حذّر اقتصاديون سعوديون من مخاطر قيام مصانع المياه السعودية بتصدير المياه للخارج، وأكدوا أهمية المحافظة على تلك الثروة، خصوصاً أن تصدير المياه يثير المخاوف بشأن استنزاف تلك الثروة الحيوية ذات الأهمية الاستراتيجية، في وقت يزيد فيه عدد مصانع المياه وطاقاتها الإنتاجية. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري إن متوسط استهلاك الفرد للمياه المعبأة في دول مجلس التعاون الخليجي يعد من أعلى المعدلات في العالم، وعزا هذا الارتفاع إلى 4 عوامل هي: طبيعة المناخ، وارتفاع درجات الحرارة، وعدم توافر المياه في كل المناطق بسبب التطور العمراني السريع، وارتفاع مستوى الدخل. وعارض العمري خلال حديثه إلى"الحياة"تصدير المياه السعودية للخارج، وقال:"لا أؤيد تصدير المياه السعودية للخارج لشح المياه لدينا، وأطالب مصانع المياه بتقليل إنتاجية المياه لتكون مناسبة لاستهلاك السوق السعودية". من جهته، قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالله المطلق إن سوق المياه المعبأة في المملكة شهدت نمواً متزايداً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً مع ارتفاع استهلاك السعوديين السنوي منها في أشهر الصيف، إلى جانب مواسم الحج والعمرة التي يزداد الاستهلاك خلالها، معرباً عن رفضه تصدير هذه الثروة للخارج، فالمصانع السعودية يجب أن تحافظ على هذه الثروة ولا تهدرها. وأشار إلى أن الأسرة السعودية تصرف 900 ريال سنوياً على المياه المعبأة، لافتاً إلى أن السعوديين يصرفون على مياه الشرب ما بين 500 و750 مليون ريال سنوياً، ومن المتوقع أن تنمو هذه الصناعة الرائجة بمعدل 5 في المئة سنوياً. وعلى صعيد كيفية مواجهة الشح المفاجئ الذي قد يطرأ على كميات المياه، أكد أستاذ الهيدرولوجيا ومصادر المياه في قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز الطرباق، أن المياه السعودية شحيحة، ونحن في أمس الحاجة لبقائها في السعودية، وتصدير المياه للخارج يعتبر خطأ فادحاً، ويجب المحافظة على المياه وعلى استهلاكها، وأن يكون لدينا وعي على مستوى الفرد والمجتمع. وقال ل"الحياة":"لا أستبعد أن تكون هناك مواجهات عسكرية في العالم بسبب شح المياه، ويجب على مصانع المياه ألا تنظر إلى الصناعات الأخرى التي تصدر كل شيء، فالمياه ثروة حيوية ومهمة، ويجب التقليل من الإنتاجية وعليهم أخذ العبر من عملية تصدير القمح في السابق". من جهة أخرى، أكد المدير العام لشركة تعبئة المياه الصحية نوفا علي الصفيان، أن الإنتاج الإجمالي ل70 مصنعاً موزعة على مدن السعودية يتراوح ما بين 7 و 10 ملايين كرتون شهرياً، وهذه الأرقام تعد ضئيلة إذا ما علمنا بمتطلبات المدن من المياه الخاصة للشرب، وقدر معدل نمو السوق بنحو 5 إلى 7 في المئة سنوياً. وعن تصدير المياة للخارج، قال:"نحن لا نصدر حالياً إلا إلى البحرين فقط". ويرى مشرف مبيعات أحد المصانع السعودية للمياه فضل عدم ذكر اسمه، أن تصدير كميات من المياه المعبأة وكذلك استيرادها يخضع لعوامل الكلفة والربح والعرض والطلب والنقل بحسب موقع المصنع، لذا قد يكون تسويق المياه المعبأة في الدمام وتصديرها إلى دول الخليج المجاورة أكثر ربحية لمصنع التعبئة من نقل هذه المياه وتسويقها في إحدى مدن المناطق الشمالية، إذ تزيد كلفة نقلها، وهذا الأمر ينطبق على السلع المستوردة من بعض الدول المجاورة للسعودية. وتعد المملكة أكبر سوق للمياه المعبأة في المنطقة، إذ يزيد حجم السوق بشكل مضطرد كل عام. ويوجد في السعودية 70 مصنعاً للمياه المعبأة، 55 في المئة منها في المنطقة الغربية، فيما يبلغ نصيب الرياض 27 في المئة، والدمام 18 في المئة. وتشير التقديرات إلى ارتفاع استهلاك السعوديين السنوي إلى 2.5 بليون لتر من المياه المعبأة، وتستحوذ أشهر الصيف الثلاثة حزيران يونيو ويوليو تموز وآب أغسطس على 60 في المئة من حجم هذا الاستهلاك، بما يعادل 1.5 بليون لتر مياه. وتبلغ الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع أكثر من 5 بلايين لتر سنوياً، ويتجاوز حجم استثماراتها بليوني ريال، وتُقدر الدراسات حجم إنفاق الأسر السعودية على المياه المعبأة بنحو بليون ريال سنوياً، ومن المتوقع نمو هذه الصناعة بمعدل 5 في المئة سنوياً.