تمثل محافظة الاحساء 24 في المئة من مساحة المملكة، و67 في المئة من مساحة المنطقة الشرقية، وعدد سكانها أكثر من مليوني نسمة، وعلى رغم ذلك لا يوجد فيها إلا مستشفى الملك فهد ومستشفى الأمير سعود بن جلوي فقط. أنشئ مستشفى الملك فهد منذ أكثر من 30 عاماً، وحُمِّل هذا المستشفى أكثر من طاقته الاستيعابية، وحين تولى الدكتور خليفة الملحم منصب مدير الشؤون الصحية في الأحساء حصل تغيراً في مستوى الخدمة المقدمة فيه، على رغم ندرة المعدات الطبية الحديثة، وتحول الأطباء إلى الشركات، وقلة الدعم المادي من الوزارة. وبعد ذلك هجره الكثير من الأطباء الأكفاء إلى مستشفيات خاصة، حيث الدعم المادي والأجهزة الحديثة. تسلم المنصب بعد ذلك الدكتور طارق السالم، ونرجو من الله أن يكون خير خلف لخير سلف. وحين نأتي إلى مستشفى الأمير سعود بن جلوي فإننا نجده يتراجع في كل سنة، ولا أدل على ذلك من أعطال نظام التكييف في فصل الصيف، إضافة إلى انعدام الأجهزة الحديثة، ما تسبب في عدم الاستفادة من الكفاءات الوطنية العاملة فيه. وعندما نتكلم عن مستشفى الولادة والأطفال، فالحديث يطول، إذ يستقبل في كل يوم 40 حالة ولادة في ظل صغر المباني وعدد الموظفين المحدود جداً، وقد أنهت الشركة المشغلة للمستشفى أخيراً خدمات أكثر من 14 موظفاً وموظفة على رغم توافر الخبرة لديهم. نأتي إلى وحدة العناية المركزة للأطفال، فلا تشعر أنك في قسم يتعلق بالحفاظ على أرواح المرضى، وذلك من شدة الزحام وكثرة الأطفال الموجودين، ناهيك عن عدم وجود المعدات الحديثة، أو مختبر لأمراض الدم الوراثية في المستشفى. كما أن الأطباء السعوديين الموجودين في قسم العناية المركزة يعملون فوق طاقاتهم، إذ يتم تنويم الكثير من الأطفال في قسم العناية الفائقة، وحين تذهب إلى هناك تشعر أن الأطفال مثل"علبة السردين"، غرفة صغيرة جداً ويتم حشر الأطفال كل 15 أو 16 طفلاً في غرفة واحدة!! ولا أعلم هل هو نقص في عدد الغرف في القسم؟ أم يوجد هناك أسباب أخرى؟ وبهذه المناسبة نرفع إلى جميع الأطباء الموجودين في قسم العناية المركزة كل الشكر والعرفان على جهودهم الجبارة في سبيل علاج الحالات الموجودة لديهم، على رغم النقص الشديد في الأدوية، ومن ذلك عدم توافر 88 دواءً في مستشفى الولادة والأطفال، حتى أن الأجهزة الموجودة باتت خارج الخدمة بعد أن تجاوزت العمر الافتراضي لها منذ سنوات. جميع المستشفيات والمراكز في الأحياء هي من تبرعات شخصية، وهي: مستشفى الصحة النفسية، تبرع من الملك فيصل ? رحمه الله ? ومركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز لأمراض وجراحة القلب تبرع كريم من ولي العهد، ومركز الجبر للأسنان، ومركز الجبر للكلى، ومستشفى الجبر للأنف والأذن والحنجرة تبرع من أسرة الجبر في الأحساء، وهذا يعني أن وزارة الصحة لم تنشئ في المحافظة منذ أكثر من 30 عاماً، سوى مستشفى الملك فهد ومستشفى الأمير سعود بن جلوي فقط، على رغم أن حكومة خادم الحرمين الشريفين خصصت أكبر موازنة في هذا العام لوزارة الصحة، وهي 25 بليون ريال، وهو رقم فلكي بكل المقاييس. إن المنتظر من وزارة الصحة الإسراع في بناء مجمع الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، على أن يكون على أحدث طراز مثل مجمع الملك فهد بن عبدالعزيز في الرياض، ويكون شاملاً جميع محافظات المملكة، لكي يخفف على مستشفيات الرياضوجدة، والمشكلة أن المواطن هو من يدفع الثمن لعدم قدرة الكثيرين على العلاج في المستشفيات الخاصة. وعوداً على الموضوع الرئيسي، فإنه للعلم جرت مخاطبة وزارة الصحة منذ عام 1425ه، وطلب إنشاء مستشفى في محافظة الأحساء على غرار مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، إذ يعاني أكثر من 45 في المئة من الأطفال في المحافظة من أمراض الدم الوراثية، وتعتبر الاحساء من أكثر المدن في العالم إصابة بهذه الأمراض، وهذا يعني ولادة أكثر من ثلاثة آلاف طفل مصاب بالمرض، علماً بأن كلفة عملية طفل الأنابيب تتراوح بين 45 و55 ألف ريال. وبما أن الاحساء في أمس الحاجة إلى إنشاء مستشفى ومركز لأبحاث الدم بسبب المعاناة الكبيرة من مرض الدم الوراثي، فإن المأمول من المسؤولين في وزارة الصحة العمل سريعاً على إنشائه، أو على الأقل درس الوضع عن كثب، وأنا متأكد من أنهم سيخلصون إلى النتيجة نفسها.