بعد ما يقارب من 25 عاماً لم تشهد خلالها ساحة القصاص بالمدينةالمنورة عفوًا عن قاتل، أراد وليّ دمِ أحد المقتولين أن يُحيي تلك المكرمة من جديد، فعفى عن قاتل ابنه قبل ثوانٍ من تنفيذ الحكم الشرعي فيه، وتحوّلت ساحة القصاص امس امام مديرية شرطة منطقة المدينةالمنورة من حزن الى فرح عمّ أرجاء المدينة، حيث فاجأ ذوو الدم الحضور بالعفو، وذلك بعدما انزال السجين الى ساحة القصاص، ليرفع والد المقتول متعب بن عبدالكريم بن عناد الفقير يده معلنا العفو لوجه الله تعالى، وتعالت اصوات التهليل والتكبير من الحضور، وانتقلت اللجنة المكلفة لتنفيذ حكم القصاص الى مكتب مساعد مدير شرطة منطقة المدينة العميد صالح بن عليثة القرافي وتلى قرار العفو على والد المقتول، وتم توقيعه بحضور كافة الأطراف، وقال والد المتوفى: لقد اعتقت رقبة الجاني لوجه الله تعالى، وأسأل الله العلى القدير ان يكتب لنا الاجر وان يجعل ذلك بميزان حسنات مولاي خادم الحرمين الشريفين، وكل من سعى في طلب العفو، وإنني من هنا من مدينة المصطفى وأمام الملأ أعلن العفو عن الجاني، عتقًا لوجه الله تعالى. حضر توقيع التنازل بمديرية شرطة منطقة المدينةالمنورة اللواء عوض بن سعيد السرحاني مدير الشرطة ومساعده للامن الجنائي العميد صالح بن عليثة القرافي ومدير شعبة التحقيقات الجنائية العميد عبدالرحمن الاحمدي ومندوب عن المحكمة العامة بالمدينةالمنورة وعضوء من هيئة التحقيق والادعاء العام ومدير سجون منطقة المدينةالمنورة، وقال أحد أقرباء المجني عليه ل»المدينة» طلب عدم ذكر اسمه : إن والد القتيل رفض جميع الوساطات وجعل تنازله لله تعالى، حيث شهد منزله طيلة الأعوام الماضية توافد أعداد من الاعيان والشخصيات، إلا أنه رفض التنازل تماما ليجعل ذلك خالصا لوجه الله. فيما لم يتمالك عبدالحكيم بن ابراهيم العنزي شقيق المعفو عنه عبدالعزيز نفسه أمس من شدة الفرح، عندما أجرت «المدينة» معه اتصالا هاتفيا، حيث قدم الشكر الجزيل لله سبحانه وتعالى أولا، ثم لوالد المجني عليه متعب بن عبدالكريم بن عناد الفقير، قائلا: إنه جميل له لن ننساه طيلة العمر، وفضل له في رقابنا طيلة ما حيينا، فقد اعتق أخينا، محتسبًا ذلك لوجه الله تعالى، فهو كرم لا يصدر الا من أهله، وقد عشنا طيلة الأعوام الماضية نترقب تنفيذ الحكم الشرعي بأخينا حتى منَّ الله تعالى عليه أمس بالعفو، مكررا الشكر والتقدير للوالد ولكافة افراد قبيلته. وعن والده ووالدته قال العنزي: إن والدتي تبلغ من العمر 70 عاما، لاتستطيع الحديث الان من شدة الفرح واخذت سجادتها مستقبلة ربها تدعو الله سبحانه وتعالى لوالد المجني عليه الذي ادخل الفرح والسرور على قلبها، واعتق لها ابنها من السيف، وكذلك والده، كما رفع بقية إخوته عبدالكريم وحبيب وعبدالرحمن وراضي الشكر لله سبحانه وتعالى ثم لوالد المجنى عليه، مؤكدين ما له في رقابهم من جميل وفضل لن يستطيعوا ايفاءه إياه الاّ بالدعاء له بظهر الغيب كما يقولون. ومن جانب آخر عمّت أمس الفرحة محافظة العلا شمال المدينةالمنورة مقر اقامة الجاني والمجني عليه، حيث تناقل الجميع الخبر بكل فرح وسرور معبرين عن شكرهم لذوي الدم الذين تنازلوا لوجه الله تعالى سائلين المولى ان يجعل ذلك في ميزان حسناتهم. ويذكر أن القضية تعود الى عام 1426ه، حيث حصل خلاف بين الجاني والمجني عليه أدى الى شجار بينهما انتهى إلى مقتل المجني عليه، وظل الجاني طيلة تلك الفترة بالسجن العام ينتظر ساعة القصاص، بعد أن صدر حكم شرعي يقضي بذلك، ليعود للحياة مجددا أمس بعد أكثر من ستة أعوام قضاها خلف القضبان، منتظرًا ساعة التنفيذ.