أجمع علماء دين وسياسيون مسلمون وعرب على حاجة الأديان السماوية الثلاثة إلى حوار جاد وبناء كالذي أعلن الملك عبدالله بن عبدالعزيز عزمه على تبنيه أخيراً، عبر حلقات حوار لا تنقطع. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله كشف أنه حصل على موافقة علماء السعودية على فكرة اقترحها لدعوة جميع الأديان السماوية إلى عقد مؤتمرات، للاتفاق على ما يكفل صيانة الإنسانية من العبث بالأخلاق والتفكك الأسري واستعادة قيم الصدق والوفاء للإنسانية. وأكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور إحسان أوغلي أن الإنسانية كلها في حاجة ماسة إلى الحوار الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، بهدف إنقاذ الأمم من العبث الذي يجري. لكن أوغلي الذي اعتبر دعوة العاهل السعودي تاريخية يمكن أن تغير تاريخاً مزرياً مضى، شدد على ضرورة"أن يبنى الحوار المزمع عقده على الاحترام المتبادل الذي تكفله جميع الأديان، وأن تكون للحوار أجندة واضحة المعالم، نستطيع الوصول إليها وقياسها ومراجعتها". كما نبه رئيس ثاني أكبر منظمة في العالم، إلى أنه قبل إطلاق الحوار المشار إليه"نحتاج من الغرب إلى إعلان بوادر حسن نية، إذ هناك تجارب حوارية وإن كانت بسيطة ومختصرة في الماضي، إلا أننا يجب علينا أن نتعلم منها، ونتجنب ما أخطأنا فيه، فقد مضى أربعون عاماً من الحوار لم نحقق من ورائها نتائج ملموسة، ولكننا الآن نحتاج إلى فتح صفحة جديدة من الحوار الجاد الذي يحمل النية الصادقة لإنقاذ البشرية من أزمتها". كما أعلن رئيس رابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالمحسن التركي عن ترحيبه بالدعوة التي أطلقها الملك عبدالله، مشيراً إلى أن المملكة التي تحكم بالشريعة الإسلامية"تعلم أن الإسلام من الأديان الحاملة لرسائل الخير والمحبة والعدل والسلام، حتى في وقت يواجه فيه حملات إعلامية تسيء إلى معتقداته وأساساته التي بني عليها، ويتعرض لهجمة تريد تشويه مبادئه وإلصاق التهم به، ومن أشنعها الإرهاب الذي كان الإسلام أول من حاربه". وقال الفقيه السعودي عضو مجلس الشورى الشيخ عبدالمحسن العبيكان:"دعوة الملك إلى حوار الأديان يستفاد منها في التحاور والنقاش والوصول إلى ما يدفع الشرور عن المسلمين ويحسن صورة الإسلام أمام الآخرين، وهي وإن كانت تصب في مصلحة المسلمين على وجه الخصوص إلا أن فوائدها ستعم البشرية كلها". أما علماء مصر فرحبوا بالدعوة السعودية، إلا أنهم طالبوا بأن تسير عبر وضع أسس واضحة لها حتى تؤتي ثمارها. وقالت أستاذة الفقه في جامعة الأزهر الدكتورة سعاد صباح لپ"الحياة":"العالم في حاجة ماسة إلى مثل هذا الحوار الآن، إلا أن تحديد القيم والسلوكيات والمبادئ التي تنظم هذا الحوار أمر مهم". وأضافت:"محاولات الحوار السابقة لم تصل إلى نتيجة، لأن هذه الأسس كانت غائبة، ولأنها انطلقت إما لهوى أو للدفاع عن الإسلام الذي ليس بحاجة إلى من يدافع عنه، وإنما يجب إبراز المساحات المشتركة بين الأديان كي تكون منطلقاً للحوار".