كلّ الإذاعات تغتال يومك في نشرة التاسعة تلعلع منعطفات المدن وفي الصمت نمتشق الصوت من غمده ونرتجل الحزن جرحاً يرن يقولون يا وطني فيك دفء جذور الحياة يقولون.. لكنني لا أرى غير صمت اللغات بنا في منافي الشتات وانتحار النشيد كلّ اخضرارك بين الخليج الحزين وذاك المحيط البعيد مدى للكوابيس ما أوحش الحلم إذ يستباح شريطاً ليومٍ بغيض تلك أحياؤنا في هجير التضاريس أحشاؤها تتضور أعشاشنا مدن تتناسل أشلاؤها في إسار المتاريس مياديننا بملايينها تتكوّر تنزّ بأعيننا الضارعة مناجم ملح.. ونبع جراح نصلي ونسلم أرواحنا للمزيد من الموت في صور تتكرر آه من الوهم.. نسرق أحلامنا من قواميس أمسٍ مجيد وخلف اهتراء القواميس سيل الهجاء الرثاء الغناء البكاء تباريحنا والمدن تنشج بغداد.. تنشج بيروت تسأل تونس شط طرابلس من سيموت؟ وترسل غزة آخر أخبارها حذافير أحجارها لا تفل الحديد و لا تستعيد البيوت و لا من جديد من الموت للموت جسر طويل مديد وما من جديد يهدّئ غم المسافر في الحزن بين الرباط, المنامة يمر بسرت, أغادير, بر الصعيد, دمشق, الثغور، تخوم تهامة, عيون بنات المكلاّ, مضيق عدن لماذا تناوش أمواجه حثالة تلك السفن؟ تراوح في أمسها حضرموت وترعد صنعاً وتبكي عدن «بمأرب كان زمان سعيد» وحالت جفافا نخيل اليمن من الماء للماء دمع يفيض ونوح الثكالى ملامة شبعنا وقوفاً بكاء على طللٍ ودمن فكل الرواسخ قهرا تميد وكل النخيل انكسارا تئن تزلزلنا في هدوء البيوت في ربكة الساعة الموجعة كأن العروبة حمل كفن كأنك تغتالنا بوجودك في القلب يا وطنا لم يهن كأنك موت يطاردنا وفي النسغ نصل الجليد يحاور في القلب صبراً يغيض والقلب هم وطن هنا في تقاطع أصدائك الموجعة سئمنا احتراف السراب اهتراء زمن من يقايض صمتاً بعيد ويزرع فينا القصيد؟ ألفنا تسوّل أفراحنا في المنافي نزيف القوافي التشظي على القارعة بين الصدى والتواريخ يا وطني والنداء البليد رضينا بأصداء أمس تليد تلبس أصداؤنا الضائعة احترفنا الأهازيج والشوق والغصة الدامعة ونهرب نسرق ومض الزمن متى نستعيد صفاء الوطن؟ متى نستعيد صفاء الوطن؟