انخفضت درجات الحرارة في منطقة حائل أمس إلى ما دون الصفر المئوي، وغطى الصقيع زجاج البيوت والسيارات فجراً، مع انقلاب مقياس الحرارة إلى"السالب"، ونشوء"الحليت"في مزارع البرسيم، وسط مخاوف مزارعي المنطقة من موجة برد تدمّر محاصيلهم، كما حدث العام الماضي. وأدت موجة البرد التي ضربت المناطق الشمالية في السعودية العام الماضي إلى خسائر كبيرة للمزارعين، قدرها رئيس جمعية الزراعيين التعاونية في منطقة حائل خالد الباتع حينها بخراب البيوت المحمية بنسبة 100 في المئة، فيما بلغت نسبة الضرر الذي لحق بمزارع الحمضيات أكثر من 60 في المئة و80 في المئة من محصول البطاطس، للتجاوز التقديرات الأولية لإجمالي الخسائر 50 مليون ريال. وقال المزارع ناصر الشمري:"نحن متخوفون من موجة برد تؤدي إلى فقدان المحصول بالكامل، مثل ما حصل العام الماضي"، مضيفاً أن المزارعين باتوا يتابعون النشرات الجوية باهتمام طوال العام، لتأثير الأجواء المباشر على زراعتهم،"نتابع توقعات الرياح عند بدء الزراعة، لتأثيرها على تطاير البذور، كما نتابع توقعات هطول الأمطار وموجات البرد في فترة نضج المحصول". يذكر أن موجة برد العام الماضي هبطت بدرجات الحرارة إلى مستويات متدنية وصلت إلى 9 تحت الصفر المئوي، وأدت إلى وفاة عدد من الأشخاص منهم طلاب مدارس، ما دفع عدداً من الأهالي إلى منع أبنائهم من الدراسة خوفاً عليهم من البرد. وعممت حينها إدارة التربية والتعليم في منطقة حائل على مدارس المنطقة بإلغاء الطابور الصباحي في المدارس المستأجرة المكشوفة، وأدت موجة البرد إلى نفوق عدد من المواشي بعد هبوط درجات الحرارة، وإلى تكسر عدد من مواسير المياه بعد تجمد المياه بسبب عملية التمدد والتقلص داخل الأنابيب. وكانت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أطلقت أول من أمس تحذيراً إلى المواطنين والمقيمين، نبهت فيه إلى أن تياراً هوائياً بارداً قادماً من سيبيريا، يسهم إلى حد كبير في تدني درجات الحرارة، وتكوّن الصقيع على بعض المناطق، خصوصاً الشمالية الوسطى، متوقعة أن تعيش معظم مناطق السعودية الأجواء الباردة خلال الفترة المقبلة. من جهته، توقّع مدير الإدارة العامة للطوارئ في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة طارق عشماوي في حديث مع"الحياة"أن تصل درجة الحرارة في منطقة الرياض خلال الأيام الخمسة المقبلة إلى"الصفر"، بسبب موجة البرد القارس الآتية من شمال السعودية. ورجح عشماوي استمرار موجة البرد التي هبت على منطقة الرياض أول من أمس إلى الاثنين المقبل، لتعود الأجواء مرة أخرى إلى الدفء الثلثاء المقبل، مشيراً إلى تكوّن سحب الأسبوع المقبل، قد تكون ممطرة على المناطق الشمالية الغربية. وتوقّع عشماوي انخفاضاً في درجات الحرارة يصل بها إلى ما دون 4 درجات مئوية في المناطق الشمالية، محذراً من تكوّن الصقيع في الشمال. وأكد عشماوي تأثير موجة البرد الحالية على الإنسان والبيئة أيضاً، خصوصاً في المناطق الشمالية الشرقية وشمال المنطقة الوسطى، وتكون تلك الأجواء مثيرة للأتربة أيضاً، خصوصاً بعد أن كانت المنطقة بشكل عام مشبعة بالأمطار الماضية. وأوضح عشماوي أن هناك طبقة طينية تتكون فوق سطح التربة التي ستكون ناعمة وخفيفة، بحيث تكون في ما بعد سهلة الانتشار مع تزايد سرعة الرياح، ما سيؤثر في الجهاز التنفسي للإنسان. وذكر عشماوي أن الأجواء بشكل عام ستدخل مرة أخرى في عملية التسخين بحيث تعود الأجواء تحديداً في المنطقة الوسطى إلى طبيعتها الأربعاء المقبل، وتعود درجات الحرارة إلى معدلاتها التي كانت عليها في الأسبوع الماضي، فيما تبقى الأجواء باردة في الشمال نوعاً ما مقارنة بأجواء الأسبوع الماضي. تكاليف كبيرة بسبب الصقيع تبخرت جهود وأموال بعض المزارعين في نجران مع برودة الجو. فيما سارع مزارعون آخرون إلى تغطية مزروعاتهم خوفاً من فتك البرد بها، في محاولة منهم لتقليل الأضرار، خصوصاً أن البرد لا يزال في بداياته. يقول فارس محمد:"ذهب جهدي ومالي أدراج الرياح بعد أن أتلف البرد مزرعتي التي تعبت كثيراً في زراعتها، علماً أنها تساعدني في تأمين حاجات أسرتي، بما أبيعه من محصولها". ويضيف:"اعتنيت بها من ناحية الأسمدة ومكافحة الآفات الزراعية وسقايتها وتوفير وقود الديزل، ممنياً نفسي بكسب جيد من بيع المحصول، إلا أن الأماني ذهبت أدراج الرياح بعد ليلتين قارستي البرودة". ويتابع:"قبل يومين، ذهبت كالمعتاد في الصباح الباكر إلى مزرعتي، فأصبت بالصدمة بعد أن رأيت مصدر عيشي وقد تلف، جراء موجة البرد، ولم أصدق ما رأيت، إذ بدا الزرع وكأن أحداً أحرقه". ويقول حمد محمد سارعت إلى شراء أغطية لعلها تحمي مزرعتي من البرد، وقمت بتغطية المزروعات وكلفني ذلك الكثير لأن الفتك بالمزرعة سيكلفني أكثر، فقد فقدت محاصيل مزرعتي العام المنصرم بسبب البرد، وخسرت الكثير جراء ذلك. وقال إن تلف المزروعات يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق بشكل كبير جراء ندرة المعروض. وفي سوق الخضراوات الواقعة في أبا السعود في نجران لوحظ ندرة المعروض الجيد من الخضراوات بسبب البرد، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ. يقول يحيى أحمد وهو بائع خضراوات في السوق، إن موسم الشتاء كثيراً ما يؤثر في السوق، إذ يقل توريد المحاصيل بسبب البرد، وما يسببه من تلف للمزروعات، الأمر الذي يجعل الأسعار في ارتفاع طردي مع أضرار البرد.