المكان كفضاء للتصورات والسفر الإضماري للروح، مكون بنيوي يحتل حيز النفاذ باشتغاله على تخوم الامتلاء ومتعلقات الكثافة. للمكان حتمية ذات أبعاد جبرية تنسج شبكة من الرؤى والمفاهيم والمقولات في حياة الإنسان، تترتب عليها سلسلة من الإشكالات ذات العلائق قائمة على شبهة التناسل والالتباس. للمكان هندسته الجينية، التي تحدد طبيعة سكان هذا المكان. وفي منظوري فإن مترتبات الخبرة في محيط الأعرابي تنهض على خريطة الصحراء بكل مدركاتها الموجبة وتضاريسها المؤثرة في قارة الذات. أستطيع أن أحدد هنا السراب كمقولة بصرية تمثيلاً لا حصراً أثرت على الأعرابي كثيراً في رحلته مع شقاء العطش وهو يخبط التيه على غير هدى بحثاً عن الماء. من هنا نرى العلاقة الحدية مع الأشياء والرفض المطلق للمنطقة التدرجية، إذ ليس ثمة قواعد نسبية في حياته. إما الأبيض وإما الأسود. إمّا الماء وإمّا الموت!