"الأمن الغذائي" تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    "البرلمان العربي" يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه السابق    جلسة تكشف الوجه الإنساني لعمليات فصل "التوائم الملتصقة"    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8 % في سبتمبر من 2024    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    المدى السعودي بلا مدى    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل "الثقافة والإعلام" كشف أن الوزارة ستجتمع مع مثقفين ومفكرين سعوديين للاستماع إلى آرائهم حول وثيقة البث الفضائي . عبدالله الجاسر : مثقفونا "ضعيفون" حواريا و "ثرثارون" ... وليست لدينا "قائمة سوداء"
نشر في الحياة يوم 06 - 05 - 2008

الذين يعرفون وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر عن قرب يدركون أنه يتحدث لغة المنطق بطلاقة... ويمنح عقله مهمة إصدار القرارات... إذ لا مكان للعاطفة في المكان الذي يعمل فيه.
ومع ذلك لا"قائمة سوداء"بالمثقفين أو المشايخ أو الممثلين الذين يعتذرون عن التعاون مع الوزارة.
كان أستاذاً جامعياً وفي حقيبة خبرته الجامعية وضع تاريخاً من التفوق والقدرة على تغذية عقول الطلاب"علماً ينتفع به"... لم يكن يقدم دروسه على طريقة التلقين العربية السائدة... وإنما يدع للآخر فرصة الخلق والاكتشاف والفهم والتدبر.
وفي عُرفه"الإعلامي"لا فرق بين المرأة والرجل... يقول:"ليس هناك تفرقة بين الرجل والمرأة في الإعلام فكليهما إعلامي سعودي، ولا توجد هناك عراقيل أمام المرأة في المجال الإعلامي، لكن دخول المرأة في أجهزة الإعلام السعودي يجب أن يكون مبنياً على التأهيل والحاجة".
يمكن القول إنه وجهنا"الأبيض"وواجهتنا العريضة وصوتنا العالي على طاولة اجتماعات وزراء الإعلام العرب... فهو واحد من أهم صنّاع بنود وثيقة البث الفضائي... الوثيقة التي ستقدم وزارة الثقافة والإعلام ورقة عمل بشأن الآليات الملائمة لتطبيقها ومذكرات تفسيرية لبعض بنودها مثل"الإباحية".
صراحته سر نجاحه... ووضوحه مع الآخر أهم أسلحته... وصدقه في التعامل مع القضايا يزوده بطاقة المواجهة التي يحتاج إليها.
مكتبه في الوزارة يعج بالحركة... موظفون لا يتوقفون عن العمل ومراجعون لا يتوقفون عن إبداء مشكلاتهم... أما الزائرون فوقتهم لا يأخذ من"الساعة"إلا دقائقها الأولى فقط.
دقيق في مواعيده... ولا يتعب من السفر تلبية لنداء العمل... فصباحاً يكون في القاهرة لحضور اجتماع وزراء الإعلام العرب... وفي مساء اليوم نفسه يحط رحاله في البحرين لحضور اجتماع تلفزيون الخليج... وفي صباح الغد يهبط في مطار الكويت لحضور اجتماع مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج.
يحب المثقفين، لكنه لا يخاف منهم"المثقف السعودي يعاني من ضعف في إدارة البرامج الحوارية الإذاعية والتلفزيونية، فمن جهة يتحدث للمشاهدين بإسهاب، ومن جانب آخر يتحدث أكثر من الضيف".
يؤمن بحرية الإعلام، لكنه لا يتردد في وضع حد لها"الحرية الإعلامية في السعودية حرية مسؤولة، وإذا ما تجاوز الصحافي حدود الموضوعية في نقده يجب أن يحاسب".
هذا غيض من فيض الدكتور عبدالله الجاسر، الذي شدد في حواره مع"الحياة"على أن الإعلام السعودي بكل معطياته إعلام تنموي وأن المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي سارعت في توطين العمل الإعلامي،"لو أمعنا النظر في وسائل الإعلام العربية التي تمطرنا بأخبارها صباح مساء لوجدنا أن معظم ملاكها سعوديون"... فإلى التفاصيل:
كيف تقوِّمون دور الإعلام السعودي في مجال التنمية البشرية؟ وهل استفاد من التجارب الغربية في ذلك أم انفرد برؤية خاصة به؟
- الإعلام السعودي بكل معطياته إعلام تنموي، وهكذا الحال في كل الإعلاميات التي ترعاها الدول باعتبار أن العمل في مجال التنمية البشرية يسهم في خدمة المجتمع، وبالتالي لا بد من أن يكون له صوت إعلامي صادق ومؤهل ومحترف في طرحه ومعالجاته، ولا شك ان الإعلام السعودي منذ بدايته أسس ضمن مساراته التركيز على العمل التنموي.
ولا يمكن عزل الإعلام السعودي أو غيره من الإعلاميات العربية عن التجارب الغربية التي تعاملت مع الإعلام في مجال التنمية البشرية، فقد استفاد الإعلام السعودي في مراحل تكوينه الأولى والمتوسطة وحتى الوقت الحاضر من كثير من معطيات الإعلام المعاصر في مجال التقنية والتنمية خاصة في ما يتعلق بتقنيات الاتصال وبالأساليب المتجددة في التواصل الإعلامي بين مرسل الرسالة الإعلامية ومتلقيها، ضمن أُطر تحفظ الثوابت المجتمعية، وتتفق مع السياسة الإعلامية للمملكة، والمصالح العليا للدولة في مجالها الإعلامي التوعوي.
الصوت السعودي يجد حفاوته من الكل، ولكنه يشعر بغربة في جهازه الرسمي، ولا يجد ذلك التقدير الذي يناله من الغير... هل تتفقون معنا في ذلك؟
- هناك تعميم ومبالغة في هذا السؤال، فإن كنتِ تقصدين بالصوت السعودي أبناء الوطن من المثقفين والأكاديميين والسياسيين فهؤلاء هم الضيوف الدائمون للإعلام السعودي المرئي والمسموع والمقروء، وإن كنتِ تقصدين العاملين في حقل الإعلام، فإعلامنا قائم على جهد وقدرة الإنسان السعودي، بل ان المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي سارعت في توطين العمل الإعلامي.
وسعت المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية إلى تأهيل منسوبيها من أبناء الوطن، إذ تم إرسالهم لحضور دورات تدريبية وبعثات دراسية إلى البلدان المتقدمة شرقاً وغرباً ليستفيدوا من تقدم تلك الدول في مجال الإعلام. ولو أمعنا النظر في وسائل الإعلام العربية التي تمطرنا بأخبارها صباح مساء لوجدنا أن معظم ملاكها سعوديون.
ولن أبالغ لو قلت لك ان معظم هؤلاء الملاك كانوا في يوم من الأيام ذوي صلة بالجهاز الإعلامي الرسمي، مُنحوا الفرصة وانطلقوا كل في مجاله.
موقع المرأة في الخريطة الإعلامية عندنا... هل يليق بها أم أن هناك عراقيل تعوق منحها ما تستحق؟
- ليس هناك تفرقة بين الرجل والمرأة في الإعلام فكليهما إعلامي سعودي، ونصت السياسة الإعلامية للمملكة في مادتها العاشرة على أن"النساء شقائق الرجال وأن الإعلام يلحظ عمق الفطرة الخاصة بالمرأة".
وبالتالي يعطي الإعلام السعودي في الفكر والمهنة برامج للمرأة وبأيد نسائية تعينها على أداء واجباتها في المجتمع السعودي". أيضاً لا يوجد هناك عراقيل ولكن دخول المرأة في أجهزة الإعلام السعودي يجب أن يكون مبنياً على التأهيل والحاجة، لا العاطفة أو تقليد إعلام الآخر.
وتحتل برامج المرأة ومساهمتها جزء من الخرائط البرامجية في الإذاعة والتلفزيون، وخطابنا الإعلامي إضافة إلى لأنه موجّه إلى كل الفئات إلا أن هناك برامج موجهة إلى المرأة الطبيبة والمهندسة وسيدة الأعمال والمرأة الأم، إضافة إلى الأسرة والطفل، ضمن الاستراتيجية العامة للإعلام السعودي ووفقاً لما نصت عليه بنود السياسة الإعلامية.
الإعلام والتحديات
الإعلام في زمن العولمة... هل خسر كثيراً أم زادت أمامه التحديات من كل اتجاه؟
- أول تحديات عصر العولمة الإعلامي هو الاستمرار في تحديث تقنيات الإعلام وابتكار مفاهيم جديدة لتوطين هذه الصناعة عربياً في ظل ما هو قادم من منتجات ثقافية وإعلامية عالمية بدأت فعلاً تؤثر في هويتنا العربية ما لم يتم التصدي لها بالعلم والمعرفة الإعلامية.
إن مثل هذا التصدي لا يأتي إلا بتحسين المنتج الإعلامي السعودي مسموعاً ومرئياً ومطبوعاً، وتطوير أدواته وآلياته بحيث نتعامل مع عصر العولمة إعلامياً بأساليب تفاعلية حوارية لا تقوقعية ولا تصادمية.
نحن في عصر تتحاور فيه الثقافات، ولا بد من السعي الحثيث للتغلب على كل التحديات التي تواجه إعلامنا المحلي والعربي بشكل عام حتى نستطيع أن نكون في حوار إعلامي متكافئ مع"الآخر".
إن عولمة الإعلام شهدت أبعاداً جديدة برز بعض جوانبها في التكامل والاندماج بين وسائل الإعلام باعتبار أن التقنيات الإعلامية المتسارعة فتحت آفاقاً واستخدامات ووظائف جديدة للإعلام باختلاف حقوله.
واختفت التقليديات الإعلامية وتنوعت الاختيارات لدى المستمع والمشاهد والقارئ. إضافة إلى ازدياد حجم الاستثمارات الاقتصادية في وسائل الإعلام وتعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات في هذا المجال، وفق حاجة المستهلك العربي، ما أدخل الإعلام"المعولم"في تفسيرات جديدة اقتصادية وثقافية وتنامت شبكات الإعلام العربي ذات البعد الكوني.
وفي ظل هذه المفاهيم الجديدة أدرك القائمون على الإعلام السعودي - مخططين ومنفذين - أهمية الالتحاق المبكر بعصر العولمة الإعلامية، وتسارعت التحديثات التقنية والمهنية في كل أجهزة الإعلام السعودي مرئية ومسموعة ومطبوعة وربطت الإذاعات السعودية والتلفزيون بشبكات الأقمار الاصطناعية العربية والعالمية منذ وقت مبكر.
وأُدخل كثير من التقنيات العالية التأهيل في جميع المؤسسات الصحافية السعودية، إذ إن الصحف السعودية دخلت عصر العولمة الإعلامية من أوسع أبوابه وتسارعت فيها التقنيات العالية إعداداً وإخراجاً ومضموناً وطباعة وأصبحت ترتبط بمؤسسات صحافية دولية تتبادل معها الخبرات والخدمات على مدار اليوم، بل إن طباعة بعض الصحف السعودية في مدن عربية وعالمية مختلفة وكذلك توزيعها في بعض القارات، دليل قاطع على تغلب الإعلام السعودي على تحديات العولمة.
لماذا قضايانا"وجبة رئيسية"في القنوات الفضائية؟ هل نحن أكثر ضجيجاً أم أن اختلافاتنا تمنح بهارات إعلامية خاصة؟
- لا أرى داعٍياً لهذه الحساسية، فملاك هذه القنوات الفضائية سعوديون ورأسمالها سعودي، وبالتالي طبيعي أن تهتم بالشأن السعودي. أما من وجهة نظر مهنية، فالمملكة العربية السعودية تعتبر أكبر سوق عربية استهلاكية، لذا فإن المشاهد والمعلن السعودي هدف أساسي لمثل هذه الفضائيات.
خرجتْ في الآونة الأخيرة رؤى تدعو إلى محاسبة الصحافيين الخارجين عن النص... ما رؤيتكم حول هذا الأمر؟ وهل تلمسون تجاوزات في صحافتنا تعوق حركتنا الإعلامية؟
- الحقيقة أن الحرية الإعلامية لدينا"حرية مسؤولة"، فهناك نقد بناء وموضوعي، وعلى العكس منه نقد ذاتي يقصد منه الإساءة، وعادة ما يخضع للأهواء الشخصية. وإذا ما تجاوز الصحافي حدود الموضوعية في نقده يجب أن يحاسب، ما لم يثبت بأدلة ملموسة ما يؤكد صدق المعلومات التي أوردها.
نظام المحاسبة هذا معمول به في دول العالم كافة، فضلاً عن مجتمعنا الذي يستمد تعاليمه وقيمه من الكتاب والسنة، فالإسلام نهى عن القذف والسباب والشتم.
وما يؤكد مساحة الحرية الإعلامية لدينا، أنكم في صحيفتكم"الحياة"تنتقدون وزارة الثقافة والإعلام، ومع هذا لم تتعرضوا إلى المساءلة! ألا تشعرون بهذه الحرية الإعلامية إذاً، كما لا بد من التفريق بين حرية الرأي وحرية الصحافة.
القائمة السوداء
عندما يعتذر شيخ أو مثقف أو ممثل عن التعاون معكم.. هل يوضع اسمه في القائمة السوداء؟
- ومن قال لك إن لدينا في وزارة الثقافة والإعلام قائمة سوداء؟!
وزارة الثقافة والإعلام بيت لكل سعودي وأبوابها مفتوحة لمن يجد في نفسه القدرة على التطوير والتجديد والإضافة المميزة. ومَنْ يعتذر اليوم لمشاغله لن يعتذر غداً.
البرامج الدينية في تلفزيوننا لا تزال تقليدية العرض والمحتوى، بعكس ما نراه في تجدد الخطاب الديني في قنوات أخرى، هل لكم رؤية خاصة في ذلك؟
- الاستمرار على نمط معين في عرض البرامج أو أسلوب واحد في تقديمها يقود إلى الرتابة، والرتابة تؤدي إلى الملل، لذلك العمل الإعلامي كمن يجري في مضمار إذا لم يسرع في خطاه سيأتيه من هو أسرع منه ويتجاوزه.
وهذا ينطبق على كل البرامج بما فيها الدينية التي يجب ان تتصف بالآنية ومعايشة الواقع في طرحها وتقديمها وطريقة عرضها وكذلك عقلية ضيوفها، نحن في العام 2008، ولسنا في عصر الستينات.
كثرة الإشاعات في جهازنا الإعلامي.. إلام تعزوها؟
- ثبت علمياً أن الإشاعات تجد فرصة انتشارها بين أفراد الوسط الأقل تعليماً وثقافة، ومنسوبو الإعلام يفترض أن يكونوا مثقفين قبل أن يصبحوا إعلاميين. وإذا ما سلمنا بمحتوى سؤالك في ان الإشاعات تنتشر في الوسط الإعلامي، سيقودنا ذلك إلى الإحباط، كون هذا مؤشر واضحاً وصريحاً على ان إعلاميينا يفتقرون للثقافة والعلم، وهذا ما لا نتمناه مطلقاً.
ضم الثقافة إلى الإعلام هل جعلكم في صراع كزوج الاثنتين؟
- ليس بالضرورة أن زوج الاثنتين أو الثلاث هو من يعيش الصراع دائماً، إذا ما توخى العدل والحذر!
فالثقافة والإعلام جزءان لا يستغني احدهما عن الآخر، كما أن الإعلام يعتبر القناة التي تنتقل من خلالها الثقافة من مجتمع إلى آخر، وإلا كيف تأثرت المجتمعات بالثقافة الغربية لولا قوة الإعلام الغربي.
ونحن في وزارة الثقافة والإعلام استطعنا ان نصنع علاقة تكاملية بين ثقافتنا المحلية وإعلامنا، فقنواتنا الفضائية والأرضية تسعى جاهدة لتسويق ثقافتنا التسامحية من خلال البرامج الإذاعية والتلفزيونية والأيام والأسابيع الثقافية في الدول العربية والعالمية.
مشكلتنا مع المثقف السعودي
هل تعتقد ان العلاقة التكاملية التي تنشدونها بين الثقافة والإعلام بلغت مرحلة النضج، على الأقل في البرامج الثقافية؟
- المؤمل بعد انضمام قطاع الثقافة للإعلام أن يرتقي مستوى البرامج الإذاعية والتلفزيونية ذات الاهتمام الثقافي، من خلال مشاركة بعض المثقفين السعوديين في الإعداد والتقديم للبرامج الحوارية المباشرة.
لكن اتضح أن المثقف السعودي يعاني من ضعف في إدارة البرامج الحوارية الإذاعية والتلفزيونية، فمن جهة يتحدث للمشاهدين بإسهاب، ومن جانب آخر يتحدث أكثر من الضيف، ويسأل أسئلة يطرح إجاباتها من حيث لا يدري.
من هنا فإن الحاجة تستدعي أن يمر بعض المثقفين بدورات تدريبية يجيدون من خلالها كيفية التعامل مع المايكروفون والكاميرا بشكل متقن يؤدي إلى إنتاج برامج إذاعية وتلفزيونية ترتقي إلى مستوى ما يسمى بالإعلام الفضائي الحديث.
ماذا يجب علينا لتحسين صورة المجتمع السعودي والعربي والمسلم، بعد أن"شابها ما شابها"في أعقاب أحداث 11 أيلول سبتمبر؟
- الحوار ثم الحوار ثم الحوار، يجب أن يستمر حوارنا مع الغرب أكثر من أي وقت مضى. لقد سعى الإعلام الغربي والأميركي خصوصاً إلى ترسيخ صورة ذهنية معينة أدت إلى زعزعة الثقة في ما بين مجتمعنا والمجتمع الغربي.
وبالتالي أدى ذلك إلى تشويه العلاقات بين الطرفين. في السابق كان العرب ينظرون إلى الحوار مع الغرب على انه حوار اقتصادي وسياسي ضمن المجموعة الأوروبية المجموعة الأميركية كندا والمكسيك وأميركا.
إلا أن الحوار الذي يجب أن يكون حواراً ثقافياً اجتماعياً حضارياً إنسانياً، حواراً مباشر بين كل الأطراف وعلى طاولة واحدة، بعيداً عن وسائل الإعلام التي قد توسع من فجوة الخلاف.
وأخيراً، عقدت جامعة الدول العربية مؤتمراً حول"الحضارات تواصل لا صراع"، وأُلقيت فيه ما يقارب 30 ورقة عمل، حيث كان يهدف المؤتمر ? كما قال الأمين العام الجامعة العربية - إلى التصدي الرزين لحملة التشويه الموجهة إلى العرب بعد أحداث 11 سبتمبر.
وان يكون هذا الحوار مبنياً على أسس التفهم الثقافي الحضاري بين الشعوب، إضافة إلى الموضوعية والتعاون، ونبذ نظريات التميز والصراع.
إلى أين توصلتم في سن آليات"وثيقة تنظيم البث الفضائي"التي أقرها وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الاستثنائي الأخير؟
- ستقدم وزارة الثقافة والإعلام ورقة عمل بشأن الآليات الملائمة لتطبيق هذه الوثيقة، بما في ذلك مذكرات تفسيرية لبعض البنود مثل الإباحية وغيرها. وستعقد الوزارة اجتماعاً مع شرائح من المثقفين والمفكرين والمتخصصين في المجتمع السعودي للاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم في ما يخص الوثيقة وما يمكن تنفيذه لتطبيق بنودها بشكل ملائم.
وكما تعلم فإن هذه الوثيقة هي بداية تشريع إعلامي عربي فضائي سمعي بصري في المنطقة العربية، ولا بد من أن يكون هناك تنظيم لهذه السوق الفضائية الحالية، ومن ثم أيضاً لا بد من أن يكون للوطن العربي تشريع موحد في ما يخص البث الفضائي، مثله مثل أوروبا وأميركا، يحترم حرية الرأي، وحرية التعبير، ومسؤولية الكلمة وعقلانية المعالجة، واحترام المشاهد والمستمع العربي.
التكامل الثقافي الإعلامي
على المستوى العربي، إلى أي مدى يمكن تحقيق التكامل بين السياسة الثقافية والإعلامية؟
- يعتبر موضوع كهذا، ركناً أساسياً في وضع استراتيجية للثقافة السعودية والعربية بشكل عام، ففي اجتماعات وزراء الإعلام ووزراء الثقافة الخليجيين، وكذلك وزراء الإعلام والثقافة العرب نراعي بشكل دقيق التوصل إلى هذا التكامل الإعلامي الثقافي.
إن انتشار وسائل الإعلام باختلاف فئاتها والتدفق المعلوماتي الهائل بين مجتمعات الأرض لم يترك أي خيار أمام ثقافة البلدان العربية فإما ان تتجدد وتطور وتشارك في حوار الثقافات بفعالية، أو تنغلق وتتراجع، ومن ثم ستخضع للهيمنة والانقراض. إن الدول العربية ومنها المملكة تواجه واقعاً ثقافياً صعباً.
فالدول المتقدمة تملك مراكز المعلومات وشبكاتها، وهي التي تنتج الرسائل الثقافية والإعلامية، وتجعلها تتدفق باتجاه دول العالم هذه المنتجات الثقافية، تقوم بدور الشريك الكبير في تحقيق وتشكيل وعي الناس في هذا الكون وتكوين شخصياتهم وهوياتهم وأنماط سلوكهم وحتى استهلاكهم.
وبالتالي فإن السياسة التكاملية الإعلامية الثقافية أمر في غاية الأهمية، إن الثقافة هي عنصر ثابت ومتحول، خصوصياتها ثابتة وسياساتها ومنهجياتها متحولة.
أما الإعلام فهو المتحول دائماً، وهو وسيط أساسي لتبادل المعلومات وإحداث مثل هذا التواصل الثقافي الإعلامي أمر في غاية الأهمية، نحن نعتبر وسائل الإعلام من الأدوات الثقافية التي تسهم في دعم المواقف والتأثير فيها وعلى توحيد السلوك الإنساني والتكامل الاجتماعي.
ووسائل الإعلام لها دور كبير في تطبيق السياسات الثقافية وإفراز ثقافة جماهيرية واسعة، وبالتالي لابد من تأصيل مثل هذا التكامل الإعلامي الثقافي.
وعن طريق الإعلام نستطيع تحقيق ثقافة سعودية متوازنة تستوعب كل الأفكار والقيم الثقافية وتقلل من الاختلافات بين فئات المجتمع الواحد من جهة ومع شعوب العالم المختلفة من جهة أخرى، وهو ما نسميه في حقلنا الإعلامي بالاتصال الثقافي.
هل تعتقد أن المجتمع العربي الآن أصبح عضواً فاعلاً في مجتمع الإعلام العالمي؟
- مجتمع الإعلام مصطلح يرى فيه أهل المهنة البعد عن عمومية وضبابية مفهوم العولمة الإعلامية، مجتمع الإعلام هو مجتمع التقنيات العالية والقدرة على تبادل المعلومات وبثها ونشرها من خلال أقطاب رئيسية ثلاثة هي الحاسب الآلي، والأقمار الاصطناعية، والتلفزيون.
ومجتمع الإعلام الذي نعيش فيه عربياً وعالمياً متعدد ومتنوع الوسائط، له شركات عملاقة، ثورة رقمية فائقة دمجت لنا الصوت والصورة مع المكتوب ونقلهما بسرعة الضوء.
فالدخول عربياً في مجتمع الإعلام هذا، لا يعني امتلاك وتوظيف التقنية فقط، أو وجود البنى التحتية الإعلامية كما هو الحال في معظم الدول العربية اليوم، بل القدرة الفعلية الحقيقية على صناعة محتوى الرسالة الإعلامية ومضامينها.
وهذا بالطبع يصعب تحقيقه في ظل ضعف الإعلام العربي، وإخفاقه في صناعة المنتجات الثقافية الإعلامية القادرة على منافسة المنتج الثقافي العالمي.
إن ضعف ومحدودية الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني والسينمائي العربي، أديا إلى عدم القدرة على استمرارية البث لمئات الساعات، أسوة بوسائل الإعلام العالمية، ومن ثم لجأت أجهزة الإعلام العربية إلى إعادة بث المنتج القديم، أو إنتاج برامج كلامية صوتية لا مرئية.
عجز الإعلام العربي في الإنتاج أدى إلى استيراد برامج لا تتفق مع خصوصية المجتمع العربي المسلم، وبالتالي غابت معايير البث الفضائي وقيمه، وغابت أيضاً التشريعات الإعلامية المحلية والعربية التي تتمتع بها دول العالم المتقدم أميركا وأوروبا.
لا مناص للعالم العربي من الدخول بشكل متدرج في مجتمع الإعلام العالمي، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بتقويم وتحكيم إعلامي مستمر، فلا بد من التخلص من التقليدية والرتابة، إن التحرر العقلاني يطلق مفاهيم حديثة للابتكار، يتيح لنا الاستفادة من جيل إعلامي شاب يسهم في صناعة محتوى البرامج الإذاعية والتلفزيونية نوعاً وكماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.