لم يكن يعلم العسيريون أن الاستقبال سيكون بهذا الدفء في تهامة ليس فقط لجوها الجميل، ولكن لحسن استقبال أهلها للزوار الذين جاءوا إليها هرباً من شدة البرد. واستقبلت المهرجانات الشتوية التي تقام للمرة الأولى من يبحثون عن الدفء في تلك السواحل، التي تمتد على ساحل البحر الأحمر في الحريضة والشقيق بعروض الفرق الشعبية والألعاب النارية والعروض مسرحية. وحرصت الأسر القادمة من المرتفعات الجبلية في أبها، وما جاورها على الاستمتاع بالأجواء الدافئة التي تصل درجات الحرارة فيها إلى 28 درجة مئوية، إضافة إلى مشاهدة أشجار السدر الكبيرة والموز الممتدة على مساحات شاسعة. ولم يترك أهالي تهامة الفرصة تمضي من دون استغلال لها، فلا يكاد يرى الزائر طريقاً حتى يجد بسطة صغيرة يبيع فيها التهامي الفواكه والفل والأزهار التهامية، إضافة إلى عسل السدر الشهير، كما أن الطعام الشهي احدى السمات الرئيسة في تهامة. ويقول الموظف عبدالعزيز سعيد القحطاني القادم من الرياض، إنه يحرص على قضاء إجازته السنوية وأسرته الصغيرة على سواحل تهامة، لما تتمتع به من أجواء دافئة وطبيعة خلابة، مشيراً إلى سهولة وجود السكن وقلة الازدحام النسبية في المطاعم مقارنة بفصل الصيف. وهناك كثيرون لم يحصلوا على شقق مثل القحطاني الذي يبدو أنه حجز قبل إجازته بفترة، فالإقبال المتزايد على الشقق، جعل العثور عليها ضرباً من الخيال. ويقول مالك مجموعة المختار للشقق السكنية سعيد حسين معدي:"الإقبال على الشقق كبير، فالكل يحجز قبلها بفترة كبيرة ولا توجد على سبيل المثال أية حجوزات قبل عشرة أيام، مشيراً إلى أن أسعار الشقق تختلف باختلاف مساحاتها ومواقعها، وهي تتراوح بين 400 و800 ريال للشقة الواحدة". وتُضاف إلى صعوبة العثور على شقة صعوبة أخرى، إذ يشتكي كثيرون من صعوبة الطريق المؤدي إلى السواحل التهامية الذي شهد ازدحاماً مرورياً لإقبال الكثيرين عليها بعد الانتهاء من امتحانات الفصل الدراسي الأول، فضلاً عن سوء حال الطريق. ويقول علي سعيد شريف إنه لم يسلم هو وأسرته من الزحام الشديد عند ذهابه إلى ساحل تهامة الخميس الماضي، إضافة إلى رداءة الطريق، مطالباً بسرعة إنجاز طريق العقبة، الذي يزداد سوءاً خصوصاً بعد هطول الأمطار عليه. وعلى رغم بعض المعوقات التي قد يجدها الزائر في البداية، إلا أن دفء الجو ومشاهدة المساحات الخضراء الواسعة وبالطبع سواحل المياه الممتدة، ينسيانه كل تلك المعوقات، ويصبح همّه الأكبر الاستمتاع قدر المستطاع قبل الصعود إلى البرد مرة أخرى هناك في"عسير".