لا تملك أم فهد سوى الدعاء وانتظار الفرج أملاً في انقشاع غيمة الفقر والحاجة التي تقاسي آلامها مع أفراد أسرتها المكونة من 13 شخصاً من أطفال وأيتام ومطلقات. كبر المسؤولية أثقل كاهل ربة العائلة"أم فهد"، التي تحاصرها الأمراض المزمنة وفي مقدمها السكري، ووضعت نتيجة الظروف الصعبة في فوهة المدفع، فهي تتكفل بجميع مصروفات أبنائها وبناتها وأحفادها القاصرين الذين لا يجدون إفطاراً يومياً عند ذهابهم إلى المدرسة. وعلى رغم كبر سن أم فهد وإصابتها بأمراض وإجراء جراحة استئصال للعين اليمنى، بدأ الماء الأزرق بمهاجمة العين الأخرى، الأمر الذي يهددها بالعمى ويضعها وأسرتها على حافة الانهيار. علاقة الأسرة والفقر لم تكن وليدة يوم معين أو نتيجة لحدث ما، إلا أن وفاة الابن الأكبر لأم فهد وتركه ثلاثة من الأطفال في المرحلة الابتدائية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وهو ما زاد من قلقها على مستقبلهم. كان الابن يتحمل جزءاً يسيراً من النفقات، وأدى تعرضه لضغوط الحياة إلى وفاته نتيجة جلطة في القلب، وبعدها تكالبت على العجوز البائسة أعباء الإنفاق على أفراد عائلتها الكبيرة من بنتين مطلقتين إحداهما معوقة ولا تستطيع العمل. تقول أم فهد:"أعيش الآن مع زوجي المسن المصاب بفقدان سمعه وبصره ولا يملك أي مصدر للدخل أو راتب تقاعد، وأولاد ابني الأيتام"، مشيرة إلى أنها حصلت على ولايتهم من والدتهم المريضة التي لا تستطيع تربيتهم، وتجمع لهم طوال السنة ما يسد جوعهم فقط من صدقات أصحاب الخير والموسرين. وتضيف:"ما يزيد من معاناتي هو إيجار المنزل الذي ارتفع كثيراً وتجاوز ال20 ألف ريال"، مؤكدة أن تهديدات صاحب المنزل لا تنقطع بسبب عدم قدرتها على سداد الإيجار. وتمتد المعاناة إلى رفض زوج إحدى ابنتيها المطلقتين الإنفاق على ولده البالغ من العمر 16 عاماً، بشرط أن يقيم مع زوجته الجديدة وهو ما يرفضه الابن، وذهبت الأم لطلب الضمان الاجتماعي وتمت الموافقة بشرط إحضار شهود لإتمام الإجراءات. ولم تستطع بنات أم فهد تحقيق حلمهن بدخول الجامعة أو الحصول على وظيفة مناسبة، فما أن تسنح الفرصة ويجدن مجالاً للعمل حتى يقتل الحلم في مهده بسبب شبح المواصلات الذي يقتطع جزءاً كبيراً من الراتب ويكون عائقاً أمامهن، ما جعل اليأس والإحباط يقتلان الطموح في البحث عن عمل آمن، خصوصاً أن الأسرة تسكن في حي بعيد. أحفاد أم فهد قهرهم الجوع واغتال العوز طفولتهم، والتظاهر بشرب علب فارغة إيهاماً للناظرين بأنهم لا يقلون عن غيرهم، يؤكد الحال النفسية التي يعيشون تحت وطأتها. ولا تخفي أم فهد خوفها على بناتها في حال وفاتها،"أتعبتني الأمراض وخوفي على أسرتي، خصوصاً البنات يقلقني ويحرمني النوم"، مؤكدة أنها وأفراد أسرتها يعيشون غالباً على بقايا الولائم، وتطلب من أهل الخير مساعدتها لتضمن عيشاً كريماً لبناتها وأحفادها الأيتام.