأرجنتيني غابريل كالديرون، فيما ألغى جاره الأهلي عقد مدربه الصربي نيبوشا موسكوفيتش، الذي سبق له قيادة"القلعة"إلى حصد لقبين كبيرين في الموسم الماضي هما كأس ولي العهد وكأس الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله. وأقال النصر مدربه الهولندي فوكي بوي، وتعاقد مع الأرجنتيني آساد، الذي أعاده لعالم البطولات والانجازات بعد غياب طويل من خلال بطولة كأس الأمير فيصل، وأبعد الوحداويون مدربهم الهولندي يان فيرسلاين، وتكررت الحال مع الطائي، الذي ألغى عقد مدربه الفرنسي سيموندي، والقادسية الذي اقال مدربه أوليفيرا، وتعاقد مع التونسي أحمد العجلاني، والفريقان الأخيران هبطا لمصاف أندية الدرجة الأولى. وسجل الموسم الرياضي الحالي فشلاً ذريعاً للمدربين الوطنيين، الذين قاطعتهم الأندية السعودية في صورة تدعو للاستغراب، ولم يتعاقد مع احد منهم سوى نادي الوحدة، الذي وقع منتصف الموسم مع المدرب الوطني خالد القروني، وكانت النتائج عادية جداً، ولا ترقى لطموحات الجماهير الوحداوية، فيما تسلم بعض مساعدي المدربين الوطنيين المهمة لفترات محددة مثل حمزة إدريس في الاتحاد ويوسف عنبر في الأهلي، وشهد الموسم الكروي حادثة غريبة من المدرب التونسي لطفي البنزرتي، الذي ترك فريق نجران وسط معمعة المباريات وهرب إلى الإمارات، ووقع مع نادي الشعب الإماراتي، مفضلاً مغادرة الملاعب السعودية ودفع الشرط الجزائي لإدارة نجران.