محمد النشائي - مثلاً- وارتقاؤه العلمي من هندسة مدنية إلى إنشائية إلى الميكانيكا التطبيقية، إلى نيل درجة الدكتوراه، ثم العمل مديراً للمشاريع بالمركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا بالرياض، لقد تمكن من الحصول على درجة الأستاذية والعمل في معامل"لاس ألاموس"الأميركية، اهتم بالعلوم النووية حتى تأسيس أول مجلة علمية في تطبيقات العلوم النووية التي تصدر من ثلاث دول هي أميركا وانكلترا وهولندا، وله عدد ضخم من الأبحاث في مجلات علمية دولية كمجالات الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات، الأمر الذي دفع علماء نالوا جائزة نوبل في الفيزياء لترشيحه أكثر من مرة لنيل الجائزة نفسها، كما استخدمت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"أبحاثه في بعض تطبيقاتها - وأخيراً قام مركز الفيزياء النظرية التابع لجامعة فرانكفورت الألمانية باستقدامه كأستاذ مميز لدوره في تطوير نظرية يطلق عليها اصطلاحاً"الزمكان كسر كانتوري"، كما كرمته مصر بمنحه جائزة الدولة التقديرية ويعمل الآن أستاذا بمؤسسة"سلوفاي"للطبيعة والكيمياء بجامعة"بروكسلبلجيكا"وأستاذاً زائراً في ست من جامعات العالم. هذه لمحة بسيطة عن"النشائي"العالم، أما النشائي الإنسان فهو يعتبر التقدم الحقيقي هو تقدم الإنسان وليس التقدم التكنولوجي، وله كلمة مشهورة في عالمنا الإنساني، فهو يقول:"طوال عمري احلم أن أكون واحداً من اثنين: إما مخترعاً يبتكر اختراعاً يقضي على إسرائيل بالكامل، أو شاعراً ينسج قصيدة عندما يسمعها الناس يتأثرون بها فيخرجون يهتفون للحرية وللجهاد و تحرير فلسطين". بقي أن نعلم أن له اخوين هما، مدير معهد الزلازل بالولايات المتحدة الدكتور عمر، والعالم بالهندسة الكيماوية بجامعة ألاباما الأميركية الدكتور سعيد... تُرى كم عالماً عربياً ستحضنه دول أخرى غير دولته العربية؟ أما عن العبرة، فهي تكمن في الخوف من الخروج عن السيطرة لمثل هذا العلم تماماً، كما خرجت السيطرة في العلم"النووي"عن الهدف الإنساني حتى سحقت مدينتين في اليابان، وقد ناقش"رائد النانو تكنولوجي"د. ايريك في كتابه"محركات التطوير"لهذا العلم نقاشاً واسعاً حتى رد عليه كبير علماء شركة"صنميكر وسيستمز"بقوله:"إن النتائج السلبية والخطرة التي نعتقد أنها ستخرج عن السيطرة، وأنها ستكون مدمرة أكثر كثيراً من النفع المرجو منها، واقترح تماماً التخلي عن موضوع"النانو تكنولوجي"لتفادي تلك النتائج التي لن يتمكن احد من السيطرة عليها". وكثير من المفكرين والعلماء من الغرب يحذرون الآن من أزمة كارثية تهدد الحضارة الغربية وهي أزمة"غياب المعنى"، ويقولون هي اخطر من أزمة الماء والغذاء، لأن هذه الأزمات تلحق بالجسد ولكن أزمة المعنى تلحق بالروح والنفس فتسلمه إلى الشقاء حتى لو كان غارقاً في نعيم المتع المادي، وهو ما يجعلنا ننظر إلى فكرة التطور العلمي في غياب المعنى بالكثير من الخوف علينا وعلى أجيالنا، فهلا اتفق العرب على تبني العلوم مع الحرص على المعاني الإنسانية... أتمنى. [email protected]