أن يحدث طلاق بين حديثي الزواج، لاختلاف التفكير والتوجهات، وأمور أخرى تدخل في حساب هدم عش الزوجية أمر وارد، لكن الغريب أن تتسلم سيدة في عقدها السابع ورقة طلاقها بعد زواج دام أكثر من ستة عقود، قضتها في كنف الزوج والأب، حين فضل إحدى الفتيات عليها، وتزوج بها، ليثبت أنه"ما زال رجلاً"، إلا أن الزوجة أم عثمان لها رأي آخر في أسباب الطلاق. وعزت ذلك إلى"السحر والشعوذة اللذين كانا موجهين له، وحرضاه على التخلي عني، والزواج من فتاة تصغره بأكثر من 32 سنة، لكنني لم أتأثر بالطلاق، لأننا ومنذ زمن شبه زوجين، وأصبح مملاً ولحوحاً إلى درجة التعنت، وليس هو الرجل الذي تزوجته، وأنا في العاشرة، والذي كان رجلاً بحق". وتستغرب أم عثمان نظرة المجتمع للمطلقة، وترى أنها"محظوظة بأن طلاقي كان طريفاً ونادراً بالنسبة إلى المجتمع، ولو كنت في غير هذا الزمان، وكان عمري أقل بكثير من ذلك، لتعرضت لوابل من الاتهامات، وأصبحت منبوذة، ويجب أن أكون أسيرة البيت، ويشار إليَّ بأنني مطلقة، لكنني أحمد الله على أنني لست كذلك". قصص الطلاق بمجملها تحمل ألماً لا يمكن أن يشعر بعمقه إلا من لامسه من قريب أو بعيد، والمطلقات هن الأكثر تأثراً به، وإن كن هن من اختار هذا الحل لاستمرار الحياة، وحكاية طلاق أم ريم، وهي سيدة في العقد الثالث، تشبه إلى حد كبير قصص الأخريات، وإن اختلفت بعض التفاصيل، إلا أن ما يجمع معاناتهن هو المجتمع ونظرته الخاصة لهذه الفئة. وتقول أم ريم، التي كانت شديدة التأثر بالحديث:"لم أعط الخيار بالموافقة أو الرفض، حين تقدم ليّ أحد أقربائي، بل تم الاتفاق على انتقالي من منزلنا إلى منزله، في ما يشبه العرس، وفجأة ومن دون أن أشعر بالتغيير الجذري الذي أصبت به، وجدت نفسي خادمة مأمورة، أعمل وأعمل من دون أي تقدير، وهو أمر دفعني إلى حافة الجنون"، وتتابع مضيفةً:"مرت الأيام، وأنا في كنف"سي السيد"، وفي خطوة كانت الأولى في قريتنا، طلبت الطلاق، لكنني واجهت نظرات كما لو كنت أبحث عن العار لنفسي ولأهلي، وبعد محاولات ومحاولات رضخ أهلي للأمر، وتم الطلاق، لكن ما جاء بعده أشد ألماً مما كنت أعانيه مع زوجي السابق". وتشير إلى أن"حياتي تحوّلت رأساً على عقب، بداية من منزل أهلي، الذي أصبحت فيه نكرة تتحرك في داخله، بل إن نظراتهم لم تختلف كثيراً عن نظرات من هم خارج جدران المنزل، فأنا في نظرهم ارتكبت إثماً لا يغتفر أبداً، من دون أن ينظروا إلى مسببات الطلاق". واختارت سميرة عبدالله الطلاق مُكرهة، لأنها لم تستطع أن ترى قلب زوجها الذي عاشت معه"على الحلوة والمرة"، مُقسم بين زوجتين، هي إحداهما، فهو لم يصبر على مرضها الذي أصابها بضعف في الأطراف، واختار أن يكمل حياته مع أخرى. وتصف ما جرى"الأمر مؤلم أكثر من ألم الطلاق ذاته، فلم أكن أتوقع منه هذا الأمر أبداً"، مضيفةً"كنت أتمنى أن أسأله سؤالاً يلح في خاطري ماذا لو كان الأمر معكوساً، وكان الخيار بيدي، فهو المريض وأنا عليّ أن اختار بينه وبين زوج آخر؟"وتجيب:"أقسم أنني لن أتخلى عنه لآخر نفس في حياته وحياتي، لكن معظم الرجال أنانيون، ولا يبحثون إلا عن سعادتهم، ولو كانت على حساب الآخرين". وتطلقت سميرة منذ أكثر من عامين، إلا أنها على رغم ذلك تشير إلى أنها"سعيدة بحجم الألم الذي تسبب به لنفسي، ووجدت تعاطفاً من المجتمع، وإن كان نسبياً، فمن وقف ضدي ورفض قراري بالطلاق، كان قاسياً جداً لمجرد أنه لا يريد أن يراني مطلقة، وماذا عن الطرف الآخر الذي ضرب بعلاقتي الزوجية عرض الحائط؟ لماذا لا يحاسب الرجل؟". وتؤكد حميدة عبدالله أن"المطلقة لو كانت تعلم ما ستلاقيه بعد أن يحدث الطلاق، لاختارت الموت ألف مرة على ذلك، ومن تلك الصور ما حدث ليّ شخصياً مع إحدى صديقاتي، التي تطلقت حديثاً، نتيجة تعذيب زوجها لها، لتختار الخلاص على هذا الوضع المزري، لكنها بعد حدوث ذلك، وجدت نفسها أمام مجتمع رافض لها وكأنها نكرة".